«سنية».. رحلة كفاح 25 سنة أمام حمام الرجال

كتب: فاطمة مرزوق

«سنية».. رحلة كفاح 25 سنة أمام حمام الرجال

«سنية».. رحلة كفاح 25 سنة أمام حمام الرجال

تجلس على كرسيها الخشبى كعادتها، تترقب «دبة النملة»، تمارس عملها الشاق الذى اعتادته منذ 25 عاماً، تلتفت يميناً ويساراً تراقب كل من تدلف قدماه إلى باب «الحمام». تسلل الخوف إلى قلبها وأصابها القلق عندما ظهر أمامها رجلان دخلا معاً لقضاء حاجتيهما، غيابهما فى الداخل دفعها إلى التقدّم لتحرى الأمر، اقتربت من الباب وصاحت بصوت عالٍ: «فيه حد جوه ياللى هنا»، لكن الهدوء الذى خيّم على «الحمام» جعلها تدفع الباب بقوة، وإذا بعينيها تقع على الرجلين فى وضع مخل.

{long_qoute_1}

موقف من عشرات، تتذكرها سنية عبدالحميد، العاملة على حمام رجال عمومى بمبنى هيئة النظافة التابع لحى حلوان، وتتذكر معها كم المعاناة التى لاقتها، وأرغمت عليها، بعد أن أصيب زوجها فى حادث جعله عاجزاً عن العمل، لتصبح العائل الوحيد لأسرة مكونة من 8 أفراد: «جوزى كان بتاع خشب، وقع من على السقالة والرملة دخلت فى عينه واتعمى، ماكانش قدامى غير الشغل ده، اتحملته بقرفه، علشان أعيش أنا وعيالى، الصبيان اتجوزوا وأنا وبنتى الصغيرة بنكافح علشان لقمة العيش، هى قاعدة قدامى بشوية مناديل، وأنا باشرف على الحمام».

هنا، الجميع يعلم بقصة «سنية» وكفاحها، يرمون عليها السلام ويطمئنون منها على أحوال أبنائها، أحدهم سألها مباغتاً: «ولسه ابنك قارفك؟»، لتهاجمها الدموع وهى تدعو عليه بملء ما فيها من قوة «ربنا ياخده، هو أزمة عمرى كله، كفاية إنه بيبرشم، وضرب بنتى الصغيرة بالشومة وموتها ورماها فى الزبالة.. حسبى الله ونعم الوكيل فيه».

صعوبة مهمتها لا تكمن فى المهنة نفسها، فقد تحمّلت الروائح الكريهة، وحاجتها إلى تنظيف الحمام أكثر من مرة، لكن فى المضايقات التى تتعرّض لها: «اللى عاوز يدخل هو وخطيبته مع بعض، واللى يشتمنى، واللى يحاول يتحرش، ومرة واحد ضربنى لما رفضت أنه يدخل مع واحدة الحمام»، لم يكن لـ«سنية» من سبيل فى مواجهة هذه المعاناة سوى طلب النقل، لكنه لم يتحقّق لها طوال هذه السنوات: «مستحملة الشغل علشان بنتى الصغيرة محتاجة تتجهز وتتجوز، وكل اللى باقبضه 510 جنيهات بيروحوا على علاجى أنا وأبوها وإيجار الشقة».

 


مواضيع متعلقة