جمال العربى: على مسئوليتى .. لا توجد مدارس دينية فى مصر

كتب: توفيق شعبان وسمر عبدالناصر

جمال العربى: على مسئوليتى .. لا توجد مدارس دينية فى مصر

جمال العربى: على مسئوليتى .. لا توجد مدارس دينية فى مصر

يرى الدكتور جمال العربى، وزير التربية والتعليم، أن أزمة التعليم فى مصر تمتد جذورها إلى ثقافة المجتمع التى ساهمت فى اختصار واختزال التعليم فى الحصول على شهادة، واختصرت العام الدراسى كله فى فترة الامتحانات، وفى حواره مع «الوطن» بقاعة الاجتماعات بديوان الوزارة قال العربى: إن تطوير المنظومة التعليمية يحتاج 55 مليار جنيه إضافة للمبالغ المرصودة فى الموازنة حتى عام 2017. وينحاز العربى -الذى بدأ حياته مدرسا للرياضيات- للمعلم، ويرى أن الحالة الاجتماعية والمادية له هى التى تجعله مستعدا لإعطاء دروس خصوصية، ويرى الوزير أنه قدم لبلاده الكثير على مستوى التخطيط المستقبلى للتعليم.. وإلى نص الحوار:[Quote_1] * كيف ترى قانون الثانوية العامة الجديد؟ - من وجهة نظرى؛ الأفضل هو تطبيق القانون بدءا من العام الدراسى 2013/ 2014 حتى يخرج كحزمة متكاملة من التعديلات، ولكن صدور القانون من مجلس الشعب وتصديق المجلس العسكرى عليه يلزمنى بتطبيقه من العام المقبل، دون تطوير المناهج على أن تطور من العام الذى يليه. * ما الإجراءات التى ستتخذها الوزارة لتطبيق القانون بدءا من العام المقبل؟ - الوزارة مستعدة لتطبيق القرار بدءا من العام المقبل وبدأت فى وضع عدد من القرارات الإدارية المنظمة للعمل وفق القانون، وبدأت فى وضع المناهج الجديدة للصفين الثانى والثالث الثانوى، والتى تُطبع الآن، وهناك كتب تابعة لنظام العامين وانتهينا من طباعتها، وتدرس على عامين متتابعين مثل الأحياء والجغرافيا والتاريخ، وهناك عدد من المواد الجديدة مثل تكنولوجيا الزراعة وتكنولوجيا الصناعة وإدارة الأعمال، التى سيدرسها الطالب فى العام الدراسى 2013/2014 وليس العام المقبل. * ماذا عن الخسائر المادية التى تتكبدها الوزارة لتطبيق القانون؟ - نحاول تقليص الخسائر بقدر الإمكان، ولذلك فإن الطلاب سيستخدمون بعض الكتب على عامين، حتى نصل إلى ثلث أو ربع المبلغ المقدر لطباعة الكتب وهو 115 مليون جنيه. * فى حال تطور الأحداث على الساحة السياسية.. هل هناك احتمال لتأجيل امتحانات الثانوية العامة؟ - نحن نتعامل مع الأحداث أولا بأول ولدينا تصورات لسيناريوهات مختلفة، فأى أحداث تتعلق بمحاكمة مبارك أو إعادة الانتخابات الرئاسية سنتعامل مع كل موقف على حدة على مستوى المنطقة أو المحافظة.. لا نريد أن نكون نذير شر ولكن إذا كانت الأحداث على مستوى الجمهورية -وهذا لا أتمناه وأرفضه- قد نلجأ لإلغاء امتحانات الثانوية العامة وذلك فى حالة الطوارئ القصوى. * لمدة 19 سنة كنت معلما ثم موجها.. كيف ترى الأزمة الحقيقية للتعليم فى مصر؟ - الأزمة فى كل شئ.. فى ثقافة المجتمع التى ساهمت فى اختصار واختزال العام الدراسى فى فترة الامتحانات، الطالب يبحث عن درجات، الحالة الاجتماعية والمادية للمعلم تجعله مستعدا لإعطاء دروس خصوصية، ثقافة الأسرة التى تريد لابنها أن يكون الأول على الجمهورية، ثم تمتد لضعف المناهج وطرق التدريس غير الجيدة، وكذلك ضعف الأداء التعليمى بوجه عام، إلى جانب أن النواحى المادية لا تعين الوزارة على التطوير. * كيف ترى التجارب الأخيرة لتطوير التعليم فى بعض الدول مثل ماليزيا.. وما النموذج الأمثل لنا؟ - النماذج التى طُبقت فى دول شرق آسيا نحن نأخذ بها الآن، ولكن لا يمكن أن تُطبق كـ«نسخة كربونية»؛ لأنه يجب مراعاة خصوصية الحالة المصرية، فعدد الطلاب فى مصر 18 مليون طالب وهو ما يمكن أن يكون التعداد السكانى لإحدى هذه الدول، إلى جانب فرق الإمكانيات المادية.[Quote_2] * فى تقديرك ما الميزانية التى نحتاجها للنهوض بالتعليم فى مصر؟ - ما لم تتضاعف ميزانية التعليم فى مصر على الأقل لن نحقق تقدما ملموسا، وبشكل عام نحتاج إلى 55 مليار جنيه بخلاف الميزانية لحل مشاكل التعليم وصولا لعام 2017 وذلك لتطوير التكنولوجيا بالمدارس ومحاولة تطوير المناهج بما يتناسب مع العصر. * السلفيون يسيطرون على لجنة التعليم بمجلس الشعب.. كيف ترى تأثير ذلك على العملية التعليمية؟ - لجنة التعليم لا تختلف معنا كثيرا ولا تطرح أمرا إلا بعد المناقشة، وبها كثير من المتخصصين، ولكن هناك بلا شك نقاط اختلاف واجهتنا مثل موعد تطبيق قانون الثانوية الجديد، وهناك مَن يتحدث بـ«عشوائية». * الوضع الحالى للمدارس التى تتبع تيارات دينية معينة هل يمكن أن تتحول لصدام بين مدارس إسلامية وأخرى مسيحية؟ - على مسئوليتى لا توجد مدارس دينية فى مصر.. فالمدارس الدينية هى المتخصصة فى تدريس الدين، ولكن عندما تتبع بعض المدارس جماعات بعينها كرأسمال، وتلتزم بتدريس المناهج المصرية سنصدر لها ترخيصا بصرف النظر عن مالكها أيا كانت انتماءاته (سلفى - إخوانى - شيوعى - رأسمالى)، والوزارة لا ترخص مدارس دينية حتى لا يحدث تأثير على ثقافة المجتمع، ولكن قد يكون هناك ما يتبع الأزهر أو الكنيسة. كما أن هناك مدارس سفارات التى تتبع سفارات دولها لتعليم أبناء جاليتها، ولا تدرس المناهج المصرية إلا فى حالة وجود طالب مصرى تُلزَم المدرسة بتدريس اللغة العربية والتربية الدينية والتاريخ والجغرافيا له. * منذ أيام أعلن الأزهر عن توزيع كتيب فى المدارس لمواجهة المد الشيعى.. ما تعليقك؟ - لم يُعرض على الوزارة ذلك الأمر.. وفى حال حدوثه سنحترم رؤية الأزهر وسيُعالج الأمر من قبل لجنة وضع مناهج التربية الدينية فى إطار المنهج؛ لأن الطالب «مش ناقص كتب». * ما رأيك فى تحذير بعض خبراء التعليم من «خصخصة التعليم»، وأن وراءه جماعة الإخوان المسلمين لامتلاكهم عددا كبيرا من المدارس الخاصة؟ - خصخصة التعليم غير واردة على الإطلاق، والحكومة ملتزمة بالتعليم المجانى من الصف الأول الابتدائى إلى الصف الثالث الإعدادى، ولكن الوزارة لا تستطيع أن تغل يد القطاع الخاص عن إنشاء مدارس متطورة تساعد الحكومة للذى يرغب فى الالتحاق بها، وبصفة خاصة حتى تقدر المدارس الحكومية على تقديم خدمة مميزة، وهو نمط معترف به عالميا. * كيف ترى انتشار عدد من المظاهر الدينية مثل الحجاب والنقاب بين الطالبات القاصرات فى المدارس؟ - فى إطار الزى المدرسى المخصص من قبل الوزارة أحترم أى زى آخر (حجاب أو نقاب)، لأنه يندرج تحت بند الحرية الشخصية، وهذا شىء يرجع للأسرة، واستشهد بالدعوة الأخيرة التى طالب فيها أحد المسيحيين المعروفين بتحشم السيدات المسيحيات. * ما سبب ترشحك لمنصب نقيب المعلمين؟ - ترشحت بناء على طلب عدد من المعلمين وأعضاء النقابات جاءوا إلىّ الوزارة قبل سفرى للكويت، ولم أكن مستعدا لذلك فسحبت الاستمارة وقدمتها قبل غلق باب التقدم بساعات على أن أعيد التفكير فى الأمر كأى معلم. * ولماذا تراجعت عن الترشح قبل وقت قليل من الانتخابات؟ - بعد أن أعدت التفكير وجدت الكثير من الانتقادات التى كُتبت عن جمعى بين سلطتين، وأن ذلك استغلال لمنصبى، ووجدت فى ذلك تجريحا لشخصى وكأننى انتهازى، وهذه ليست آخر نقابة، وانسحبت لإتاحة الفرصة للآخرين. * ما تعليقك على ما يتردد بوجود صفقة مع جماعة الإخوان المسلمين لفوز مرشحهم د. محمد الحلوانى؟ - مَن يتعامل معى يعرف أننى لا أقبل مثل هذه الصفقات «المشبوهة»، ولا أحد يعلم مَن الرئيس القادم لمصر حتى يعقد صفقات معه، و«محدش بيشترى سمك فى مية». * البعض يرى أنك لم تحسن إدارة الوزارة خلال الفترة الانتقالية.. ما تعليقك؟ - كان بإمكانى أن أحدد مجموعة من المهام أقوم بإنجازها نهاية الفترة الانتقالية دون الالتفات للقضايا الاستراتيجية طويلة المدى أو مشاكل المنظومة المتراكمة على مدار سنوات حتى أبدو أمام الشعب أننى أنجزت، ولكن هذا تفكير أنانى لوزير كسول لا تهمه مصلحة الوطن ويفتح الباب للسلبية فى العمل، ولكن من حيث ما قدمته فهو كثير، فقد أعددت لتطوير المناهج ونظام الثانوية العامة، ووضع نظام امتحانى جديد، وكذلك نظام جديد للقبول بالجامعات بدلا من المجموع، ومن حيث أحوال المعلمين تم تعديل القانونين 139 و155، كما تقدمت بمشروع لإنشاء شركة للحراسة والأمن فى المدارس، كما استطعت تغيير المسمى الوظيفى للمعلم، وتثبيت 2000 موظف داخل الوزارة. أستطيع القول أننى عشت «نزيها».. والقرارات التى اتخذتها فى 6 أشهر لم تؤخذ فى سنين ولم أفقد حماسى حتى هذه اللحظة ولست المسئول الوحيد عن إدارة المنظومة التعليمية. * كيف ترى قيام المجلس القومى للتعليم بوضع السياسات العليا على أن يقتصر دور الوزير على الإدارة فقط؟ - أنا من مؤيدى هذا القرار تماما وسعيت لتطبيقه من خلال تعديل القانون رقم 139، الذى يعطى المجلس القومى للتعليم المعروف بـ«المجلس الاستشارى» حق وضع السياسات ورسمها ووضع نظام ثابت للتعليم فى مصر، لكى يضع المجلس الأهداف العامة ويضع الوزير الأهداف الإجرائية، على أن يستقل المجلس عن سلطة الوزير، ويكون دور الوزير وضع الخطط التنفيذية لسياسات المجلس القومى. * هل ترى أن تطبيق اللامركزية خلق نوعا من تشابك المهام بين الوزارة والمحافظات؟ - الواقع الذى نعيشه لا علاقة له بالمركزية أو اللامركزية، وهو حالة من التخبط، ولكن ما يعيب تنفيذ اللامركزية فى مصر هو غياب الكوادر المنفذة لها بالإدارات التعليمية، فلا يوجد داخل المنظومة التعليمية نمط المدير القادر على اتخاذ القرار، ولكن الأصلح هو أن تكون المركزية للسياسات واللامركزية للتطبيق وإصدار القرارات الملائمة لطبيعة المحافظة ولكن هناك فقط صعوبة فى التنفيذ بسبب ضعف بعض الكوادر فى المحافظات، والقرارات المركزية التى تصدر من جهات أخرى تعرقل هذا المشروع. * ما القرارات التى يمنعك قرب انتهاء فترة الحكومة من اتخاذها؟ - هناك قراران متردد فى اتخاذهما؛ الأول هو تطبيق مشروع التطور التكنولوجى بسبب وجود رؤية خاصة لدىّ فى هذا المشروع قد لا تكون متفقة مع الوزير القادم وبذلك يتم إهدار نصف مليار جنيه، والثانى هو طرح المناهج الجديدة للتأليف بعد أن أصبحت لدينا وثائق تحدد معايير تطوير هذه المناهج، حتى لا ألزم الوزير القادم بأى شىء. * إذا عرضت عليك الوزارة مرة أخرى من قبل الحكومة المقبلة.. ستوافق؟ - الإجابة بالقبول أو الرفض «إساءة أدب». * صوتك لمن فى جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية؟ - لا تعليق.. ولكن أيا كان المرشح سيخدم مصر بغض النظر عن انتمائه. * ما النصيحة التى ستقدمها للوزير القادم فى حال تركك للوزارة؟ - أن يستمع لصوت الحق مهما اختلطت عليه الأصوات، وأن يعمل دون كلل طالما أنه يراعى الله ويضع مصلحة الوطن نصب عينيه.