إبراهيم العربى: انفلات «الأسعار» أخطر من «الانفلات الأمنى».. ونحتاج «آلية» لمكافحة الفساد

كتب: الوطن

إبراهيم العربى: انفلات «الأسعار» أخطر من «الانفلات الأمنى».. ونحتاج «آلية» لمكافحة الفساد

إبراهيم العربى: انفلات «الأسعار» أخطر من «الانفلات الأمنى».. ونحتاج «آلية» لمكافحة الفساد

أكتب عن شماعة جشع التجار، وأنهم سبب غلاء الأسعار وما شابه من العبارات، فأنا أظن أننى أستطيع أن أوضح وجهة نظر التجار الشرفاء. الحملة الشرسة التى نقرأها ونسمعها فى الإعلام المرئى والمسموع والمقروء لا تُفرّق بين التاجر الشريف والتاجر غير الشريف، وتحز فى نفوسنا نحن التجار، خصوصاً وصفنا بعدم مخافة الله، أو بالجشع.

{long_qoute_1}

للأسف هؤلاء التجار بعيدون كل البُعد عما يحدث فى الأسواق من ممارسات غير مشروعة، وإنما يأتى من قصور الحكومة، بأنها لم تواجه مشكلة غلاء الأسعار، أو حتى التخفيف من آثارها على أصحاب الدخل المتوسط والصغير من الأسر، من خلال الحلول البسيطة، كما أن النمط الاستهلاكى للمجتمع ينفى الجشع عن التجار الشرفاء، فهو يحتاج إلى مراجعة، وإلى زيادة الوعى لديهم، ففى الأسواق هناك بدائل بأسعار أقل، وبالجودة نفسها أو جودة أقل، تتناسب مع دخل الأسرة، فهناك تصور من كثير من الناس بأن هناك أصنافاً غذائية محتكرة، وهذا غير صحيح، حيث تطبّق سياسة السوق المفتوحة، وأى تاجر يستطيع أن يستورد أى صنف ويبيعه بالسوق. المحك هنا هو المنافسة، سواء بالأسعار أو العروض.

{long_qoute_2}

للأسف الشديد، فإن عدم تعامل الحكومة مع ملف الأسعار بشكل جيد ينعكس بالسلب على الأسواق، وأصبحت أسعار السلع فى بلادنا تعيش انفلاتاً أخطر من الانفلات الأمنى، والمتابع جيداً لأحوال الاقتصاد المصرى حالياً سوف يُصاب حتماً بالدهشة، ولا نقول بالصدمة، من هذا الكم الكبير من الذين تربّعوا على السوق، وحصدوا من وراء ذلك ثروات طائلة، بدأت من القاهرة، ثم تفرّعت وانتشرت فى باقى المحافظات، من هؤلاء الفاسدين «تجار السوق السوداء والظل»، الذين يمارسون أبشع أنواع الفساد، حيث يُمثّلون 50% من اقتصاد الدولة، ونستطيع بناءً على ذلك قياس مدى انتهاك القوانين فى السوق المحلية من غش وتهريب وغسل أموال وتجارة عشوائية.

ويجب على الدولة أن تضع قواعد للتجار، منها وضع أسماء التجار المستغلين للأسعار فى قائمة سوداء، وكذلك البائعون للسلع الفاسدة والمغشوشة، وتفعيل آليات مكافحة الفساد من خلال مدى الالتزام بها من قبَل من يقومون على تنفيذها، ومن أهم تلك الآليات تبنى برامج توعية شاملة للتجار، لرفع وعيهم بخطورة هذه الظاهرة وآليات مكافحتها داخل منشآتهم، والتعريف باللوائح والأنظمة المجرمة للفساد والمضاربة، وتحديداً عدم المضاربة فى الأسواق، كما تتضمّن تلك الآليات حث منشآت القطاع الخاص على اتخاذ إجراءات تُحد من الفساد والمضاربة.

هناك بعض الآليات المناسبة للسيطرة على ارتفاع أسعار السلع والمنتجات، ومنها تفعيل القوانين، وتطوير أداء الجهات الرقابية لدورها فى مواجهة اتفاقات بعض التجار لرفع الأسعار وتوفير السلع للمواطنين، عبر منافذها بأسعار منخفضة، إلى جانب رصد أسعار السلع والمنتجات كل فترة، ومعرفة المرتفع فيها وأسبابها للسيطرة عليها.

وهنا لا بد أن أؤكد أن مواجهة ارتفاع الأسعار والحد منها لن يتم إلا بمعرفة السبب فى ارتفاعها، لمواجهتها عن طريق عدة خطوات، أولاها عمل حصر بكل أسعار جميع السلع والمنتجات خلال الفترة الماضية، وكذلك أسعار بيعها جملة أو قطاعى للمستهلك، ثم تحديد السلع التى يقع عليها طلب من المواطنين، والسلع التى لا يقدمون عليها، ثم محاولة الدولة توفير السلع التى يقدم عليها المواطنون بكثافة عن طريق المنافذ الحكومية.

 


مواضيع متعلقة