في "الشلاق".. التلاميذ شاهد على معارك الجيش من "الشبابيك"
تنظر في هاتفها لتكتشف أن شبكات المحمول لا تزال مقطوعة عن المدينة، في السادسة صباحًا يجب أن تستيقظ "سارة"، مدرسة الدراسات الاجتماعية، بعد أن أيقنت أن العمليات العسكرية من روتينيات الحياة شمال أرض الفيروز، خاصة عقب مذبحة كرم القواديس، وهو ما يدفعها للاستيقاظ مبكرًا كي تستطيع الوصول إلى مدرستها بالشلّاق في وقت مناسب لتلحق بالطابور المدرسي، وبعد أن ترتدي الملابس تهرول مسرعة للحاق بالأتوبيس.
عبر الطريق الدولي بين رفح والشيخ زويد، تسير الفتاة العشرينية يوميًا ما يقرب من 40 كيلومترًا من حي العبور وصولًا لمدرستها في قرية الشلّاق غرب مدينة الشيخ زويد، وهو الطريق المحفوف بالمخاطر، ومعظم الاستهدافات لقوات الأمن والمدرعات تكون فيه، وتضطر الفتاة أحيانًا أن تستقل أي سيارة دون التأكد من هوية سائقها، "أحيانًا بركب مواصلة بتلف من طريق بديل ومبتعديش على الطريق الدولي لما بيبقى فيه قلق على الكماين، ومرة ركبت عربية نص نقل وقعدت في الصندوق".
وداخل مدرسة الشلّاق الإعدادية، التلاميذ هم خير شاهد على معارك قوات الأمن في مداهمة الإرهابيين، وبينما تقف مدرِّسة الدراسات الاجتماعية، منهمكة في شرح الدروس للتلاميذ تسمع صوت دوي انفجارات يهز الحي بأكمله، وهو ما يدفع الأطفال الذين اعتادوا على سماع مثل تلك المعارك إلى الخروج من الشبابيك لمتابعة الوضع، "الطلبة خرجوا من الشبابيك يتفرجوا أنا طبعًا حاولت أمنعهم عشان دول مسؤوليتي.. بس ده بقى شيء عادي بالنسبة ليهم بيشوفوا أكتر من كده".
أمام أبواب الكمائن، تقف السيارات في كثير من الأحيان بالساعات، خاصة عند حدوث هجمات من الإرهابيين، أو في حال مداهمة الجيش للأوكار الإرهابية بالقرب من الطريق الدولي، ورحلة العودة من المدرسة لا تكون سهلة على الرغم من مغادرة "سارة" لمدرستها مبكرًا في الـ12 ظهرًا إلا أن جميع الأتوبيسات المتجهة للعريش تكون قد غادرت قبل هذا التوقيت بساعة، ما يجعل طريق العودة حملًا زائدًا على الفتاة التي يصبح كل همها الرجوع للمنزل سالمة.
غلق كمين الخروبة الذي يبعد عن مدينة الشيخ زويد 5 كيلومترات، قبل موعد الحظر بساعات قليلة جعل سائق الأوتوبيس الذي تستقله "سارة" يقرر المجازفة والالتفاف حول الكمين والعبور إلى الجهة الأخرى، وما بين الطلقات العشوائية مجهولة المصدر استطاع السائق العبور قبل سريان حظر التجول والوصول إلى مدينة العريش بصعوبة بالغة، "السواق كان ماشي بسرعة كبيرة واتضرب علينا نار كتير من كل ناحية".
كثير من الأتوبيسات التي تقل المدرسين لم تتخذ نفس القرار الخطير للسائق، وقررت الانتظار حتى يفتح الكمين ويسمح لهم بالعبور، لكن انتظارهم طال حتى سمعوا أذان المغرب وهم في منتصف الصحراء حيث الطريق الدولي، حظر التجوال دخل حيز التفيذ، ساعات من الرعب عاشها المدرسون في هذه الأوقات، حتى أرسل الجيش مدرعات لنقل المدرسين إلى بيوتهم "بعد الحادثة دي المدرسين راحوا قابلوا المحافظ وطالبوه بتعليق الدراسة وتاني يوم صدر القرار".
ملف خاص
ملف خاص| الدراسة في سيناء.. على خط النار
قبل مذبحة كرم القواديس، كانت الحياة في شمال سيناء تسير، على الرغم من صعوبتها، إلا أن الأمر ازداد سوءًا للمزيد
في الشيخ زويد.. "العيال جتتهم نحست من صوت الضرب والانفجارات"
سيمفونية صباحية، تستيقظ عليها كل يوم، هي ليست معزوفة موسيقية وإنما سيمفونية الطلقات النارية للمزيد
فوارغ الرصاص والزجاج "المكسور" يزين الفصول في "رفح"
مع دقات السادسة صباحًا تستمع الأم التي تسكن مدينة العريش إلى طلقات الرصاص، التي تشير لإنهاء مدة الحظر للمزيد
فقط في شمال سيناء.. ملثمون يفتشون أتوبيس معلمين بحثا عن رجال الأمن
يرفع آذان المغرب، ليختلط بصوت الطلقات النارية التي تخرج من سلاح القناص الرابض أعلى خزان المياه بحي الريسة للمزيد