سياسي تونسي لـ"الوطن": الحكومة ستسقط إن لم تستجب لمطالبنا.. وما يحدث ليس "ثورة"

كتب: محمد حسن عامر

سياسي تونسي لـ"الوطن": الحكومة ستسقط إن لم تستجب لمطالبنا.. وما يحدث ليس "ثورة"

سياسي تونسي لـ"الوطن": الحكومة ستسقط إن لم تستجب لمطالبنا.. وما يحدث ليس "ثورة"

قال محمد الطاهر الخضراوي، رئيس جميعة أمل للتضامن والتنمية بولاية القصرين الداعمة لمظاهرات العاطلين عن العمل في تونس، إن "المظاهرات والأعمال الاحتجاجية في تونس ستستمر إلى حين تحقيق مطالب العاطلين عن العمل وخطط التنمية، وإذا لم تستجب الحكومة لمطالبنا فإنها ستسقط".

وأضاف "الخضراوي"، في حوار لـ"الوطن"، أن "المظاهرات الحالية لا أظنها ثورة جديدة وإنما هي لتصحيح مسار ثورة 14 يناير 2011، وتحقيق المطالب والشعارات التي رفعناها من قبل".

وعن تزامن الاحتجاجات في تونس مع مرور نحو 5 سنوات على ثورات الربيع العربي، قال "الخضراوي": "نشعر بخيبة أمل كبيرة والأوضاع الآن أسوأ مما قبل يناير 2011".

وإلى نص الحوار...

* في البداية، هل مسألة البطالة وحدها هي محرك التظاهرات في تونس؟

- ليست وحدها البطالة المسببة لمظاهر الاحتجاج الحالية في تونس، بل الفساد المستشري في كامل الإدارة التونسية، فالفساد مستشري على المستويات الإدارية والسياسية والمالية، وأكبر مثال علي ذلك قانون "الصفقات العمومية" سيئ الذكر الذي يقنن الفساد ويشجع عليه، وكذلك غياب الفعل التنموي وعدم القدرة علي تنفيذ المشاريع المبرمجة والمخطط لها منذ 2011. 

* ما الأهداف التي تريدون الوصول إليها من تلك المظاهرات؟

- الأهداف واضحة، نحن نريد تقليص نسبة البطالة، التي تفوق 38% بين حملة المؤهلات العليا، التي هي أكثر من ضعف معدل البطالة على المستوي الوطني المقدر بنحو 16%، وكذلك نريد تنمية المنطقة بالاعتماد على عدة محاور منها تنمية البنية التحتية بمختلف أنواعها، في المدارس والطرقات والمستشفيات، وكذلك فإننا نريد فك عزلة الولاية اقتصاديًا، والدخول إلى القرن الـ21 بكل تقنياته.

* حدثنا عن المعاناة التي يعانيها التونسيون مع الذكرى الخامسة للثورة؟

- خيبة أمل كبيرة لدى التونسيين الذين أمنوا بصناديق الاقتراع، وكذلك الحال لدى أولئك الذين لم يصوتوا، مع ارتفاع نسبة البطالة، ونسبة الفقر، ونسبة الجريمة، ونسبة الانقطاع المدرسي، واستشراء الفساد في مفاصل وهياكل الدولة، وغياب رؤية واضحة لحل كل هذه المشاكل.

* إلى أي مدى شملت التظاهرات الاحتجاجية مدن تونس؟.. وهل اتسعت لتشمل كل المدن أم فقط القصرين وبعض الولايات؟

- المظاهرات انطلقت في ولاية "القصرين" يوم الاثنين 18 يناير 2016، ثم انتشرت في كامل الولايات الداخلية بداية من يوم 20 يناير، حتى وصلت إلى تونس الكبرى ومدينتي "صفاقس" و"سوسة".

{long_qoute_1}

* هل تخططون لنقل احتجاجاتكم إلى العاصمة تونس؟

- قد يحصل لكن ليس بالضرورة الاعتماد على مخطط بعينه.

* كيف قرأتم وقيمتم استجابة الحكومة التونسية لكم؟

- كانت قرارات دون المأمول بكثير، ودون ما تتطلبه الظروف موضوعيًا، مع تهاون وبطء في الرد رغم أنها حلول ترقيعية لا تعالج لب المشكلة، وذلك كما قلنا عدم وجود رؤية واضحة لدى الائتلاف الحاكم.

* لماذا لا تأخذون في اعتباركم الظروف الصعبة التي تمر بها تونس وتعمل وسطها الحكومة؟

- نأخذ ذلك بعين الاعتبار، وليس أدل على ذلك أننا انتظرنا لمدة خمس سنوات حتى وصلنا لحكومة دائمة منتخبة، ومن المفترض أنها انتخبت على خلفية برامج لم ينفذ منها شيئًا حتى الآن، ولم نر مؤشرات لتنفيذها مدة 14 شهرًا.

