أعراض وعلاج الـ"كتاتونيا" و"الاضطراب الانشقاقي" أمرض "نيللي كريم" في "سقوط حر"

02:58 م | الأحد 12 يونيو 2016

لم تنفصل الدراما يوما عن الواقع، وإنما تسعى إلى تجسيده طوال الوقت والتركيز عن الجوانب الخفية والمهملة، فمن بين العديد من المشكلات اليومية التي يواجهها الجميع في حياته الخاصة، يغفلون عن جانبا مهما، قد تكون لبعضهم أضرار مدمرة، لذلك يحاول صناع الدراما التركيز على تلك الجوانب، خاصة في رمضان الذي يحصد أعلى نسبة مشاهدة.

نيللي كريم ومريم ناعوم وكاملة أبو ذكرى.. ثلاثي درامي جمعهم الاهتمام والتركيز على المشكلات الصغيرة، فبعد أن سلط "تحت السيطرة" الضوء على الإدمان، يركز العمل الفني الحالي "سقوط حر" على الأمراض النفسية التي يولدها المجتمع ويقع ضحيتها العديدون دون أن يعلموا، ففي الحلقات الأولى من المسلسل الذي تتهم فيه ملك الكيلاني "نيللي كريم" بقتل زوجها وشقيقتها معا لظنها بأنهم كانوا على علاقة غير مشروعة، ويتبين أنها مريضة نفسيا.

طوال الحلقات الثلاث الأولى، لم تتفوه "ملك" سوى بـ3 كلمات فقط، وتسيطر عليها حالة صمت شديدة ولا تستجيب لأي من حولها، بينما تسرح في عالمها الخاص وتستعيد ذكرياتها مع شقيقتها القتيلة، ويصنف الأطباء في مستشفى العباسية للأمراض العقلية حالتها بأنها مصابة بالاضطراب الانشقاقي والذهان التخشبي "كتاتونيا".

"الكتاتونيا هي انعدام الحياة لانعدام لحظة أمان واحدة فيها، وقرار بوقف الوجود من شدة الألم والخوف.. هي أعمق درجة من درجات الموت النفسي".. بهذه الكلمات وصف الدكتور محمد طه، استشاري ومدرس الطب النفسي بكلية الطب جامعة المنيا، وزميل الكلية الملكية البريطانية وعضو الجمعية الأمريكية للعلاج النفسي، قائلا إنها من أصعب مراحل المرض النفسي ما يجعل علاجها صعبا أيضا بدور، فضلا عن الاختلاف بين مراحلها لكل مريض.

واستشهد طه، في تدوينته على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، بقول إحدى المريضات الإيطاليات المصابة بـ"Catatonia" بعد علاجها لطبيبها "سيلفانو آريتي" إن من ضمن أسباب مرضها بعدم الحركة والانفصال عن العالم شعورها بالذنب، لاعتقادها بأن "أي حركة هتعملها ولو بسيطة هتلخبط موازين الكون كله، علشان وصل لها طول عمرها أن كل أفعالها غلط، وكل كلامها بيعمل مشكلات، وكل تصرفاتها بتلخبط الدنيا، فقرر عقلها الباطن أن يشل هذا الوجود ويوقف نشاطه ويمنعه من عمل كل شيء وأي شيء، علشان ماتغلطش وماتتعرضش للعقاب وماتحسش بالذنب".

وشرح أن المريض يُصاب بـ"كتاتونيا" بشكل غير واعٍ إثر صدمة نفسية شديدة ويفشل في استعادة آخر مرحلة عمرية شعر فيها بالأمان، ما تجعله يتخذ قرارا شديد الصعوبة بأن ينفصل عن الواقع ويتجه لآخر من صنعه ويفارق الحياة رغم وجوده على قيدها ويغيب عن العالم بمشاعره وأحاسيسه وجسده، فلا يحرك ساكنا، وشبهه بالجماد والنبات الذي لا يتحرك أو يتكلم وإنما يسير وفقا للشخص المرافق له.

"الجنين في رحم أمه بيحس وبيستقبل رسايل كتير من العالم الخارجي، بيوصل له حنان أمه ومشاعرها، ويحس بالحب والعطف والقبول والأمان، أو بالكره والجفاء والرفض والتهديد".. أرجع عضو الجمعية الأمريكية للعلاج النفسي أسباب معظم الأمراض النفسية لذلك الأمر، مؤكدا أن ذلك بناء على آلاف الأبحاث والدلائل الحديثة.

وهو ما أكدته الدكتورة سوسن فايد، أستاذة علم النفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن مريض الكتاتونيا يعيش في عالمه الخاص ومنفصل عن الواقع، ما تجعله لا تقع عليه عقوبة جنائية في حالة ارتكاب جريمة، مضيفة أنه يمكن العلاج منه ولكنه يحتاج إلى فترة علاجية طويلة بحسب درجة كل حالة مرضية، وطبيب متمرس وتهيأة الوسط الاجتماعي والاستعداد البيولوجي، حيث إنه في حالة أي خلل بالعلاج ستؤثر سلبيا على الحالة ويمكن أن تتفاقم.

"الاضطراب الانشقاقي".. هو المرض الثاني الذي اختاره الأطباء لتشخيص حالة ملك الكيلاني التي تجسدها نيللي كريم بمسلسل "سقوط حر"، وهو حالات من عدم الاتزان وفقدان السيطرة وغياب الذهن، تصيب المريض بين الحين والآخر وغيرة مرتبطة بمدة معينة بحسب العوامل المثيرة لنفسه وعقله نتيجة غياب الاستقرار والأمان، ولكن يمكن علاجه أيضا بمساعدة العقاقير ولكنها تحتاج إلى المناخ المناسب، لكونها مرتبطة بكيمياء الدماغ، موضحة أن في حالة ارتكاب المريض جريمة يجب وجود شهود على كونه يعاني من تلك الحالة في نفس الوقت لتفادي العقوبة الجنائية.

الأمراض النفسية تفصل بينها "شعرات بسيطة"، بحسب قول الدكتورة سوسن، متابعة أنها لذلك تحتاج إلى فترة متابعة طويلة ولجنة طبية وكشف كامل لتجميع المتغييرات، لكون كل حالة لها ظروفها الخاصة.

وأشادت بأداء الفنانة نيللي كريم في المسلسل الذي ينقل الحالة النفسية التي يمرّ بها مصابي "كتاتونيا"، فضلا عن الأجواء الحقيقية لمستشفى الأمراض النفسية بالعباسية.