سكان الفلوجة يخشون العودة إلى "مدينة الملعونة" رغم رحيل عناصر "داعش"

كتب: (أ ف ب) -

سكان الفلوجة يخشون العودة إلى "مدينة الملعونة" رغم رحيل عناصر "داعش"

سكان الفلوجة يخشون العودة إلى "مدينة الملعونة" رغم رحيل عناصر "داعش"

عندما طلب منها ابنها ذو السنوات الخمس قتله ليتخلص من الجوع الشديد الذي يعاني منه، شعرت أم عصام أنها إذا غادرت الفلوجة، فلن تعود إليها على الإطلاق.

وأعلنت القوات الأمنية العراقية، الأحد الماضي، انتهاء المعارك في الفلوجة وفرض السيطرة الكاملة على ما كان معقلا أساسيا لتنظيم "داعش" الإرهابي، بعد شهر من عمليات عسكرية مكثفة داخل المدينة وحولها.

وقالت السلطات إن الدمار الذي لحق بالمدينة كان محدودا، وتعهدت بالسماح بعودة عشرات آلاف المدنيين إلى منازلهم حال الانتهاء من تنظيفها من القنابل والمتفجرات المزروعة في المنازل.

وعاشت أم عصام (42 عاما) أكثر من عامين من الجوع والحصار في ظل وجود التنظيم الإرهابي المتطرف، وتعتبر أنها لا يمكن أن تعيش بسعادة مجددا في الفلوجة، وتستذكر قائلة "والله ابني، 5 سنوات، طلب أن أقتله لأنه كان جائعا جدا ولم يعد يتحمل".

وخضعت أم عصام للإجهاض قبل أشهر قليلة، نتيجة الهلع والخوف جراء تعرض مبنى قريب من بيتها، إلى ضربة جوية، وتقول السيدة وهي تحمل أحد أطفالها التسعة في عامرية الفلوجة، التي لجأت إليها مع عائلتها بعد بدء الحملة العسكرية على الفلوجة القريبة: "حدثت فوضى وشعرت برعب، وفقدت توأما، ولم يكن لدي طعام واضطررت إلى التوجه إلى المستشفى".

كانت أم عصام تتحدث على مقربة من أحد مخيمات النازحين التي يتولى المجلس النروجي للاجئين إدارته، وتأمين مواد أساسية لنازحين جدد فيه، وتقدم لكل خيمة تسكنها عائلة واحدة، مجموعة من المواد الأساسية تشمل معدات للطبخ ومصباح خيمة وفرشا للنوم وحاوية لخزن الماء.

وتقول أم عصام: "هنا نستطيع البقاء، رغم أن الجو حار ونتعرض لعواصف رملية، ولا يوجد ماء أو طعام كاف، ولا أريد العودة، مررنا بالكثير، الأمريكيون والقاعدة وداعش ومجاعة، ولا أدري ما سيكون هناك بعد ذلك، هذه مدينة ملعونة، ولن أعود إليها".

ورغم انتهاء العمليات العسكرية بشكل شبه كامل في المنطقة، استمر تدفق النازحين، الأمر الذي أدى إلى تصاعد حدة الأزمة الإنسانية، ودفع ارتفاع درجات الحرارة التي تصل إلى 45 ونقص المواد الأساسية منظمات الإغاثة للتحذير من كارثة وشيكة.

ووصلت كفاح صالح مع عائلتها إلى المخيم منذ 10 أيام، لكنها حتى اليوم لم تحصل على خيمة للنوم تحتها، وافترشت المرأة وأطفالها بطانية سوداء لطختها الأوساخ لتنام في العراء أو تستند معهم إلى جدار قريب لمسجد المخيم، الذي مازال قيد الإنشاء.

وتقول "زوجي يعمل في المخيم للمساعدة في نصب الخيم، لكننا لا نملك خيمة خاصة بنا، هل تتخيل؟"، وتضيف السيدة التي نزحت وعائلتها من منطقة الصقلاوية (شمال غرب الفلوجة): "منطقتنا ليست آمنة، ولا أتوقع أنها ستتحسن".

وأكد رئيس الوزراء حيدر العبادي، لدى إعلانه النصر متحدثا من وسط الفلوجة، أن جهودا تبذل ليتمكن المدنيون من العودة، وقال "إن شاء الله، سوف تتم إعادتهم إلى مناطقهم بعد أن نضمن أن المنازل آمنة وليست مفخخة".

وتقول كيفية "اختفى عدد كبير من الرجال، وبعض جيراننا ذبحوا على يد الحشد الشعبي"، في إشارة إلى الفصائل الشيعية المدعومة من إيران التي تقاتل إلى جانب القوات الحكومية العراقية.

وتضيف بصوت حزين "لا أدري تماما ما حدث لمنزلنا، لكن في كل الأحوال، أصبح الآن في منطقة عسكرية، أنا خائفة مما قد يحدث بعد ذلك، وإن شاء الله لن أرجع ، سأبحث عن مكان آخر آمن، ربما أربيل أو السليمانية في كردستان شمال العراق".


مواضيع متعلقة