حسين صبور: «البيروقراطية» تدير دفة الفساد.. ورئيس حى طلب رشوة للموافقة على «كشك شاى»

كتب: الوطن

حسين صبور: «البيروقراطية» تدير دفة الفساد.. ورئيس حى طلب رشوة للموافقة على «كشك شاى»

حسين صبور: «البيروقراطية» تدير دفة الفساد.. ورئيس حى طلب رشوة للموافقة على «كشك شاى»

كفانا بحثاً عن شماعات جديدة نعلق عليها أخطاء دولة بأكملها، هل المهندس المجتهد أصبح اليوم مداناً بالفساد؟ أعتقد أنها حيلة جديدة للهروب من المساءلة، ولن أضرب مثلاً هنا بكوبرى سوهاج الأخير، هل الأزمة فيه كانت المهندس أعتقد لا، لكن دعونا نتحدث عن أزمات القطاع بل أزمات الاقتصاد المصرى بشكل أكثر واقعية، لنضع أيدينا على فواصل الأزمة الحقيقية.

{long_qoute_1}

فأولى المشكلات الحقيقية، التى تقود دفة الفساد فى مصر هى البيروقراطية، التى لم يبذل أى مجهود لحلها حتى الآن، فليس من المعقول أن يستغرق تسجيل العقار فى مصر 10 أشهر، بينما يحتاج الأمر فى دولة مثل أستراليا يوماً واحداً، كما أنه ليس منطقياً أن يكون استصدار رخصة البناء فى العالم كله أقل من شهر، ويكون متوسطها فى مصر 10 شهور، وعلى سبيل المثال، أنا شخصياً مررت بتجربة الحصول على رخصة بناء لم أستطع استخراجها لأكثر من 5 سنوات، هل هنا ألوم المهندس الذى ينتظر البدء فى تصميم العقار مثلاً الإجابة أيضاً لا.

وهنا أتذكر أيضاً عندما كنت رئيساً لنادى الصيد، تقدمت بطلب لرئيس الحى لإصدار رخصة بناء كشك يباع فيه الشاى فى النادى، فطلب رشوة بشكل مباشر، وعندما رفضت قال لى: «انتظر حتى تنتهى جميع الإجراءات الخاصة بالحصول على الرخصة، ومنها الحصول على موافقة الطيران المدنى»، وللأسف لم ندفع الرشوة وفشلنا فى بناء الكشك، وهنا يظهر الخلل فى اللوائح القانونية التى تمنع محاسبة المرتشى، هل أحاسب هنا المهندس الذى اقترح بناء الكشك؟ أعتقد أن الإجابة أيضاً لا.

وبشكل عام قبل البحث عن الضحية أو شماعة نعلق عليها الأخطاء لا بد أن نعترف بأننا نحن نعانى من عدم احترام الدولة لعقودها، وأكبر دليل على ذلك الثورة التى قامت على رجال الأعمال المصريين والأجانب، الذين اشتروا أراضى من الحكومات السابقة بعقود قانونية بأسعار منخفضة، فالدولة من المفترض أنها كيان محترم، وبالتالى كيف يجرؤ أن يأتى مستثمر مرة أخرى للاستثمار فى مصر، بالإضافة إلى حل مشاكل رجال الأعمال مع الدولة، فأنا شخصياً لدىَّ مشاكل منذ سنوات فى استصدار تراخيص لمشروعات كبرى بمئات الملايين ولكن للأسف لا تحل، ولا أحب أن أنتصر لنفسى فى الإعلام.

وأذكر أيضاً أنى تعرضت شخصياً لوقائع تؤكد توتر العلاقة بين رجال الأعمال والحكومة، فخلال الفترة الماضية تشكلت مجموعة يرأسها البنك الأهلى، مكونة من شركات تأمين القطاع العام وبعض رجال الأعمال العاملين فى قطاع السياحة، وكنت أحدهم، وذهبنا لشراء أرض «سهل حشيش» من الحكومة، وتم الاتفاق على سعر معين فى العقد، وعندما ذهبنا لإمضائه مع وزير السياحة، أمسك رجل الأعمال نجيب ساويرس بالعقد وثار قائلاً «مش ده العقد اللى اتفقنا عليه»، حينها قال المستشار القانونى لوزارة السياحة، إن إجراءات حدثت دون علم الوزير نفسه ورجال الأعمال، وأضاف المستشار القانونى: «هذه الأرض تراب منذ 10 ملايين سنة، ومش عيب لما تستنى تراب 1000 سنة أخرى، بدلاً من أن نوقع عقداً يدخلنا السجن»، هذا جانب يوضح ما يعانى منه رجال الأعمال فى مصر منذ عهد مبارك وحتى اليوم، إذن لا بد أن نعترف بوجود خطأ جسيم أصاب رأس الإدارة بدلاً من رمى الكرة فى «عب» المهندسين الصغار.

وإذا تحدثنا بشكل أكثر دقة فهناك أدوات أخرى تتسبب فى كوارث أكثر فظاعة من أخطاء المهندسين، فعلى سبيل المثال إن العامل المصرى غير مطيع مقارنة بنظيره الهندى، لذلك تستحوذ العمالة الآسيوية على حجم كبير من العمالة فى دول الخليج، فضلاً عن أن ثقافة العمل بالخارج تختلف على العمالة المصرية، فعندما يحتج العامل بالخارج يكتفى بوضع إشارة على يديه، بينما فى مصر يقوم العاملون بقطع الطرق وتعطيل المصالح العامة، وثقافة العمل فى مصر تحتاج إلى إعادة تأهيل من جديد، من خلال تكثيف الدورات التدريبية للتدريب المهنى والحرفى، كعنصر مهم لتطوير مجالات الصناعة المصرية بمختلف قطاعاتها، ووقتها لا نبحث عن شماعة، خاصة المهندسين.

الخلاصة أن الجميع يعى تماماً أن هناك حالة من الارتباك تمر بها الشركات ويمر بها أيضاً العملاء وحاجزو الوحدات، لنقف جميعاً على حافة الترقب انتظاراً لتحسن ظروف السوق، فالأولى أن نبحث معاً عن مخرج آمن لسوق العقار بدلاً من رمى كرة الجمر المعروفة إدارياً بالفساد على أضعف الأطراف وهو المهندس، مع احترامى الكامل لدوره الاستراتيجى فى أى مشروع.

 

 


مواضيع متعلقة