أسواق الدرب الأحمر.. كساد وركود و"تضييق حكومي"

أسواق الدرب الأحمر.. كساد وركود و"تضييق حكومي"
- أزمة الدولار
- أصحاب المحلات
- أمن القاهرة
- أمين شرطة
- ارتفاع سعر الدولار
- استيراد الأخشاب
- البيع والشراء
- الثانوية العام
- آثار إسلامية
- آلات
- أزمة الدولار
- أصحاب المحلات
- أمن القاهرة
- أمين شرطة
- ارتفاع سعر الدولار
- استيراد الأخشاب
- البيع والشراء
- الثانوية العام
- آثار إسلامية
- آلات
- أزمة الدولار
- أصحاب المحلات
- أمن القاهرة
- أمين شرطة
- ارتفاع سعر الدولار
- استيراد الأخشاب
- البيع والشراء
- الثانوية العام
- آثار إسلامية
- آلات
- أزمة الدولار
- أصحاب المحلات
- أمن القاهرة
- أمين شرطة
- ارتفاع سعر الدولار
- استيراد الأخشاب
- البيع والشراء
- الثانوية العام
- آثار إسلامية
- آلات
محلات تعلوها مفروشات مزخرفة بألوان مبهجة ونقوش فرعونية وإسلامية مصنوعة بمنتهى الدقة والإتقان، برضا وابتسامة تملأ الوجه يجلس أحدهم ممسكًا بالخيط والإبرة لينفذ النقوش بكل حرفية في سوق الخيامية الواقع على امتداد شارع المعز، وهي من أعرق وأشهر الأسواق المسقوفة في مصر، التي لها باع في صناعة أقمشة السرادقات والمفروشات، كما ساهمت في صناعة كسوة الكعبة حتى فترة الستينات من القرن الماضي.
وعلى رغم أهمية السوق على مدار مئات السنين، إلا أنّ الركود يضرب السوق حاليًا حيث لا بيع ولا شراء.
إسلام الشيخ وهو صاحب أحد المحلات التي ورثها عن والده وجده، ويعملون في تلك المهنة منذ عشرات السنين، يقول مشيرًا لاتجاه الشارع، "ما فيش سياحة في مصر، يبقى إزاي هيكون في زبائن، زمان مكنتيش تقدري تقفي وتتمشي كده من الزحمة اللي فيه".
اتجه الآن العديد من أصحاب المحلات لطباعة الرسوم على الأقمشة بدلًا من تصنيع المفروشات يدويًا، يمسك إسلام بإحدى المفروشات المزخرفة يدويًا، قائلًا: "الحتة دي تعملها 400 جنيه، الزبون الأجنبي هو اللي بيقدر الشغل اليدوي ويدفع فيه الفلوس دي، إنما المصري مش هيدفع، علشان كده الشغل اليدوي بقى قليل، وبقينا نشتغل مطبوع أرخص علشان ناكل عيش".
بنبرة صوت يغلب عليها الحزن والحسرة، يتحدث إسلام عن مستقبل المهنة، قائلًا: "أنا خرّيج هندسة معماري، لكن مشتغلتش بيها، عندي هواية وحب للمجال ده وورثته من أبويا وجدي، لكن للأسف المجال بينقرض، وكمان كم سنة مش هتبقى موجودة".
{left_qoute_1}
يلتفت إلى إحدى زبوناته للإجابة عن سعر إحدى المفروشات، ويردف: "إحنا كده طول النهار، مبقاش في زبون"، ويستطرد "كان سوق الخيامية يأتي إليه كل التجار وأصحاب المحلات من شارع المعز وخان الخليلي، والمناطق السياحية مثل شرم الشيخ وغيرها، فهي المصدر الأول لصناعة تلك المفروشات".
الأحداث العديدة التي شهدتها منطقة وسط البلد ومديرية أمن القاهرة، وآخرها الحادث الدموي ومقتل "دربكة" على يد أمين شرطة، كان لها أثر سلبي على الأسواق. يقول إسلام: "إحنا مرتبطين بمنطقة وسط البلد، وأي حادث بيأثر علينا، ومن بعد 25 يناير، مبقاش في سياحة زي الأول احنا حالنا وقف بعدها. فترات قليلة نشم نفسنا، ونلاقي حادثة أكبر ترجعنا للصفر من تاني".
سوق الخيامية وصناعاته وصل لحالة يرثى لها، ما جعل العمال الذين يمتهنون تلك الصناعة يبتعدون عنها لأنها غير مجزية لهم ولا تلبي احتياجاتهم الأساسية، "كان زمان الصنايعية بيشتغلوا 12 ساعة في اليوم، وكانت الحركة شغالة، دلوقتي 6 ساعات ده غير إنها مهنة متعبة وفلوسها قليلة، يشتغلوا جنبها أي حاجه علشان يسترزقوا".
