شاهندة مقلد: المرأة أكثر وطنية من الرجل منذ القدم ومشاركتنا غير المسبوقة فى الثورة أسقطت «حاجز الخوف»

كتب: هدى رشوان

شاهندة مقلد: المرأة أكثر وطنية من الرجل منذ القدم ومشاركتنا غير المسبوقة فى الثورة أسقطت «حاجز الخوف»

شاهندة مقلد: المرأة أكثر وطنية من الرجل منذ القدم ومشاركتنا غير المسبوقة فى الثورة أسقطت «حاجز الخوف»

شاهندة مقلد، المناضلة المستمرة فى طريق الثورة منذ أكثر من 65 عاماً حتى الآن، حصلت على شهادة الإعدادية، ولم تكمل الدراسة، منعها نظام السادات من دخول قريتها «كمشيش» فكانت تذهلهم بوجودها فى مؤتمر فلاحى كمشيش فى 30 أبريل؛ ذكرى استشهاد زوجها المناضل صلاح حسين، ترى شاهندة أن الثورات غيرت شكل الحركة النسائية فى مصر، فبعد أن كانت تقتصر على الطبقة العليا والمتوسطة ضمت الفقيرات وربات البيوت، مما جعل مشاركتها السياسية غير مسبوقة فى كل الاستحقاقات الانتخابية والدستورية. وفيما يلى نص الحوار:

{long_qoute_1}

■ هل زاد شعور نساء مصر بالوطنية خلال الـ٥ سنوات الأخيرة؟

- وطنية المرأة المصرية موجودة على امتداد التاريخ، لكن مشاركتها السياسية أصبحت غير مسبوقة منذ ٥ سنوات، وأهم مكاسب نضال المرأة فى هذه الفترة، أنه استقطب عناصر جديدة وقوى لم تكن موجودة من قبل.

■ ما شكل العناصر الجديدة التى انضمت للنضال النسائى؟

- قديماً كان أكثر أعضاء الحركة النسائية من الطبقة العليا والمتوسطة والمتعلمة، لكن بعد ثورة ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، استقطبت الحركة كل المصريات من ربات البيوت والجدات والفلاحات والنساء فى المناطق الشعبية، والجميع شارك ليس فقط فى الانتخابات، وإنما فى الاستفتاءات على الدستور والانتخابات الرئاسية، وكل الاستحقاقات السياسية، وأعتقد أن هذا التغير أكسبها قوة فى المرحلة الحالية والمقبلة.

■ فى رأيك ما سبب هذه المشاركة غير المسبوقة من النساء؟

- السبب الرئيسى هو سقوط حاجز الخوف لدى الجميع، نساء ورجال، والنساء أدركن أنهن يمكن أن يغيرن، خاصة أن لديهن حواساً خاصة يستكشفن منها الحقائق، وهذا كان السبب الرئيسى وراء خروجهن.

■ هل الخروج المكثف للسيدات يعتبر نوعاً من التراجع للمجتمع الذكورى فى مصر؟

- أحب أن أوضح أن النساء منذ القدم كن أكثر وطنية من الرجال، وقد اختبرت ذلك فى معارك الفلاحين ضد الإقطاعيين، حيث كانت المرأة المصرية هى «فؤادة» فى «شىء من الخوف»؛ دائماً فى المقدمة، و«الرجالة قاعدين منتظرين من يحركهم»، لأن المرأة تسبق الرجل فى التحرك والتصرف، وهى من تزرع الوطنية فى الرجل.

■ ما أهم مكاسب المرأة التى تحققت من مشاركتها السياسية غير المسبوقة؟

- ليست مكاسب كبيرة، لأن النظرة الذكورية لا تزال هى أزمة المجتمع المصرى، لكن وجود المرأة المصرية بهذا العدد فى البرلمان شىء يحدث لأول مرة فى مصر فى انتخابات نزيهة، وقد شهدنا بأنفسنا المرأة تهزم الإخوان والحزب الوطنى والمال السياسى فى الدوائر، كما فازت فى مناطق شعبية مثل إمبابة، وهذا دليل على أنها أقنعت الرجال بقوتها وقدرتها على تحقيق مطالبهم.

■ لماذا تقولين إن الوطنية أنثى؟

- لأن المرأة هى من تلد وتربى على النضال، وهى رمز الخصوبة والنماء، ودونها لن يكون هناك رجال.

■ لماذا زادت مشاركة النساء فى ٣٠ يونيو عن ٢٥ يناير؟

- لأن النساء بقدرتها على الاستشعار رأت الوجه القبيح للإخوان منذ البداية، منذ أن أرادوا أن يسلبوا المرأة حقوقها التى كافحت من أجلها سنين طويلة، وعرفت أنهم طوفان سيغرق البلد بأكمله ويريدون العودة بهن إلى عصر الجاهلية.

