عمارات صقر قريش.. السكن ممنوع لـ«أصحابها».. مسموح لـ«المغتصبين»!

كتب: شيرين أشرف

عمارات صقر قريش.. السكن ممنوع لـ«أصحابها».. مسموح لـ«المغتصبين»!

عمارات صقر قريش.. السكن ممنوع لـ«أصحابها».. مسموح لـ«المغتصبين»!

كلاب ضالة تتجول فى كل مكان، وثعابين تخرج من وسط الرمال، وعناكب تعشش فى الجدران التى أكلتها الرطوبة.. كل ذلك جزء من حال عمارات «صقر قريش» المهجورة بالمعادى، وهى فى الأصل عقارات من 10 طوابق اشتراها مواطنون للسكن فيها، لكن لم يحاول أحد أن يسكنها بسبب قرار الحى بعد توقف بنائها بشكل نهائى قبل 12 عاماً.

حسرة يشعر بها محمود عبدالكريم، صاحب منزل بعمارات «صقر قريش» المهجورة، أثناء مروره من أمامها على طريق «الأوتوستراد»، إلى عمله ذهاباً وإياباً: «قبل ما العمارات ما تتبنى وكانت حتة أرض اشتريت فيها بيت مساحته كانت كبيرة فى حدود 210 أمتار، وكان وقتها بسعر كويس وتسهيلات، وأول ما سددت تمنها والعمارة قامت وكل حاجة فيها جهزت ما عدا المرافق، الحى رفض إننا نسكن فيها عشان مشاكل عليها ماعرفش سببها، ومن يومها لا عارف أسكن فيها ولا فلوسى رجعت». {left_qoute_1}

يأمل الرجل الأربعينى أن يلتقى محافظ القاهرة لكنه لم تسنح له الفرصة: «150 ألف جنيه ضاعوا فى الهوا، حطيتهم من شقا عمرى وراحوا، والعماير دلوقتى بقت مهجورة وساكنها العناكب والكلاب، وأنا دافع فيها اللى حيلتى مش عارف أقعد فيها ولا أرجّع فلوسى، عشان كده حاولت أكتر من مرة أقابل المحافظ مع كل تغيير حكومى جديد، ومحدش بيقابلنى ومش عارف الحال ده هيفضل كده لحد إمتى؟». يبرر «محمود»، محاسب بشركة أسمنت، صمته أمام قرار الحى، أملاً فى أن تدخل بها المرافق ويسمح المسئولون بسكن ملاكها فيها: «أنا أعرف مهندسين كتير بحكم شغلى، عشان كده جبت أكتر من مهندس يعاين العمارات اللى اشتريت فيها، وكلهم أجمعوا إن تأسيسها فيه مشكلة، ومفيش حل فى دخول المرافق إلا بطريقة قانونية، وده مش هيحصل إلا لما العمارات تبقى جاهزة إن الناس تسكن فيها، عشان كده ساكت لحد ما الحى يحل المشكلة أو المحافظة».

لم يكن فى وسع سعيد رجب (29 عاماً) أى حلول لاسترجاع ثمن المنزل الذى اشتراه فى العمارات المهجورة، وحاله مثل «محمود»، فمقر الشركة أو أصحابها الذين اشترى من خلالها منزله المهجور لا يوجد لهم أثر: «من يوم ما الحى وقّف بناء العمارات كانت كل حاجة جهزت والاستلام كأنه بعد شهر لحد ما يدخلوا المرافق وركوب الشبابيك ونسكن فيها، وأول ما الحى طلع القرار مفيش حد من اللى اشترى زيى لاقى أثر للشركة اللى دفعنا فيها واشترينا منها بيوتنا»، كذلك يكشف «سعيد»: «حالى زى ناس كتير اشترت ومش عارفة تسكن لحد ما بقت مهجورة، ومش عارفين نستفيد منها ولا فلوسنا ترجع ولا حد بيسمع لينا».

حاول الشاب الثلاثينى تجهيز شقته بداخل العمارة المهجورة رقم «5» بعد الأزمة، لكن الحى رفض التجهيز وأوقف الأعمال بمعظم العمارات: «المشكلة اللى بتواجهنى إنى متجوز من سنة ومعايا طفل وعايشين فى إيجار، وكان حلمى إن الشقة تخلص عشان أسكن فى ملكى، بدل ما انا بدفع كل شهر 1000 جنيه فى الهوا وفى الآخر العقد هيخلص وأرجع أدور على شقة إيجار تانى».

