برنامج الحكومة.. التحدى فى التنفيذ

نشوى الحوفى

نشوى الحوفى

كاتب صحفي

قرأت برنامج الحكومة الذى ألقى بيانه أمام مجلس النواب أمس الأحد المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء المصرى. برنامج يتحدث عما سنفعله حتى يونيو 2018 فى كافة قطاعات العمل فى مصر. وبعيداً عن ضوضاء المعانى فيما يتعلق بالبرنامج مدحاً أو ذماً، دعونا نقرأ بتمهل أهم ملامح البرنامج الذى حمل عنوان «نعم نستطيع».

بدأ البيان الوزارى بتقديم لمحة أمل تتحدث عنها الأرقام واصفة حالنا اليوم. نعم نحن فى مرحلة ما زال عنوانها الخطر ولكن حققنا تحسناً ضئيلاً علينا التمسك به والعمل على زيادة معدلاته. فرغم كل ما مررنا به من ظروف وضغوط داخلية وخارجية على مدار الأعوام الخمس الماضية، فإننا نجحنا فى رفع معدل النمو الاقتصادى من 2% إلى 4.2%. كما تراجعت معدلات البطالة من 13.5% إلى 12.7%، بينما قلّ عجز الموازنة من 12.5% ليبلغ 11.5% بالإضافة إلى تحسن تصنيف مصر الائتمانى. نعم أرقام ونسب خطيرة تؤكد حاجتنا للعمل ليل نهار مع تغيير الفكر والسلوك وقبلهما الضمير والقوانين، ولكنها تشبه حالة مريض بلغت درجة حرارته 40 درجة مئوية ومع العلاج انخفضت درجة الحرارة لتبلغ 39، ليكون السؤال: هل حدث تحسن؟ نعم حدث. إذاً هل زال الخطر؟ لا بالطبع، ولكن فلنكمل العلاج.

واصلت قراءة البيان عن حال مصر بالأرقام وما تهدف الحكومة لتحقيقه بنهاية المدة المقررة لبرنامجها فى يونيو 2018. لقد ارتفعت الأجور من 86 مليار جنيه فى العام 2010 لتصل إلى 199 مليار جنيه فى 2015 دون زيادة فى الإنتاج أو تحسن فى أداء العاملين بجهاز الدولة. وزاد المبلغ المخصص للدعم من 94 مليار جنيه ليصل لحوالى 188 مليار جنيه، بينما تمثل فوائد الدين العام 193 مليار جنيه بما يعادل 26٪ من إجمالى المصروفات العامة للعام المالى 2014-2015. وتمثلت المحصلة النهائية فى أن أكثر من 75٪ من الموازنة العامة بات يوجه لتغطية بنود الأجور والدعم وفوائد الدين العام، ليتبقى لنا 25٪ هى حجم الإنفاق على صيانة وتطوير البنية الأساسية والخدمات المقدمة لكل المصريين من تعليم وصحة وإسكان ومرافق، دون زيادة مقابلة فى الإنتاج، وهو ما أدى لارتفاع الدين العام الداخلى والخارجى ليبلغ فى نهاية يونيو 2015 نحو 2.3 تريليون جنيه.

نعم لدينا الكثير من التحديات التى تزيد من صعوبة تحقيق التنمية المستدامة التى نحلم بها لمصر التى نريد، يأتى على رأسها، فى اعتقادى المتواضع، العقلية المصرية فى الإدارة وامتلاك الخيال السياسى فى تخطى الصعاب واستشراف الأزمات والتنبؤ بها للتعامل معها قبل حدوثها وتقليل خسائرنا منها. نعم لدينا تحد يفوق الصعوبة المالية يتمثل فى ضمير غاب عن نسبة كبيرة منا فقدت الإيمان بضرورة تقديم الصالح العام على المصالح الشخصية الضيقة. نعم لدينا أزمة فى أسلوب أدائنا لمهام عملنا لندرك أن الأمانة والإخلاص والنجاح تتطلب أداء المهمة لا أداء الدور المطلوب من كل منا فقط، ليسعى كل منا لإكمال الناقص فى الصورة حتى لو لم تكن مهمته دون انتظار لشكر يقودنا فى ذلك قواعد العمل الجماعى.

نعم أدرك صعوبة ما حواه تقرير الحكومة من تحليل للوضع الحالى، ولكن أدرك أيضاً نجاحنا فى الحفاظ على الأمن القومى المصرى، وتنفيذ مشاريع عملاقة على رأسها تفريعة قناة السويس، وهضبة الجلالة، و3500 كيلومتر من الطرق لتربط شمال مصر بجنوبها انطلاقاً لأفريقيا، وتطوير شرق التفريعة، وأنفاق تربط مدن القناة بسيناء يعتبرها العالم أكبر ما يتم تنفيذه من أنفاق اليوم. ولذا أقول: نعم نستطيع ولكن علينا امتلاك إرادة الإدارة وضمير التنفيذ.