* لكن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قال إن الحكومة ورثت 700 ألف عاطل عن العمل.. ما تعليقك؟

- الرقم غير دقيق.. الحكومة ورثت 750 ألف عاطل، وتفاقم العدد منذ 2012 ليصل إلى أكثر من 900 ألف عاطل عن العمل وآلاف آخرين يعملون لكن وفق ظروف هشة ومؤقتة ومهددون في أي وقت.

* هل هذه المظاهرات طالبت بإسقاط الحكومة أو طالبت بإسقاط النظام.. وهل هذا ممكن أن يحدث خاصة أنكم وصفتم الحكومة بالفاشلة، بمعنى هل تتطور الأمور إلى هذه الدرجة؟

- خلال الاحتجاجات في ولاية "القصرين" لم يحصل ذلك، لكن ربما يحصل، إذا لم تستطع الحكومة تنفيذ المطالب أو العمل على ذلك، وسنواصل المظاهرات حتى تستجيب الحكومة لمطالبنا وإذا لم تتحقق مطالبنا فإن تلك الحكومة ستسقط.

* هناك من يصف الاحتجاجات الحالية بأنها ثورة جديدة في تونس.. ما رأيك؟

- لا نظن ذلك، ونحن نعتبرها احتجاجات لتصحيح المسار، لأننا نؤمن بأن الثورات هي مسار وليس تاريخ، وثورتنا بدأت في 14 يناير 2011، وذلك لنحقق وننفذ المطالب والشعارات التي تم رفعها في 2011، ولأن ثورة ثانية في هذا المناخ السياسي الإقليمي ربما تأخذنا إلى مجالات لا ننتظرها ولا نريدها ولا نتمناها.

* هناك من يصف المحتجين بالمخربين ومن يريدون إثارة الفتنة في تونس بعد أن شهدت استقرارًا نسبيًا.. ما تعليقك؟

- لم يحصل أن وصف أحد المحتجين بأنهم مخربين، بل أنه حتى الدولة اعترفت بحقهم في الاحتجاج الذي يكفله الدستور.. وأؤكد مجددًا أن التظاهرات التي تخرج في تونس سلمية وستظل في إطار الحراك السلمي.

* لكن رصدت كثير من مظاهر السلب والنهب في تونس.. ما ردك؟

- لا.. هذا الأمر غير حقيقي، ما يحدث من أعمال سلب ونهب أو تخريب أو اقتحام لعض مراكز الشرطة مجرد أعمال فردية وشاذة ولا يمكن أن تكون مرتبطة بالمظاهرات التي تأخذ الطابع السلمي منذ بدايتها.

* من الأحزاب والقوى السياسية التي تدعم مظاهراتكم؟

- هي احتجاجات شعبية جرى مساندتها من كل الأحزاب والاعتراف بمشروعيتها، وجاء ذلك عن طريق الخطابات الرسمية والبيانات الصادرة عن الأحزاب والمنظمات والمجتمع المدني، وهذه المظاهرات تكشف عن أمر هام، وهو أنه لثاني مرة يكون الشارع التونسي هو السابق للنخب المثقفة والمتحزبة، للمطالبة بالتغيير سواء في النظام الحاكم، أو في الممارسات الخاصة بإدارة الشأن العام التونسي.

{long_qoute_2}

* ربما يكون من الصعب أن تلبي الحكومة مطالبكم في ظل الظروف التي تعمل فيها.. والحكومة دعتكم إلى الصبر.. ما الحل هنا؟

- الحقيقة أنه المنتظر من الحكومة أن تقدم إجابات جادة وواضحة عن مسائل وإشكاليات حقيقية تتطلب عملًا وكفاءة ومثابرة من الحكومة، لا موقفًا قدريًا يستند إلى الصبر والعصا السحرية، لأننا نطلب منهم أكثر من تطبيق برنامجهم الانتخابي الذي على أساسه وصلوا إلى السلطة، والذي لم يفعل أو لم يناقش بين الأحزاب الأربعة الحاكمة الآن، والحقيقة أن أولوياتهم كانت إيجاد حلول لمشكلاتهم الحزبية وليس لمشكلات الشعب التونسي.

* حدثنا عن تعامل الأمن مع المتظاهرين.. وهل كان هناك استخدام للعنف بالفعل؟

- ما لاحظه كل المتابعين لمجري الأحداث هو تطور كيفي في التعامل على مستوى الميدان، بمعنى أن أعداد الأمن التي تواجه المتظاهرين في 2016 قليلة مقارنة بأعداد قوات الأمن في يناير 2011، وكذلك فإن قوات الأمن تعاملت بأقصى درجات ضبط النفس، وهو الأمر الذي لم يدفع المتظاهرين لاتخاذ قرارات أكثر تطورًا فيما يتعلق بمظاهراتهم الاحتجاجية، وكذلك لم يكن هناك ضحايا لاحتجاجات الأيام الحالية عكس ما كان في احتجاجات 2011.