«فكّرت أجهّز الشقة وأقعد فيها والحى وقفلى، والغريب إن فى نفس العمارات ناس قعدت فيها بالغصب، لكن على المحارة ومن غير مرافق وماجهزوش، والحى سايبهم مش عارف ليه»، كذلك يضيف «سعيد»: «كل ما أتكلم يطلعوا المسئولين يقولولنا اصبروا لحد ما نحل الأزمة، وعقود الشراء الرسمية كلها مع الحى بقالها سنتين عشان يرجعوا لينا فلوسنا، لكن من غير أى حلول.. ولا فلوسنا رجعت». {left_qoute_2}

رغم المخاطر التى تهدد حياة أسرة «إبراهيم» داخل العمارات المهجورة، قرر السكن فيها دون أن يشترى وحدة سكنية بداخلها، لحين انتهاء الأزمة بين الملاك والحى: «أنا راجل على قد حالى، وكنت عايش أنا ومراتى وعيالى فى أوضة لأنى كنت بشتغل بواب فى عمارة جنب العمارات المهجورة، ولما اختلفت مع السكان مشيت عشان الفلوس قليلة ومش راضيين يزودونى، مالقتش قدامى غير إنى أقعد فى مدخل عمارة من العمارات المهجورة، لأن محدش بيسأل عليها لحد ما أشوف شغلانة تانى، وسبتها على الله».. لم يكن فى وسع الرجل البسيط أن يدفع ثمن شراء منزل، فحاول أن يبحث عن عمل قبل 6 شهور لكن دون جدوى: «من يوم ما سبت شغل العمارة اللى كنت فيها، مافكرتش وجيت أنا وعيالى قعدت فى أوضة بمدخل العمارة المهجورة، لحد ما ألاقى شغل عشان الدنيا نايمة خالص وماعيش شهادة عشان أشتغل فى مكان كويس، ولو على الكلاب بهشّها لكن مابخرّجش عيالى غير الصبح عشان التعابين ماتعضهمش».

إبراهيم فتحى، المقبل من الصعيد بحثاً عن عمل يستطيع من خلاله أن يصرف على أبنائه وزوجته، لم يتوقع يوماً أن يعيش داخل عمارة مهجورة، ويمتلك بها حجرة دون أن يدفع مليماً: «إحنا أحسن من غيرنا بكتير، ولو عليا مش عايز مشكلة العمارة تخلص عشان أفضل قاعد فيها، أنا مابدفعش جنيه ومحدش حاول يطلعنى منها لأن مفيش حد بيقرّب لها، لكن كل مشكلتى معاها إن مافهاش ميّه ولا نور، وواخد وصلة من عمود نور فى الشارع قريب منى، والميّه باملا جرادل كل يوم من الجامع اللى جنبنا، بس أحسن من مفيش».

{long_qoute_1}

مرة واحدة تعرض فيها «إبراهيم» للجنة من الحى، جاءت إلى العمارات المهجورة قبل 4 شهور: «فى الـ6 شهور اللى قعدتهم فى العمارة محدش بيجى خالص، غير مرة واحدة جالى ناس من الحى وسألونى بتعمل إيه هنا؟ فقلت لهم بحرس العمارات عشان محدش يسكن فيها، فسابونى واتفقوا معايا إن لو حد جه بالعافية يسكن فى العمارة أبلّغ عنه، وفعلاً أكتر من حد سكن فى العمارة على المحارة وبلغت عنه ومشوه بالقوة من البيت»، مضيفاً: «كل مشكلة الحى معايا إنى واخد النور من العمود، لأنهم اعتبروها سرقة، ووعدونى إنهم هيجيبوا ليا موافقة بدخول النور بشكل قانونى للأوضة اللى قاعد فيها لحراسة العمارات».

محمد الأسيوطى، نائب رئيس حى صقر قريش، أكد أن قرار وقف السكن بعمارات «صقر قريش» قبل سنوات يرجع إلى أخطاء هندسية فى البناء منذ إنشائها وعدم دخول المرافق: «العمارات كلها فيها مشاكل، ولو السكان دخلوا فيها مش هنعرف نخرّجهم منها، والمشكلة الأكبر إن أصحابها مالهمش أثر، وكان فيه طرف تانى من أصحابها بجمعية وهمية للإسكان، وبالعقود اللى اشتروا بيها أصحاب المنازل عليهم قضايا لكن متغيبين». يبرر «الأسيوطى» موافقة الحى على وجود أسرة «إبراهيم» بحجرة بإحدى العمارات المهجورة: «الراجل موجود لحراسة العمارات لعدم سكن أى مالك فيها، لكن بدون أجر مادى، إحنا سايبينه لحد بس ما الأزمة تخلص، لعدم وقوع مخاطر على السكان اللى بيحاولوا يجهزوا الشقق اللى اشتروها، لأن بالتأكيد العمارات هيتم قرار لإزالتها وإعادة إنشائها، ودلوقتى هدمنا جزء من السلالم الداخلية عشان محدش يقدر يدخل الشقق لحد ما الأزمة تتحل».

 

الحى يرفض إدخال المرافق للعقارات

 

عمارات صقر قريش لا تزال مهجورة


مواضيع متعلقة