{left_qoute_2}
يشير لأحد المحلات، "أكتر من تلت أرباع اللي فاتحين محلات مش أصحاب مهنة، اللي باقي من أصحاب المهنة مننا 4 محلات بس، دول بيشتروا منتجات مننا".
ويقدم إسلام، اقتراحات لعودة الصناعة إلى الازدهار مرة أخرى: "لازم يكون في نقابة لينا تدافع عننا وتحل مشكلاتنا في تضارب الأسعار بين التجار"، ويضيف أنّ من أصعب المشكلات التي تواجههم هي ارتفاع سعر الخامات مع ارتفاع سعر الدولار، يجعل أصحاب المحلات غير قادرين على رفع سعر المنتجات، لأن الزبائن لا تتقبل زيادة الأسعار، مما يسبب خسائر لهم".
"يا رايحين الغورية هاتوا لحبيبي هدية"، هكذا تغنّى الفنان محمد قنديل لسوق الغورية التي تعتبر من أهم الأسواق التجارية، حيث تفصل بين منطقة الدرب الأحمر والجمالية، وتشتهر ببيع الملابس الجاهزة، يأتي إليها التجار من كل الأقاليم، فالغورية مكان يحمل تاريخ يرجع إلى 500 عام بها آثار إسلامية من العصر الفاطمي والأيوبي والمملوكي.
أمام أحد المحلات بالغورية، ملابس متراصة على قواعد حديدية بداخل وخارج المحلات، تحمل أنواع مختلفة من الملابس والمفروشات، تعلوها أسعار تبدو زهيدة 20 جنيهًا أو 40 جنيهًا، صاحبه يعمل في تلك المهنة منذ 1950، وهو الحاج إبراهيم الشيمي.
{left_qoute_3}
يشير لإحدى "العباءات" المعروضة سعرها 40 جنيهًا، قائلًا: "المنتجات الصيني كانت هي السبب في خراب الصناعة المصرية، الزبون لما يشوف الأسعار دي مع الحالة الاقتصادية التعبانة بيروح يشتريها طبعًا، لازم الحكومة تشوف حل وتنقذها". ويضيف، "مصر دولة الأقطان، المصانع قفلت وبقينا نستورد اللبس فيه ألياف والمنتجات الصينية هي اللي بنبيعها".
الحاج إبراهيم كان يمتلك مصنعًا يضم 30 آلة لصناعة الملابس، لم يتبق منها سوى 4 آلات، وخفض عدد العمال من 50 عاملًا إلى 5 عمال فقط في الفترة الأخيرة. "كل حاجة بنشتريها مستوردة دلوقتي، 99 % من اللي بيتباع في الغورية مستورد ومهربة من الجمارك".
يشير لابنه "كرم" الذي يعمل معه قائلًا: "لو في فلوس هنشغّل الناس، ومش هيلاقي ابني وقت يلعب في الموبايل، كان زمانه واقف مع الزباين وبيبيع". ويضيف أنّ "بيجامة" مصنوعة من ألياف صناعية سعرها 25 جنيهًا، تكون مهربة من الصين وسعر تكلفتها لا يتعدى 5 جنيهات، "يعني الصينين كسبانين 15 جنيه، إحنا يا دوب نكسب 3 جنيه ونبيعها بـ28 جنيه".
ملامح الحاج إبراهيم تبدو غير مصرية، واللهجة السورية تظهر في بعض الكلمات، فهو من أصل سوري، لكنه ولد بمصر وتزوج من مصرية، يسترجع ذكرياته عن منطقة الغورية متنهدًا، بملامح يبدو عليها الضيق والحسرة، يقول: "فين أيام الغورية زمان، كان الشارع متعرفيش تقفي فيه، والناس محترمة، دلوقتي بنحط كاميرات من كتر السرقة اللي بقينا نشوفها"، مشيرًا لتلفاز موصل بكاميرات لمراقبة المحل، "حتى السرقة كترت ومبقاش في خير في الناس، خاصة في الفترة الأخيرة من بعد 25 يناير".
