قبل أن يقتلنا أمين شرطة!!

محمد فتحى

محمد فتحى

كاتب صحفي

ليست واقعة قتل أمين شرطة لسائق هى الأولى، ولن تكون الأخيرة، ولو تُرك الأمر هكذا قد تفشل 30 يونيو نفسها بسبب أمين شرطة!!

الناس «قرفت» من تجاوزات أمناء الشرطة، والدولة فى إجازة.

الناس تريد إنهاء كل مظاهر فساد أمناء الشرطة، والوزارة تحولهم لمحاكمات تأديبية داخلية لا نعرف عنها شيئاً، ولم نعد نثق فيها.

الناس تتمنى عقاباً رادعاً لأمين الشرطة الفاسد، والنيابة تخلى سبيلهم، بعد أن كانوا يحاكمون عسكرياً على أخطائهم، لكن برلمان الإخوان والقوى الإسلامية ألغى هذه المحاكمات فى 2012 وفى عهد وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم.

الناس كانت تعرف أن أمناء الشرطة الذين خرجوا من الخدمة «أراحوا واستراحوا»، لكن نتيجة الوقفات الفئوية التى كان يدعمها الجميع، وبحثاً عن لقطة، أعاد محمود وجدى أمناء الشرطة عند توليه وزارة الداخلية أيام حكومة شفيق عقب ثورة يناير.

هل تتفق معى إذن فى أن أمناء الشرطة أصبحوا دولة داخل الدولة، وأننا «جميعاً» سمحنا لهم بالتوحش حتى صار الجهاز العصبى لوزارة الداخلية فاسداً، ليستحيل تغيير «العقيدة» التى نتمنى جميهاً تغييرها فى الداخلية لأن «الأساس» مضروب؟؟

إذا لم تتفق معى على ذلك فلا تكمل قراءة المقال، وإذا وافقتنى دعنا نطرح الموضوع «بالراحة» وبمنتهى الهدوء.

عندك «دولة» مخطئة، اعتمدت فى هيكلة «وزارة الداخلية» على «أمناء الشرطة» لكنها لم تؤهلهم، وبدلاً من أن «تحجمهم» أطلقت لهم العنان، ليصبح «حاتم» هو النموذج الأبرز فى الداخلية، أو كما قال يوسف شاهين فى «هى فوضى».. إلا من رحم ربى.

عندك «داخلية» مخطئة، استعانت بأمناء الشرطة فى «مفاصل» الأمن العام للمواطن، ليصبح أمين الشرطة هو أول من تقابله فى المرور وفى المصالح الحكومية وفى صالات السفر، وهو الذى يكتب «المحاضر»، وهو الذى «يتحرى» لتنفيذ الأحكام، وهو الذى «بيخلص» المصالح، وهو الذى يأخذ «الإتاوة» أو يأتى بالقضية للبيه الظابط.. إلا من رحم ربى.

عندك إعلام مخطئ، فحين خرج أمناء شرطة كثيرون أو أحيلوا للاستيداع دعم وقفاتهم الاحتجاجية أيام محمود وجدى على اعتبار أنهم «ثوريين وكده» ليشكل ضغطاً فى لحظة مرتبكة وقعت فيها الدولة فى فخ «الأمناء» فعادوا وعادت أيامهم وأيام حاتم.. ميرسى يا إعلام يا حلو. إلا من رحم ربى.

عندك رأى عام وسوشيال ميديا يتربص وينتظر قصاصاً من مخطئيهم وفاسديهم، فإذا لم يحدث قامت الدنيا ولم تقعد، وهم محقون. وإذا تم الأمر فى ظل «قرار» أو «منظومة» لـ«تحجيم» أمناء الشرطة وسيطرتهم، خرجت أصوات تؤكد أنهم سيصبحون كبش فداء لتدافع عنهم بعد أن كانت تطالب بإقصائهم.. إلا من رحم ربى.

عندك وزراء داخلية لا يملكون رؤية حقيقية لإعادة هيكلة المنظومة نفسها وتغيير «العقيدة» التى تصيبنا فى مقتل، وتهين الشهداء الذين تتراجع بطولاتهم النبيلة أمام تجاوز غيرهم من الأمناء والضباط أيضاً.. إلا من رحم ربى.

عندك إجراءات متأخرة يجب أن تحدث، وقرارات يجب أن تصدر، لكن الدولة «بتحسس» على أمناء الشرطة خوفاً منهم لأنهم قادرون على «شل» العديد من مفاصل الدولة التى يتولون تأمينها، ولأن التخلص منهم جميعاً يقول لنا إنهم سيعملون ضد الدولة فى الخفاء ليتحولوا إلى «مافيا» مستترة سندفع جميعاً ثمنها، فما الحل؟؟

الحل أن يدرك الجميع أننا «زهقنا» من حواديت «أمناء الشرطة» غير المؤهلين الذين يحكموننا فى الشارع والمصالح الحكومية ويصل الأمر معهم إلى قتل وسحل الناس. أمناء شرطة كانوا سبباً فى أزمة الأطباء. أمين شرطة هدد مواطنة وتحرش بها فى محطة مترو. أمين شرطة قتل سائقاً، وغيرها من الحوادث التى لن تنتهى إلا بإجراء حاسم وقوى وصلب يقول للناس إن «النظام» ضد ما يحدث، أو إن ما يحدث «عاجبه» أوى فيتركنا حتى يصبح كل منا مرشحاً محتملاً للقتل على يد أمين شرطة.. إلا من رحم ربى!!

الحل فى إجراءات حقيقية، وإعادة تأهيل حقيقى، وتغيير عقيدة حقيقى، لكى نشعر بأننا فى دولة وليس فى برنامج الكاميرا الخفية.