بجدران عالية وأبراج مراقبة.. تركيا تحاول إغلاق حدودها أمام "داعش"

كتب: (رويترز) -

بجدران عالية وأبراج مراقبة.. تركيا تحاول إغلاق حدودها أمام "داعش"

بجدران عالية وأبراج مراقبة.. تركيا تحاول إغلاق حدودها أمام "داعش"

ارتفعت ألواح من الجدران الخرسانية وازدادت الدوريات العسكرية كثافة على حدود تركيا المتاخمة للأراضي السورية الواقعة نسبيًا تحت سيطرة تنظيم "داعش".

وتتعرض أنقرة لضغوط مكثفة من حلفائها في حلف شمال الأطلسي لإغلاق شريط حدودي طوله 70 كيلومترًا يمتد شرقي بلدة كلس إلى قرقامش لطالما كان معبرًا للمقاتلين والبضائع المهربة وعتاد الحرب.

وخلف سلسلة من القرى الصغيرة التي تحفها صفوف طويلة من أشجار التين والزيتون، تقع آخر قطعة من الأراضي السورية لا تزال تحت سيطرة تنظيم "داعش" على الحدود الجنوبية لتركيا، وذلك بعد أن حقق مقاتلون أكراد مكاسب ضد التنظيم.

وتخشى حكومات أوروبية أن يتمكن مواطنوها الذين قاتلوا في صفوف التنظيم من عبور الحدود إلى تركيا قبل العودة لأوطانهم لشن هجمات.

وتعتقد الولايات المتحدة أيضًا، أن تركيا موطن ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي يتعين عليها أن تغلق حدودها حتى يتسنى هزيمة تنظيم "داعش" في سوريا.

ويقوم جنود بدوريات في مركبات مدرعة على طول الحدود المحددة في بعض الأماكن بسور من الأسلاك الشائكة فحسب، وظهر المزيد من أبراج وأكواخ المراقبة في الشهور الأخيرة، ويجري إقامة جدران من ألواح خرسانية ارتفاعها ثلاثة أمتار في بعض المناطق الأكثر عرضة للاختراق.

ومنذ شهور، تتناقش واشنطن وأنقرة في كيفية إغلاق هذا الشريط الحدودي، وقال مسؤولون أمريكيون كبار الشهر الماضي، إنهم سيعرضون على تركيا تكنولوجيا تتضمن مناطيد استطلاع ومعدات لرصد الأنفاق.

ومن دون شك، فإن الإجراءات الأمنية هناك باتت أكثر إحكامًا لكنها ليست مستحيلة الاختراق بالنسبة لمن يريد التسلل، كما أن المساعدة لا تزال متوفرة لمن يدفع الثمن.

وقال إسماعيل (37 عاما) الذي وصف نفسه بأنه تاجر وهو يدخن سيجارة في مقهى قرب بلدة أكينجي "الأمر صعب ولكنه ليس مستحيلا... لنقل إنك تريد العبور. يمكنك أن تخبرني بالمكان والزمان وأنا اتصل بأشخاص ليساعدوا في تحقيق ذلك.. لكن سيكون عليك دفع مبلغ أكبر."

وتشير أرقام الجيش إلى أن محاولات العبور إلى أراض يسيطر عليها تنظيم "داعش" في سوريا لا تزال مستمرة، وأن 121 شخصًا حاولوا ذلك على مدى الأيام العشرة الأخيرة فحسب، وكان نصف هؤلاء تقريبًا من الأطفال بينما كان أكثر من عشرة منهم أجانب. لكن الخناق يضيق على من يحاولون تهريب الناس عبر الحدود.

وقال عباس (51 عاما) وهو مزارع قرب بلدة البيلي التركية الحدودية بينما كان جنديان يحمل كل منهما بندقية يمران أمام بيته في طريقهما إلى موقع عسكري على بعد مئات الأمتار، "الوضع الأمني هنا محكم للغاية والجنود لا يتيحون للمهربين أي متنفس".

وفي العام الماضي، شعر عباس بالقلق الشديد من عدد الأشخاص الذين يعبرون الحدود إلى سوريا بشكل غير مشروع لدرجة أنه بعث رسالة بالبريد الإلكتروني لمكتب حكومي أنشئ قبل أعوام لتلقي شكاوى المواطنين وأسئلتهم.

ويتلقى المكتب أكثر من مليون شكوى وسؤال في العام، ويقول عباس إنه لم يتلق أي رد منهم، مضيفًا: "كان هناك حرفيًا طوفان من الناس"، ووصف كيف استطاع بعض الناس في قريته تكوين ثروات من نقل الناس ذهابًا وإيابًا عبر الأسلاك الحدودية، وكيف كانوا يقومون بأكثر من عشر رحلات في الليلة إلى أن توقف التدفق بشكل كبير قبل شهر.

وأكد عدد من السكان في قرى وبلدات حدودية أخرى، أنه جرى تشديد الوضع الأمني، لكنهم شددوا على أن الرحلات من وإلى سوريا لم تتوقف.

وقال مسؤول حكومي كبير، "لم نسمح قط لتنظيم داعش باستخدام أراضينا للعبور إلى سوريا ولن نسمح له.. نعتبر داعش خطرًا شديدًا ولا نريدها عند حدودنا".

وأصبحت تركيا بشكل متزايد هدفا للمتشددين السنة، وجاء تفجير إسطنبول بعد هجوم انتحاري في أنقرة في أكتوبر، أدى إلى مقتل أكثر من مائة شخص، إضافة إلى هجوم في بلدة سروج الحدودية في يوليو الماضي، وأعلن مقاتلو "داعش"، مسؤوليتهم عن الهجومين.

ويقول دبلوماسيون ومحللون، إن تركيا أدركت الخطر بعد فوات الأوان، الأمر الذي أتاح لتنظيم "داعش" تكوين شبكات من المتعاطفين، وتنفي الحكومة التركية هذا الاتهام.

وقال آرون ستاين وهو باحث كبير في مؤسسة المجلس الأطلسي البحثية، "هذه الشبكات مرتبطة بشبكات راسخة لتنظيم القاعدة في تركيا.. إنهم موجودون بالفعل ومارسوا نشاطًا دون تدخل كبير حتى مارس 2015"، مشيرًا إلى ارتفاع ملحوظ في الاعتقالات منذ ذلك الحين.

وإلى جانب التفجيرات الانتحارية الكبيرة، استطاع متعاطفون مع "داعش"، تنفيذ هجمات محددة داخل الأراضي التركية على طول الحدود في الشهور الأخيرة.

 


مواضيع متعلقة