* ألا تخشون أن يستغل تحرككم الاحتجاجي بعض مثيري الشغب ومن يريدون المساس بأمن تونس؟

- كل عاقل يخشى ذلك، لكن لدينا ثقة بوعي جماهير شعبنا وكفاءة قوات الأمن الداخلي والجيش الوطني في حماية الدولة والوطن، كما أن المتظاهرين أقاموا لجانًا شعبية بالأحياء مهتمها المحافظة على سلمية تظاهراتهم، وكذلك لمنع تسلل العناصر الإرهابية والتخريبية بين صفوف المتظاهرين السلميين.

* هل لهذه اللجان أدوار أخرى؟

- نعم، اللجان الشعبية من ضمن مهامها المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة، وكذلك الشد من آزر قوات الأمن في مواجهة بعض العناصر التخريبية، ومواجهة العناصر الإرهابية التي تأتي إلينا من الخارج للاندساس وسط المتظاهرين.

*الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي دعا التونسيين أن يحافظوا على وطنهم وحذرهم من المخربين، كيف تقرأ دعوته؟

- يبقى خطاب الرئيس المصري مجرد خطاب دبلوماسي، وما قاله يصنف في خانة البديهيات، ولا أظننا غافلين عن ذلك. 

* بعد 5 سنوات من الثورة.. هل ترون تغيرًا أو حدوث فارق بين تونس في عهد "بن علي" وتونس في الوقت الحالي؟

- هناك مجالات ازداد الأمر فيها سوءًا، خاصة في المجال الاقتصادي والأمني، لعديد من الأسباب والمعطيات الجيوسياسية في المنطقة، أما فيما يتعلق بمسألة الحقوق والحريات، فالوضع اليوم نقيمه على أنه أسوأ بكثير مما كان عليه قبل 2011، مع العلم أن هذه الحريات تبقى وليدة، إذ هي الآن هشة ومهددة وتتطلب يقظة من كل مكونات المجتمع التونسي حتى لا يجرى الالتفاف عليها.

* رئيس الوزراء التونسي تحدث عن بعض المتطرفين الذي يحاولون الاستفادة من الاحتجاجات.. ما صحة ذلك؟

- قلت من قبل إن الشارع التونسي سبق كل الأحزاب السياسية في الفعل السياسي، ثم تأتي بعد ذلك بيانات الأحزاب السياسية إما بالمساندة أو الدعم، وهناك بالتأكيد من يريد توظيف تلك المظاهرات لأغراض سياسية، على سبيل المثال، حزب "التحرير"، الذي يشبه كثيرًا حزب "النور" في مصر، وزع منشورات على المتظاهرين ضد النظام، وتدعو لإقامة الخلافة، وأعتقد أن على السطات التونسية أن تتخذ موقفًا حاسمًا من ذلك الحزب غير المدني الذي يعمل بالمخالفة للدستور والقانون التونسي الذي يرفض مثل هذه الأحزاب الدينية.

* حدثنا عن موقف الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي، ومهاجمته دولة الإمارات على خلفية الأحداث الجارية في تونس؟

- المرزوقي وحراكه أو حزبه ما صدر منه ردة فعل تجاه المظاهرات، ونحن في نظرنا أي حزب سياسي يقدم مجرد ردود أفعال دون أن يكون لديه خطة أو برنامج، فإننا لا نعتبره حزبًا سياسيًا من الأساس، والسؤال: "ما علاقة الإمارات بما يحدث داخل تونس؟"، فنحن لدينا مشكلات داخلية لماذا يريد "المرزوقي" إقحام أمور خارجية في قضايا داخلية لا تخص إلا التونسيين فقط، وهنا أشير إلى أن "المرزوقي" مكث في حكم تونس 3 سنوات لم يقدم فيها أي شيء.

{long_qoute_3} 

* ما موقف حركة "النهضة" الإخوانية من تظاهرات تونس الحالية؟

- حركة "النهضة" كان موقفها سلبيًا للغاية من المظاهرات، والآن شباب الحركة ينظمون حملات لتنظيف الشوارع في المناطق التي شهدت احتجاجات، وهي في رأينا محاولة للركوب على المظاهرات، ونحن كشفنا ألاعيبهم، وأنهم لا يريدون إلا الوصول إلى السلطة بمجرد شعارات خشبية لا تقدم شيء مثل شعار "الإسلام هو الحل"، وغيره.


مواضيع متعلقة