{long_qoute_2}

■ لأول مرة نرى الجدات فى النضال النسائى.. لماذا؟

- الجدة فى مصر هى الوتد، وهى من ذوات الخبرات، وفى الصعيد على سبيل المثال الجدة تحكم وتأمر، وخوفهن وقلقهن على أسرهن وأبنائهن وأحفادهن، وعلى وطنهن كان السبب فى النزول، خاصة مع الدور المهم الذى لعبه الإعلام فى التوعية فى المرحلة الأولى للثورة.

■ ما تفسيرك لسر الشعبية النسائية للرئيس السيسى؟

- شعبيته ليست نسائية فقط، وإنما من جموع الشعب الذين كان لديهم إحساس بأنهم أنقذوا البلد الذى كان على شفا حفرة من النار، وفى كل مكان كانوا يطالبون بنزول الجيش، إلى أن جاء السيسى والجيش وشد البلد قبل السقوط، وأعتقد أن الرئيس السيسى استطاع أن يحصل على ثقة الناس لأنه طاهر الثوب «ومعلهوش ذلة لحد»، كما أنه يستخدم الخطاب الإنسانى وهو يمس المرأة أكثر من الرجل، لأنها أكثر تأثراً بالعواطف، كما أن النساء لا تنسى الجميل، ويعتبرن جميل السيسى لمصر ديناً فى رقابهن، لذا يدعمنه ويقفن بجواره.

■ رغم نضالك فى الشارع فإنك ترفضين النزول فى الوقت الحالى؟

- المناضل الحقيقى هو من يكون على اقتناع تام بما يفعل، وأنا دفعت حياتى وعمرى كله لنضالى فى قضية، فالنضال اختيار وطنى، وما أريد التأكيد عليه أن من ينزل يتحمل نتيجة نزوله، وهناك قانون يمنع التظاهر فى الوقت الحالى، فمن سينزل سيتم القبض عليه لأنه خالف القانون.

■ هل أنت مع قانون التظاهر؟

- لا.. أنا أرفض قانون التظاهر وأطالب بتعديله بوسائل صحيحة وسليمة، لكن حتى يتم تغييره لا بد من احترامه، حتى لا يتم استغلال الموقف لصالح الإخوان.

■ ولكن هناك من انتقدك فى هذا الرأى وثار عليه؟

- نحن نسينا أن الشباب نزلوا يوم ٢٥ يناير، واتخذوا الخطوة الأولى دون أن يعرفوا الخطوة الثانية، فجيل كامل مغيب الوعى والثقافة نزل الميدان، وبعدها تصور أنه قائد البلد، دون فهم لمن يستغلهم.

■ من رمز النضال النسائى لدى شاهندة مقلد؟

- فى فترة الصغر كانت الفرنساوية «جان دارك» بطلة قومية فرنسية، وأصبحت فيما بعد قديسة تابعة للكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وكانت فتاة ريفية بسيطة أنقذت فرنسا من الهزيمة فى أحلك فترات حرب المائة عام مع إنجلترا، ورغم أنها لم تتعلم القراءة والكتابة، فإنها تأثرت بوالدتها ونشأت كاثوليكية متدينة، وساعدت الملك تشارلز السابع لطرد الإنجليز، وفعلاً ذهبت بجيشها وخلصت أورليانز من الحصار، وتمكنت من طرد الإنجليز.

{long_qoute_3}

■ ومن المصريات؟

- هدى شعراوى التى أُعجبت بقصتها فكانت ربيبة أكبر بيوت مصر الذين عُرفوا بالثراء والتأثير الواسع فى الرأى العام.

■ هل هناك مناضلات شابات؟

- لا تعليق، وأتمنى للجميع النضج، وإن كنت أحب شيماء الصباغ وكنت أراها من الشباب ذى القدرة على استيعاب الموقف، وكانت لا تريد النزول، ونزلت امتثالاً لرغبة زملائها، لذا قلت إنها تحمل وزرها.

■ من أول من أثر فى شخصيتك النضالية؟

- كنت تلميذة فى ثالثة إعدادى بمدرسة شبين الكوم، وفى هذه المدرسة التقيت بمدرسة يسارية هى «أبلة وداد مترى»، وكانت تفيض حماساً وحيوية، وقد أحببتها، لكن كانت هناك همسات من زميلاتى تقول إن «أبلة وداد شيوعية»، مما جعلنى أتعلق بها وأطاردها لأعرف ماهى الشيوعية، وأول كتاب أعطتنى إياه «أبلة وداد» كان «أصل العائلة»، لكن لم أفهم حرفاً منه، فأعطتنى كتاباً آخر أكثر تعقيداً، ولاحظ صلاح ابن عمتى ذلك فأعطانى كتاب الاقتصاد السياسى من تأليف ليونيتيف، واستطعت أن أقرأ وأفهم. لكن كان أمامى حاجة واحدة أنها تبقى مرتبطة بالدين الإسلامى، فأنا مسلمة ولكن أومن بالتغيير والمعرفة، وبفضل «أبلة وداد» أصبحت أنا وصلاح ماركسيين على الطريقة الكمشيشية؛ نعيش مع فلاحى كمشيش ونناضل معهم يوماً بعد يوم.


مواضيع متعلقة