الطبيب البطل الدكتور أحمد عبدالعزيز، أستاذ جراحة العظام بقصر العينى، ورائد طب مناظير المفاصل فى مصر، عمره 75 سنة، ذهب إلى قطاع غزة هذا الأسبوع متطوعاً، لعلاج المصابين، ضمن وفد عالمى، وكشفت نقابة الأطباء تفاصيل سفره وإنسانيته وشجاعته، وأنه فخر حقيقى للإنسانية والطب والمصريين جميعاً.
الموت فى غزة أقرب إلى الناس من حبل الوريد، ومع ذلك قام الطبيب الكبير بالسفر وسط الحرب والقتل والدمار والدماء، ليؤدى أعظم مهمة إنسانية، وليكون نموذجاً يُحتذى، وأيقونة تفتخر بها جامعة القاهرة، ومهنة الطب، ويفتخر بها كل مصرى وعربى، حيث إن الدكتور أحمد عبدالعزيز أغلق عيادته فى مصر، وكان من أوائل الأطباء الذين تطوعوا فى مهمة إنسانية ضمن الوفود الطبية التى تساعد فى علاج مصابى غزة، عقب العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة فى 7 أكتوبر 2023م.
إن الرسالة التى نقرأها من سفر الطبيب الكبير الدكتور أحمد عبدالعزيز إلى غزة، مفادها أن الاكتفاء بنشر صور مقتل الأطفال، وهدم المستشفيات والبيوت والمدارس، أضحى الطريق السهل البسيط غير المكلف، وأن الطريق الأقوى والأكثر نفعاً وشجاعة وإخلاصاً -بجانب السوشيال ميديا- هو التبرّع بالمال للمقتدر.
وفى تصريحات لفضائية «دى إم سى»، قال الطبيب الكبير: إن ما نراه فى الأخبار والفضائيات مما يحدث فى قطاع غزة لا يعطى الصورة الكاملة الحقيقية للواقع المؤلم هناك، فهناك لا أمان ولا طعام ولا صرف صحى، وقال الطبيب: إنه توجّه من رفح إلى شمال غزة، مع وفد دولى حصل على موافقات الدخول دون اعتراض، وقال إنه لا صحة لما يُشاع عن أنه أجرى مئات العمليات الجراحية هناك، وبعض العمليات لا يمكن إجراؤها لعدم توافر الإمكانيات لذلك، والمستلزمات الطبية هى التى أدخلها الجانب المصرى، وتأخذ الموافقات، لكنها ليست كافية لعلاج كل الحالات.
والطبيب بهذا الكلام يمثّل قمة الصدق والتواضع والأمانة وعدم البحث عن الشهرة وعدم خلق الأكاذيب ونسج الحكايات والقصص الوهمية، مما يدل على إنسانية هذا الطبيب وصدقه وإخلاصه ومروءته.
وناشد الطبيب من خلال فضائية «دى إم سى»، فى حوار مع الإعلامى الأستاذ أسامة كمال، ناشد العالم كله سرعة وقف القتل والحرب، ثم الاستعداد لإنجاز المهمة الأخرى المتعلقة بالإعمار، وهى مهمة ثقيلة تحتاج إلى تكاتف وتعاون دولى نتيجة الخراب فى كل شبر فى قطاع غزة، كما قال الطبيب.
لقد قدَّم الطبيب الشهم وصفاً صادقاً لما رآه فى طريقه من جنوب غزة إلى شمالها، وهو الوصف الذى يجب أن يتبعه تحرك فعلى على أرض الواقع، لوقف المجازر والهدم والخراب فى غزة، حيث ذكر الطبيب أنه لا توجد وسيلة متاحة الآن لرفع كميات ضخمة من ركام المبانى، التى تحولت إلى مقابر جماعية، لأسر بأكملها تحت أنقاضها، داعياً إلى إعادة المنظومة الطبية بصورة تناسب حجم الكارثة الصحية الموجودة، وقال: «شاهدت دماراً شاملاً فى القطاع، ومن النادر أن تجد بيتاً يصلح للسكن فى غزة، والناس بمئات الآلاف فى تجمّعات غير إنسانية، وأسر كثيرة يتم الفصل بينها بغطاء سرير مشدود على حبل، دون مياه للشرب أو صرف صحى أو أى وسيلة إعاشة، ولا توجد أماكن صالحة للبناء، نتيجة أكوام المخلفات والأنقاض».
إننا أمام نموذج مشرّف ومشرق، سجل اسمَه فى صفحات العطاء والوطنية والإيثار والفداء، ومثَّل نموذجاً يجب أن يُدرّس فى مناهجنا الدراسية، تقديراً لهذا الطبيب الوطنى المصرى، وليكون قدوة فى الفداء والعطاء والإنسانية والمروءة.