أصبح شبه إلزامي على جميع المحلات بالغورية تركيب كاميرات، يقول الحاج إبراهيم: "المباحث علشان تريح دماغها، تقولنا ركبوا كاميرات على المحلات، علشان مش كل شوية تبلغوا عن سرقة". ويضيف، "الغورية زمان، كان أغلب التجار يهود وسوريين، دلوقتي بقى الصعايدة هما اللي ماسكين المكان". بنبرة يغلب عليها الحسرة على الرغم أنه من أصل سوري، "حتى المنتجات السورية بقى ليها قيمة عن المنتجات المصرية، وبقى ليهم سوق هنا، لأنها أكثر جودة، نفسنا المنتج المصري يرجع لقيمته تاني".
{long_qoute_1}
يقاطعه في الحديث ابنه كرم، "كفاية الموظفين المرتشين، ما يلاقوش مشكلة في التراخيص والضرائب، يقولولك الملابس مجهولة المصدر، تديهم فلوس يسكتوا".
ويضيف منتقدًا الحكومة، "الغورية مش بتتنضف من الزبالة، إلا لما يكون وزير جاي، أو المحافظ، ويا ريت بينضفوها بجد، بيرموها ويكوموها في أي جنب، والأعمدة ما تتصلحش برضه، بالليل تلاقي المكان ضلمة".
في الجهة المقابلة، يجلس عم محمود على كرسيه خارج المحل، منصتًا لصوت القرآن الكريم في المذياع، يكاد الشارع يخلو من الزبائن، حتى المحلات المجاورة قلما تجد زبونًا يشتري، يقول، "كساد في السوق، ومحدش لا بيبيع ولا بيشتري، لو حد باع تلاقي بقية المحلات بصة في اللقمة بتاعته".
{long_qoute_2}
ويضيف: "مبقاش في منتج مصري كل الستات تنزل تشتري تدور على التركي، أنا بقى مش ببيع غير المصري، علشان أكون مختلف عن باقي المحلات، ولازم الحكومة تقفل سكة الاستيراد"، هناك العديد من المحلات تتجه للبيع بسبب عدم وجود رواج، لكن المحلات تابعة للآثار الموجودة بالشارع. "تلاقي واحد يبيع المحل بمليون جنيه، وهو أصلاً مش بتاعه، دي محلات مأجرنها من الحكومة وتبع الأوقاف، وهما بينقلوا ملكية المحل لبعضهم، زي ما يكونوا ورثنها".
خلف مديرية أمن القاهرة يقع "درب سعادة" واحد من أهم المناطق التجارية بمنطقة "الدرب الأحمر"، ويختص بتجارة الأخشاب بجميع أنواعها والتي تبدأ برحلة استيراد من محافظة الإسكندرية حتى تصل إلى درب سعادة ومنها إلى باقي المحال والأسواق في العاصمة.
يطل شارع درب سعادة على سجن الاستئناف والذي يمثل لأهل المنطقة والتجار عبئًا كبيرًا قالت لهم الدولة بحسب روايات عدد منهم إنّها ستنقل السجن إلى المدن الجديدة حتى ينعم الشارع التجاري العريق بحركة البيع والشراء، ولكن حاليًا فضلت الدولة نقل تجار شارع ضرب السعادة إلى الصحراء والإبقاء على سجن الاستئناف في مكانه دون حراك.
يقول الحاج سيد الحلواني أحد أكبر تجار الأخشاب بمنطقة درب سعادة: "أنا بقالي 57 سنة بشتغل في الأخشاب، وكنت لسه موضب المحل بتاعي وصارف عليه 70 ألف جنيه"، موضحًا "أنا كنت بشتغل هنا من أول ما كان مافيش وبلاط في الأرض ولا أسفلت وماعرفش غيرها شغلانة ولا مكان غير درب سعادة ممكن يكفيني".
{long_qoute_3}
يرى الحلواني أنّ الحياة ومتطلباتها في منطقة درب سعادة لم تكن مثلما كانت عليه من قبل، موضحًا "المشكلة أن الحكومة عايزة تنقلنا لمنطقة بدر في الصحراء، ده قطع عيش لينا"، مضيفًا "إحنا راضيين يبقى يوم فيه ويوم مافيش ونفتح ورزقنا على الله، بس النقل ده حرام، أنا طول عمري رجليا ممشياني من سيدنا الحسين لضرب سعادة ودلوقتي عايزين تنقلوني من هنا حرام عليكم".
يقول أكبر تجار الأخشاب سنًا في المنطقة: "أنا مش عارف هما ليه عايزين ينقلونا بدل ما ينقلوا السجن، إحنا حمينا المديرية والسجن وقسم الضرب الأحمر ساعة الثورة بأجسادنا وأولادنا"، مبرهنًا "علشان كدة كل الأقسام على مستوى الجمهورية أتحرقت إلا قسم الضرب الأحمر"، مضيفًا في صوت يكتمه الضيق "أنا طول عمري شغال هنا ولو اتنقلت هفتح تاني يوم ألاقي جبل قدامي أبيع لمين أنا هناك وزبوني يجيلي إزاي".
