«محمد» على أبواب المحاكم لطلب تعويض «الكهرباء»

كتب: رنا على

«محمد» على أبواب المحاكم لطلب تعويض «الكهرباء»

«محمد» على أبواب المحاكم لطلب تعويض «الكهرباء»

«خطأ فى جهة الاختصاص» عبارة نطقها القاضى فى عدد لا حصر له من الجلسات لنفس القضية، طوال 15 عاماً انتظر «محمد» أن تأتى لحظة النطق بالحكم النهائى لكن فى كل مرة كانت تؤجل قضيته بنفس الصياغة، خطأه الذى أسقطه فى «مصيدة» القانون كان تعميم الاتهام ورفع قضية ضد شركة توزيع الكهرباء بمركز زفتى محافظة الغربية عندما صعقه «سلك عريان» ونتج عن الإهمال والتقصير «عاهة مستديمة» حولت شاباً آن ذاك كان فى الـ19 من عمره إلى رجل «عاجز» تجاوز عقده الثالث بلا وظيفة أو تعويض يجعله قادراً على فتح بيته وتربية أبنائه.

انتهت الحياة قبل أن تبدأ «محمد شاهين» (34 عاماً)، الذى أصيب فى الماضى فى حادث سير على أثره أصيب بكسر فى الحوض آل به لتركيب 3 مسامير، لم يكن الحظ حليفه فعندما اقترب لتماثله للشفاء جاء «عمود نور» عارى الأسلاك ليقذف به بعيداً ويرتطم بالأرض من جديد، فنتج عن الحادثة كسر مضاعف بالحوض والفخد اليسرى، «من ساعتها وأنا عاجز، بتحرك بحساب وصعب عليَّا أبذل أى مجهود، وأحلام أى شاب فى سنى اتحطمت، مين يعوضنى عن تقصير وإهمال ماليش ذنب فيه»، سنوات مرت كلمح البصر حصل «محمد» على دبلوم تجارة وآخر فى الخط العربى طمعاً فى وظيفة بشهادة التأهيل ضمن 5% من ذوى الاحتياجات الخاصة، تساعده على سداد أتعاب المحامى الذى وكله لتولى قضية التعويض من شركة كهرباء زفتى لكنه لا يحصل إلا على «التأجيل» فى كل جلسة يظنها الأخيرة حتى امتنع عن الذهاب للمحكمة منذ سنين طويلة «هروح ليه؟ كل مرة يقولوا لى إنى باتهم مؤسسة ومش محدد أشخاص ومرة تانية المحكمة مش جهة اختصاص للنظر فى القضية وأكون قعدت بتاع سنة أو اتنين وفجأة يكتشفوا إنها مش تبعهم، رغم النفقات التى يتحملها فى قضية «مفيش منها رجاء» حسب وصفه، فإنه مُصر على استكمال ما بدأه حتى لو اضطره للمكوث فى المحاكم 15 عاماً أخرى، فيقول «يمكن أنا مجنون لكن واثق فى عدالة ربنا وإنه مش هيرضى باللى بيحصل فيَّا».

من وقتها يعيش الأب الثلاثينى من وراء موهبته فى الرسم، الذى يستخدمه كوظيفة، حيث يرسم «محمد» على جدران الشقق الحديثة ديكورات ومناظر طبيعية تبعث البهجة التى لا يجدها فى حياته، وعلى «سلم خشبى» يقف بقدم واحدة يتحمل ساعات متواصلة من الرسم حتى خذلت يداه وقدمه أيضاً، لكن كلما قرر أن يستريح يتذكر ابنته «عنود» وابنه الأصغر «عبدالله» ويعود ليستكمل ما بدأ بعد أن ظل 12 عاماً متمسكاً بـ«كعب عمل» مذكور فيه الوظيفة التى يحق له العمل بها، وهى الأعمال الكتابية، ورغم ذلك بات «محمد» أرزقياً يعيش «على باب الله»، فلم يجد وظيفة تساعده على التكفل باحتياجات أسرته ومصاريف أبنائه المدرسية بشكل ثابت أو حتى حصل على حكم فى قضية بدأ يشعر أنه ستشيع جنازته وهى على «رف المحكمة».


مواضيع متعلقة