وفاة طالب في البحيرة رفض التأمين الصحي علاجه رغم حكم القضاء

كتب: إبراهيم رشوان واحمد حفنى

وفاة طالب في البحيرة رفض التأمين الصحي علاجه رغم حكم القضاء

وفاة طالب في البحيرة رفض التأمين الصحي علاجه رغم حكم القضاء

تُوفي "حسين شحاتة صقر"، طالب بالصف الثالث الثانوي، بمدرسة "الحريري" بإدارة أبو حمص التعليمية بالبحيرة، متأثرًا بإصابته بمرض "الغدد الليمفاوية"، بعد امتناع هيئة التأمين الصحي عن علاجه وصرف الدواء اللازم له، علما بأن محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية "الدائرة الأولى بالبحيرة"، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاوري، نائبي رئيس مجلس الدولة، كانت أصدرت حكمًا يوم 15 فبراير، بعد 4 ساعات فقط من رفع دعوى من أسرة الطالب تطالب بعلاجه، ألزمت فيه المحكمة التأمين الصحي بعلاج الطالب وصرف الدواء المطلوب له، كما أكدت ولاية وزير الصحة على التأمين الصحي، ومسؤوليته عن علاج الطالب المريض، إلا أن الطالب مات يوم 21 فبراير، أي بعد أسبوع من حكم المحكمة.

وقالت المحكمة، إن الهيئة العامة للتأمين الصحي، مُلزمة - بحكم القانون - بتقديم الخدمات العلاجية والتأهيلية لطلاب المدارس في حالتي المرض والحوادث، أيا كانت المرحلة التعليمية، وألزم الدولة بأن يكون نظام التأمين على الطلاب إلزاميا في جميع المراحل التعليمية، كما ألزمها بتقديم الرعاية الصحية بنوعيها، الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية والتأهيلية بكافة صورها، وعلى قمتها صرف الأدوية اللازمة للعلاج ويكون علاج الطالب ورعايته طبيا طول مدة انتفاعه إلى أن يُشفي أو تستقر حالته، وأوجب المُشرع الدستوري على الدولة كفالة التأمين الصحي لجميع المواطنين بها، بما يستتبعه ذلك من توفير سبل العلاج حسبما تقتضيه حالة المريض، وهذا الالتزام لا مناص من تحقيقه ولا سبيل لفك يد الدولة منه، إذ أن تلبية طلب التلميذ المريض بالعلاج أمر يفرضه القانون ويبرره الواقع، وفي القول بغير ذلك تعريض لحياة التلاميذ المرضى للخطر، وهي جريمة مؤثمة ما يجب على الدولة وأجهزتها المختصة النأي عنه.

وأضافت المحكمة، أن الطالب حسين صقر، أصيب بمرض أورام بالغدد الليمفاوية، وكان بحاجة إلى علاج كيماوي يتمثل في برالاتركسات (فولوتين) حسبما أشارت إلى ذلك التقارير الطبية الصادرة من لجنة الأورام بالهيئة العامة للتأمين الصحي فرع القاهرة، عيادة أطفال مصر التأمين الصحي برقم تأمين صحي 18/2/20/727، وهو ما أكده التقرير الطبيب الصادر من المستشفى الرئيسي الجامعي بمستشفيات جامعة الإسكندرية، ولما كان الطالب من الخاضعين لنظام التأمين الصحي على طلاب المدارس، فإنه يستظل بخدماته ومن ثم تلتزم الهيئة المدّعي عليها بتوفير الأدوية اللازمة وبالجرعات المقررة لعلاجه وبما يتناسب مع تطور حالته الصحية بصفة دائمة ومنتظمة دون تأخير حتى تمام شفائه، ويضحى امتناع الهيئة عن صرف الأدوية قرارا سلبيا مخالفا للدستور والقانون ولا يجوز للهيئة العامة للتأمين الصحي الامتناع عن صرف ذلك الدواء، خاصة وأن والد الطالب من غير القادرين على تحمل النفقات الباهظة لهذا العلاج.

وقالت: "التأخير في منح الطالب جرعات العلاج عرّض حياته للخطر وحرمه من حقه في العلاج المجاني ومسّ حقه في الحياة وهما حقين دستوريين ويتوجب على الدولة ممثلة في هيئة التأمين الصحي بذل العناية اللازمة لتخفيف معاناة طلاب المدارس المرضى من آلام المرض العضال الذي ألم بهم مع تحمل الهيئة لكامل قيمة تكاليف هذا العقار طيلة فترة علاج الطالب وحتى تمام شفائه من المرض".

وأضافت المحكمة: "لا يجوز لهيئة التأمين الصحي، أن تغلق أبوابها في وجوه المرضى، كالطالب المقيد بالثانوية العامة وهو في مقتبل العمر الذي ضاق ذرعا من تقصير التأمين الصحي، فطرق باب القضاء الإداري الغوث الذي يهرع إليه الأفراد والجماعات من مسلوبي الحق، ويصدع إليه كل ذي جبروت وسلطان ليطلب إلزام الهيئة التي ناط بها الدستور والقانون علاج المرضى بما يستطاب به من داء، ما يستنهض عدل المحكمة في أن تهرع إليه إنصافا وإنقاذا لما تبقى من حياته، فمهنة الطب شرعت في الأصل لتكون مهنة إنسانية نبيلة على  أساس الرحمة، وهي أوجب على الأخص مع الفقراء من المرضى سعيا لبلوغ التضامن الاجتماعي بين الناس".

وكان ممثل وزارة الصحة دفع بعدم مسؤولية وزير الصحة عن التأمين الصحي، بحجة أن له شخصية مستقلة، ودفع الحاضر عن التأمين الصحي بعدم اختصاص القضاء أصلا بنظر دعاوى علاج المواطنين، إلا أن المحكمة ألزمت التأمين الصحي ووزير الصحة، بعلاج الطالب الذي مات بعد أسبوع من صدور الحكم، بعد امتناع التأمين عن تقديم العلاج له.

وأشارت المحكمة إلى أن وزير الصحة هو الرئيس الأعلى للهيئة العامة للتأمين الصحي، وما يصدر من أحكام على الهيئة تتولى الهيئة تنفيذها تحت إشرافه، واختصام وزير الصحة واجب حتى يكون الحكم الصادر على الهيئة في مواجهته لإلزامها بتنفيذه.

وأوضحت أن دفع ممثل التأمين الصحي، يعد مخالفة صارخة للمبادئ الدستورية التي صارت من الحقوق الأساسية للإنسان أولها أن لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقا لمعايير الجودة، وثانيها التزام الدولة بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين، يغطي كل الأمراض على نحو ما نصت عليه المادة 18 من الدستور المصري، ولا يجوز لهيئة التأمين الصحي التحلل من الالتزام الدستوري بعلاج المواطنين، وثالثها أن التقاضي حق مصون ومكفول للكافة ولا يجوز لتلك الهيئة وضع قيود تنال من حقوق المرضى من اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي المتمثل في القضاء الإداري العاصم من القواصم، ورابعها أنه يحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء على نحو من نصت عليه المادة 97 من الدستور، ومن ثم فإن قول هيئة التأمين الصحي لم يكن يستحق في العدل ردا ولا يستأهل في الحق ذكرا، على حد تعبير المحكمة.

 


مواضيع متعلقة