يؤمن الحلواني كغيره من أبناء صنعته بالبركة التي ينعم بها شارع "درب سعادة" أكثر من غيره: "درب سعادة زي الفل اللي بيمشي فيها بيسعد وفيها شيخ اسمه سيدي سعادة مدفون فيها وهو بركة والشارع كله بركة بفضله".
في أحد المحال المجاورة للحاج الحلواني يقف مصطفى عمر صاحب في العقد الرابع من عمره، يقول إنّ والده يعمل في تلك التجارة منذ ما يقرب 40 عامًا ويعمل فيها على استيراد الأخشاب وبيعها للمستهلك بينما تغير الحال على ما كان عليه حتى باتت مشكلة، وأزمة الدولار واحدة من أهم مشكلات تجارة الأخشاب في مصر في الوقت الحالي.
"أكتر حاجة بتسببلنا مشاكل العملة الصعبة علشان في البنك بسعر وبره البنك بسعر تاني ووقفت حالنا"، كلمات أوضح بها عمر أزمة الدولار التي باتت تحل بلاءً على أهل المنطقة في تجارة الأخشاب وسوق البيع والشراء، موضحًا "ضرب سعادة من أشهر مناطق صنع الأخشاب في مصر ودلوقتي عايزين ينقلونا علشان يأمنوا المديرية، بس إحنا هنا بقالنا أكثر من 50 سنة وجنبنا المناصرة واللي عايز يشتري هيجيلنا مدينة بدر إزاي وإمتى وفين".
يزيد التاجر من الشعر بيتًا ويقول "السلع كلها متوفرة والشغل موجود بس المديرية بتمنع دخول العربيات علشان تحمل الخشب وبيمنعوا ركنتها قدام المحلات ومافيش اهتمام من الحكومة بالنسبالنا في نظافة الشوارع وبيوفرولنا الأمان علشان إحنا جنب السجن وبس".
"ابن التاجر بيطلع تاجر وابن الضابط بيطلع ضابط" كلمات بدأها محمد سالم الطالب في المرحلة الثانوية العامة والذي يعمل في محل أبيه كبائع للأخشاب ممتهنًا نفس مهنة والده وجده، "أنا والدي صاحب المحل وأنا حابب أشتغل في المهنة وبحلم أدخل تجارة إنجليزي علشان أكمل في المهنة والدراسة".
يوضح سالم "والدي اشتغل في الشغلانة دي ونجح فيها فأنا خارج عارف طريقي بدل ما أدور على شغل أنا عندي شغلي، واللي عايز يشتغل في حاجة بيشتغلها علشان يبقى معايا شهادة وشغلانة"، مضيفًا "أنا لو رحت اشتغلت بعيد وأخويا راح أشتغل بعيد مين اللي هيشتغل في الشغلانة دي بعد ما كلنا نسيب المحل ونمشي".
يرى سالم مثله مثل جيرانه في العمل أن سجن الاستئناف يمثل للتجار مشكلة كبيرة "سجن الاستئناف حاجة صعبة علينا ولما يجي حد قدام محلنا يقف يكلم مسجون جوه مش بنقدر نعمل حاجة ولازم يتنقل"، يصمت قليلًا ثم يوضح "بقالهم 20 سنة بيتكلموا على أنهم هينقلوه وفي الآخر قرروا ينقلونا إحنا يودونا بدر".
- أزمة الدولار
- أصحاب المحلات
- أمن القاهرة
- أمين شرطة
- ارتفاع سعر الدولار
- استيراد الأخشاب
- البيع والشراء
- الثانوية العام
- آثار إسلامية
- آلات
- أزمة الدولار
- أصحاب المحلات
- أمن القاهرة
- أمين شرطة
- ارتفاع سعر الدولار
- استيراد الأخشاب
- البيع والشراء
- الثانوية العام
- آثار إسلامية
- آلات
- أزمة الدولار
- أصحاب المحلات
- أمن القاهرة
- أمين شرطة
- ارتفاع سعر الدولار
- استيراد الأخشاب
- البيع والشراء
- الثانوية العام
- آثار إسلامية
- آلات
- أزمة الدولار
- أصحاب المحلات
- أمن القاهرة
- أمين شرطة
- ارتفاع سعر الدولار
- استيراد الأخشاب
- البيع والشراء
- الثانوية العام
- آثار إسلامية
- آلات