إرادة التغيير.. وإدارة التغيير

إيهاب فكري

إيهاب فكري

كاتب صحفي

«وحياتك لأفضل أغير فيكى لحد ما ترضى عليه».. هكذا غنّى محمد منير فى أحد المكتسبات الفنية لثورة 25 يناير، إن عبقرية هذه الأغنية فى عنوانها: (إزاى؟)، وإنها لمصادفة عجيبة أن تدعو كلماتها للتغيير، فى حين أن عنوانها يتناغم مع أحد تعريفات الإدارة، والتى هى بطبيعة الحال ضرورة حتمية للتغيير، فنجد أن أحد تعريفات الإدارة الحديثة تقول: الإدارة هى فن وعلم الكَيف.. أى أن الإدارة هى فن وعلم (إزاى؟)، وبما أن إرادة التغيير تحتاج للإدارة، إذن فكلمة السر فى التغيير الذى نأمله جميعاً لمصر هى عنوان الأغنية: إزاى؟.. فشكراً للفنان محمد منير! إن نجاح الفرد والمجتمعات على السواء لا يكون، بعد توفيق الله تعالى، إلا بالقدرة والرغبة، ونحن فعلاً نمتلك الرغبة فى التغيير «الإرادة »، ولكن للأسف ينقصنا الكثير حتى نستطيع أن نقول إننا نمتلك القدرة على التغيير أو «الإدارة ».. ومع أن الفرق بسيط فى تبادل الدال مع الراء بين الكلمتين، ولكنه كبير فى المعنى، ذلك لأن الحياة فى مصر لن تتغير لمجرد أننا امتلكنا يوماً إرادة قوية وحقيقية، هذا فقط نصف الطريق، إنما سيكتمل الطريق، بإذن الله، عندما نعمل فعلاً على إدارة هذا التغيير، وكيف يكون ذلك؟ يكون من وجهة نظرى فى إنشاء جهاز مستقل لإدارة عمليات التغيير فى مصر، هذا الجهاز قد أصبح ضرورة حتمية لا نستطيع تحمل كُلفة تجاهلها، فليس من المنطق أن نتحمّل طواعيةً سلبيات التنفيذ العبثى لقرارات التغيير، فى حين أن الإدارة الحديثة ما زالت تمد لنا يد العون فى كل صباح بينما نحن عنها راغبون، علينا أن نتذكر جيداً أن شعب مصر قد ثار من أجل التغيير ولم يقم أبداً بثورة من أجل قرارات وتصريحات ووعود التغيير!! إن دور هذا الجهاز ببساطة هو: صياغة الهدف من التغيير، التنسيق مع كافة الأطراف المعنية بعملية التغيير، إعداد دراسة تقييم المخاطر لعملية التغيير، تنسيق وصياغة خارطة الطريق للمشروع موضوع التغيير بالتعاون مع الجهات القائمة عليه، السعى لإنهاء الموافقات الخاصة بالمشروع موضوع التغيير والمساعدة فى إعداد الدراسات اللازمة لذلك، متابعة البرنامج الزمنى لعملية التغيير وتقديم تقارير المتابعة للجهات المعنية، عرض موقف مشروعات التغيير على نواب الشعب بشكل شهرى من حيث نسب التنفيذ والتحديات والتأخير والانتهاء لكل مشروع على حدة. مثل ذلك الجهاز سيكون هو الضامن لحسن إدارة التغيير فى مصر، وسيكون أحد أهم العناصر التى تساعد على تسليم الراية من حكومة إلى أخرى بمهنية واحترافية، مما سيؤدى إلى السهر على تنفيذ مشروعات الدولة حتى إن توالت الحكومات والرؤساء خلال فترة العمل عليها، كما سيتعامل نواب الشعب، وكذلك السلطة الرابعة (الصحافة والإعلام)، مع هذا الجهاز كأحد المراجع المعتبرة لتقييم أداء الحكومات والمؤسسة الرئاسية، وذلك من خلال الاطلاع على التقارير التفصيلية الصادرة منه. وأخيراً.. أدعو الله العلى الكريم أن يأتى يوم على بلدى يتغنى فيه فرحاً وفخراً بثمرة ثورة أبنائها.. وأعوذ به من مستقبل نشعر فيه جميعاً بوخز الضمير، لأننا يوماً امتلكنا الإرادة وأضعناها بسوء الإدارة! ملحوظة: سبق أن كتبت مقالاً بنفس المعنى فى أعقاب 25 يناير 2011، وبينما تستعد هذه الأيام قطاعات كبيرة من الشعب، كل بطريقته، للاحتفال بالذكرى الثانية للثورة، وجدت نفسى أعيد كتابته مرة ثانية، وأسأل الله أن تكون الأخيرة!