بروفيل| شاهندة مقلد رحيل مناضلة

كتب: محمود حسونة

بروفيل| شاهندة مقلد  رحيل مناضلة

بروفيل| شاهندة مقلد رحيل مناضلة

آن لشاهندة أن تستريح، الآن تغمض «المناضلة الثورية» عينيها للمرة الأخيرة، فيما تستقر قدماها اللتان أنهكهما جرى السنوات الطويلة، داخل الكفن الأبيض، لن تظهر «شاهندة» مرة أخرى فى مظاهرة، ولن تستضيفها الشاشات، لتتحدث عن سنوات النضال على مدار تاريخها الطويل، بعد أن غيّبها الموت مساء أمس الأول عن عمر ناهز 78 سنة، بعد صراع طويل مع المرض.

فى قرية كمشيش التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية، فتحت شاهندة مقلد عينيها للمرة الأولى فى عام 1938 لتجد نفسها ابنة لضابط شرطة تفرض عليه ظروف وظيفته أن يتنقّل من قرية إلى أخرى، وحين يستقر به المقام فى مسقط رأسه، تكون الصغيرة قد كبرت، ويكون وعيها تفتّح، وهى ترى صلاح حسين، ابن عمّتها الشاب يطوف شوارع القرية محمولاً على الأعناق، متزعّماً المظاهرات ضد المستعمر البريطانى، وضد الإقطاع، يتعلق قلبها بقريبها الشاب، ولا يمضى وقت طويل حتى يتزوجا، وتنجب له «وسيم وناجى وبسمة»، ثم تندلع مواجهات دامية فى كمشيش بين أهالى القرية والإقطاعيين بها، فى أعقاب تصفية ثورة 1952 للإقطاع وتوزيعها الأراضى على الفلاحين، وفى النهاية يلقى «صلاح» حتفه مقتولاً، فيما تتعهد الزوجة الشابة بمواصلة النضال من بعده.

أكثر من 15 عاماً كاملة و«شاهندة» لا ترتدى إلا السواد، حداداً على مقتل الزوج الشاب، الذى صارت ذكرى وفاته فى أبريل 1966 مناسبة سياسية مهمّة يتجمّع فيها أصدقاؤه ومعارفه من أنحاء مصر، ليحيوها فى كمشيش، واصلت «شاهندة» النضال، وحملت على عاتقها استرداد حقوق الفلاحين بعد أن انتُزعت منهم بالقوة، وجاء الصدام المتوقع مع نظام «السادات» لتعرف الأرملة الصغيرة طريقها إلى المعتقلات، وعندما يرحل «السادات» تودع «شاهندة» المعتقل إلى الأبد، غير أنها تواصل النضال على خُطى صلاح حسين.

لا تتوقف المسيرة، ولا يتوقف الألم والحزن، تستعيده «شاهندة» مرة أخرى فى عام 2008، عندما تعثر الشرطة الروسية على جثمان ابنها «وسيم» مقتولاً على يد زوجته الروسية بعد أكثر من 6 أشهر مرت على اختفائه هناك، حيث كان يسكن ويعمل، تُكفكف المناضلة دمعها، فيما تشارك بكل كيانها فى ثورة 25 يناير 2011، وعندما تندلع المواجهات مع الإخوان فى أعقاب تولى محمد مرسى رئاسة الجمهورية، تتصدّر المشهد، وتصبح صورتها، وأحد أعضاء الجماعة يغلق فمها بالقوة، محرّضة الجماهير على النزول ضد «مرسى» ونظامه فى 30 يونيو 2013، ليسقط هو وجماعته، ويرحلون إلى غير رجعة.

 


مواضيع متعلقة