"شادي وهي".. حب ينتصر على "الحواجز الإسرائيلية" وينهار أمام "الأم"

كتب: محمد علي حسن

"شادي وهي".. حب ينتصر على "الحواجز الإسرائيلية" وينهار أمام "الأم"

"شادي وهي".. حب ينتصر على "الحواجز الإسرائيلية" وينهار أمام "الأم"

"في الانتظار، يُصيبُني هوس برصد الاحتمالات الكثيرة، ربما نسيت حقيبتها الصغيرة في القطار، فضاع عنواني وضاع الهاتف المحمول، فانقطعت شهيتها وقالت لا نصيب له من المطر الخفيف"، كلمات للشاعر الفلسطيني محمود درويش تصف قصة حب شاب فلسطيني لا يزال ينتظر ما سيخرج من جعبة القدر وما هو السيناريو الذي تعده الأيام لتلك القصة.

بصوت خافت مليء بالشجن يصاحبه التفكير في "معشوقته" بطلة قصة حبه التي انتصرت على الحواجز العسكرية الإسرائيلية، ولكن يتبقى لها جولة واحدة فقط، الكلمة فيها للأهل وليست للحبيب ومحبوبته، حيث يروي شادي أسعيد ذلك الشاب الفلسطيني الذي يعمل مذيعا بإحدى الإذاعات المحلية في طولكرم، لـ"الوطن" تفاصيل حبه الذي يقاتل حتى هذه اللحظة لكي يتوج بالزواج.

"أنا من مدينة الخليل وأعمل براديو في طولكرم، وبدأت قصة الحب منذ عدة شهور ولكن لن أستطيع أن أذكر اسمها لك، أنا متأكد أنها إذا اطلعت على هذا الموضوع ستعرف مدى حبي لها"، خرجت هذه الجملة من شادي بصورة تلقائية، وعلى ما يبدو أن جميع الذكريات مع حبيبته كانت تمر في شريط نصب عينيه حين النطق بها.

لم تختلف بداية قصة حب شادي عن مثيلاتها في أي مكان أو زمان، حيث كانت حبيبته ضيفة لزوجة مدير الراديو الذي يقدم فيه برنامجه، وبالتزامن مع دخوله إلى مكتبه سمع صوتا وصفه بـ"الملائكي" في محيط المكان، معتقدا أن مهندس الصوت يقوم بتركيب صوت إحدى المطربات على لحن أغنية جديدة، لكن حينما توقفت الأغنية وجد نفس الصوت يتحدث مع شخص آخر، وبعد تتبعه لمصدر الصوت وقعت عيناه على أجمل من رآها في حياته، ليقع في الحب من أول نظرة، على حد وصفه.

استجمع شادي ما أوتي من جرأة ليتعرف على الفتاة التي خطفت قلبه، وحاول إقناعها بتقديم برنامج معه، فبغض النظر عن الحضور الذي تتميز به وصوتها الذي يلائم طبيعة البرامج الإذاعية، كان لديه هدف آخر وهو التقرب منها والتعرف على شخصيتها ورؤيتها يوميا، وبعدما اقتنعت بالفكرة وعرضتها على عائلتها الذين رفضوها من الأساس، قام شادي بالتفكير في حل وسط لتستخدمه حبيبته - التي لم يبح لها بمشاعره تجاهها بعد- كمحاولة أخيرة لإقناع العائلة المقيمة بالمدينة التي يتخذ منها الراديو مقرا له، حيث تقدم البرنامج باسمها، ولكن اسم العائلة سيكون مستعارا من إحدى عائلات الخليل، ليوافق الأهل بشرط أن يكون العمل يوما واحدا في الأسبوع، ما جعل شادي يشكر الله حينما سمع هذا الخبر، وعقله يتغلب على قلبه في هذا الموقف تحديدا ليقول :"أراها يوما في الأسبوع أفضل من عدم رؤيتها نهائيا".

نظرات شادي وطريقة تعامله مع زميلته في البرنامج ذاته جعلتها تشعر بشيء غير طبيعي، لتسأله بعد عدة مواقف فضحت مشاعره عن سبب اهتمامه بها لهذا الحد، لتكون الإجابة بلا تردد هي "أنا أحبك وأريدك شريكي حياتي".

شادي الذي أراد طمأنة حبيبته جعلها تتعرف على والدته، لاسيما وأن البرنامج توقف من قبل الشرطة ولا يريد أن يفقدها، وحدد ميعاد لزيارة أهلها برفقة أمه، وكان عليه أن يسافر إلى الخليل من طولكرم في رحلة استعرقت ست ساعات متواصلة ليقطع فيها مسافة طويلة عبر نابلس ورام الله في أكثر من وسيلة مواصلات متخطيا جميع حواجز الاحتلال الإسرائيلي التي لم تحبطه في استكمال السفر لأمه، ليصل إلى منزله بمعدة خاوية، ويطلب منها أن تعد له الطعام، ولكنه لم يتناول سوى كسرة خبرة واحدة، فشوقه تغلب على جوعه ليعيد رحلته مرة أخرى من الخليل إلى طولكرم ويستقل وسائل المواصلات ذاتها للذهاب إلى حبيبته، فالحلم يقترب رويدا رويدا.

وصل شادي إلى الخليل برفقة والدته في منتصف الليل تقريبا، ليبلغ حبيبته أنه سيأتي لخطبتها من أهلها في نهار اليوم التالي، ولكن المفاجأة التي لم يكن يتوقعها أن والدته رفضت تلك الزيجة بحجة التقاليد والعادات وأن عليه الزواج من أي فتاة يختارها من أي عائلة في الخليل، ليظل 4 أشهر حتى يومنا هذا يحاول إقناع والدته التي تعرض عليه الزواج بصورة شبه يومية من فتاة مختلفة ولكنه يقابل كل هذا بالرفض، واضعا بالإعتبار رضا والدته.

شادي الذي لم تستطع حواجز الاحتلال الإسرائيلي وتقاليد عائلته وإيقاف برنامجه أن تحبط حلمه، ساهمت جميع العوائق في تمسكه أكثر بحبيبته، التي لم يعد يراها الآن، ويستمع إلى الحلقات التي كانت تقدمها معه في البرنامج، وعيناه شاخصتين على الميكروفون الذي كان يستقبل صوتها وهي بجواره.


مواضيع متعلقة