«السيسى» لا يعرف ابن معالى الوزير!

نشأت الديهى

نشأت الديهى

كاتب صحفي

مرة أخرى عادت هذه العبارة الكريهة تطل على المشهد بشكل أكثر استفزازاً، لتُمثل مع غيرها من الظواهر السلبية خرقاً لدولة القانون، رأس الدولة أعلن غير مرة أنه ليس ضد الواسطة والمحسوبية فحسب، بل قرر بكل حسم أنه سيقتلعها من جذورها للقضاء على شجرة الفساد وكلف الحكومة وجميع الأجهزة الرقابية بالتصدى لأى محاولات لخرق قواعد القانون من خلال ثغرات الواسطة والمحسوبية والاستناد بالحق أو التدليس إلى مسئولين فى الدولة.. تبرّأ الرئيس من كل هذه الظواهر، وبدا يحاربها بحسم وقوة، لأنه لا يعرف إلا دولة القانون.. لا يعرف أحداً مهما علا شأنه، لذلك وجدت نفسى غير مقيد وغير مضطر إلى الصمت أمام واقعة غاية فى الاستفزاز والخطورة والشعور بالإحباط، هذه القصة حدثت بالفعل منذ أيام قليلة وللأسف الشديد كانت بدايتها (انت عارف انت بتكلم مين؟ انت عارف أنا ابن مين؟ انت عارف بابا يبقى مين؟) الحكاية بدأت عندما لمحت القوة الشرطية المنوط بها حماية أحد المرافق الحيوية سيارة تقف فى مكان غير مخصص لانتظار السيارات داخل هذا المرفق الحيوى، ولا يوجد بها أشخاص، فهرعت القوة الشرطية وأحاطت بالسيارة واستعانوا بقوات المفرقعات والدفاع المدنى للتأكد من عدم وجود مفرقعات أو مفخخات داخل السيارة التى تقف بشكل مريب فى مكان خطير داخل مرفق حيوى جداً جداً، بعد الفحص والتأكد من عدم وجود مفرقعات أو ما يُقلق، انتظر رجال الشرطة جانب السيارة حتى وصل ثلاثة أشخاص (اثنان أجانب وواحد مصرى)، دار حوار بين ضابط الشرطة والشاب المصرى.

الضابط: حضرتك دخلت هنا إزاى؟

الشاب المصرى: معايا تصريح دخول.

الضابط: ممكن أشوف التصريح، بس السيارة فى كل الأحوال غير مسموح لها بالوقوف فى هذا المكان، وكمان مفيهاش حد.. ده ماينفعش إطلاقاً.

الشاب المصرى: انت مش عارف أنا مين وابن مين؟

الضابط: ماعرفش ومش عاوز أعرف، أنا هنا علشان حماية المرفق وتطبيق القانون على الجميع وباحترام.

الشاب المصرى: طب هتشوف أنا هاعمل فيك إيه.. اعتبر نفسك منقول من هنا.

الضابط: عيب، مايصحش، واتكلم بذوق.

هنا حدثت مشادة وعلو صوت وتشابك بالأيدى بين الضابط والشاب، تدخّل على أثرها قائد الشرطة الموجود فى المكان، وتم تهدئة الموقف تماماً، وقام الرجل بشرح الخطأ الجسيم الذى حدث من الشاب، وبأن الضابط لم يقم إلا بواجبه تماماً، وتم تحرير مذكرة صلح بين الطرفين.

إلى هنا يمكن أن تمر الواقعة.

لكن الذى لا يمكن أن يمر هو ما حدث بعد ذلك، حيث قام الشاب بالاتصال بوالده (أحد الوزراء)، وشرح له كيف أنه تم الاعتداء عليه أمام مستثمرين أجانب، وأنه وأنه..!

الوالد الوزير، أو الوزير الوالد، اتصل فوراً برئيس الوزراء، وشرح له كيف تم الاعتداء على ابن معالى الوزير، فقام السيد رئيس حكومة مصر بالاتصال بوزير داخلية مصر، الذى قام بدوره بالاتصال بمساعده الذى وقعت الواقعة فى نطاقه، ولا ندرى ماذا تم أثناء هذه الاتصالات، لكننا ندرى النتائج، حيث تم نقل الضابط وقائده، وتم خصم يومين من الضابط ويوم من القائد!

هنا تتبادر أسئلة كثيرة وتساؤلات مريرة.. أبسطها كيف تُدار الأمور فى مصر؟ مصر ليست ملكاً للوزير وابنه، وليست ملكاً لرئيس الحكومة، وليست ملكاً لوزير الداخلية.. مصر ملك المصريين.. مصر دولة قانون رغم أنف المتجاوزين.. فلدينا رئيس يتقى الله ويحترم القانون والدستور ولا يقبل أى تجاوزات من أى شخصية مهما علا شأنها أو مركزها.

السؤال الأخطر.!!!!

ابن معالى الوزير يعمل فى شركة أجنبية، تعمل هذه الشركة فى نطاق مسئولية السيد الوزير.. أليس هذا مثيراً للشبهات فى وقت يرفع فيه الوزير نفسه شعارات (اتقوا الشبهات)؟ ألا يمثل هذا استغلالاً للنفوذ؟ أنا فقط أتساءل: ألا يُمثل هذا نوعاً من الفساد؟