«ياسر».. ترزى نقش عربى: اللى بنشتغله بنركنه على الرف

كتب: إنجى الطوخى

«ياسر».. ترزى نقش عربى: اللى بنشتغله بنركنه على الرف

«ياسر».. ترزى نقش عربى: اللى بنشتغله بنركنه على الرف

بأيدٍ نحيلة بدأ ينقش خطوطاً إسلامية مرسومة أمامه بدقة على الورقة، لم تكن أدواته فى ذلك النقش سوى إبرة وخيط وقطعة قماش، «ياسر محمد» كان يكمل تراث والده كـ«ترزى نقش عربى»، رغم انقراض المهنة واختفائها من السوق المصرية تماماً، إلا أنه بحسب تعبيره: «آخر واحد بيشتغل الشغلانة دى فى سوق أم الغلام، والإهمال اللى بنشوفه يومياً هيخلى المهنة تموت خالص».

«ياسر» 39 عاماً، بدأ العمل فى خياطة النقش العربى وهو ما زال فى الإعدادية، بعد أن أدرك أن جمال الخط العربى ورسومه لا يضاهيه شىء، تعلم من والده أهمية عمله حتى لو كان رواجه بين الزبائن قليلاً: «اللى بنشتغله بنركنه على الرف، أصل مفيش زباين، ولا فى حد بيهوِّب ناحية المكان، ده لو واحد دخل المكان كلنا بنتلهف عليه، كأنه كنز».

الإهمال الذى يعانيه سوق «أم الغلام» بحسب «ياسر»، ليس وليد اليوم، بل هو ناتج عن مجموعة من السياسات التى تتبعها المحافظة فى الاهتمام بتنظيم سوق خان الخليلى والدعاية الكبيرة التى تحظى بها: «فى المقابل، مفيش أى حد من المحافظة أو مسئول فى وزارة الآثار أو السياحة بيمر عشان يشوف جودة المكان، وهل محتاج يترمم ولا لأ، وإزاى ممكن يستفيدوا منه حتى سياحياً».

«يلفظ أنفاسه الأخيرة»، وصف «ياسر» للسوق التى كانت فى أحد الأيام مركزاً تجارياً كبيراً على مستوى القاهرة كلها، وكان تجار خان الخليلى يعتمدون عليه فى الحصول على منتجاتهم، قبل دخول المنتج الصينى الذى دمر كل المهن التراثية فى مصر: «لو الحكومة ذكية شوية، ممكن تعمل مجموعة من الخطوات اللى تساعدنا بيها، وإحنا نفسنا هنساعدها بعد كده بالعملة الصعبة اللى هتدخل لينا، يعنى مثلاً يعملوا ترميم للمكان دهانات وبياض ومرافق جديدة، لأن الحاجات دى مش هنقدر عليها لوحدنا، خصوصاً إن كل يوم تقريباً فى ورشة بتقفل». الخطوة الثانية التى يرى «ياسر» أنها قد تساعد فى استعادة المكان لروحه، هى عملية الترويج والدعاية، مما يسهم فى عودة السائحين مرة أخرى، بالإضافة إلى وضع قيود على عملية استيراد المنتجات الصينية التى دمرت الصناعة المصرية: «بسبب مهاراتى بقالى أكتر من 20 سنة بصدَّر الزى الوطنى لليبيا، لأنى بعمله بإيدى، الصين حاولت تضربنى فى شغلى، لكنها تقريباً دى الحاجة الوحيدة اللى ماعرفتش تنجح فيها».

يرفض «ياسر» مع إخوته ترك سوق «أم الغلام» إلى مكان آخر، بالرغم من كم العروض التى تلقاها: «مش همشى، لأنى عارف فى يوم أنه هيتحقق حلمى وهيرجع المكان زى الأول، وهيطوروه، والزبون هيرجع سوق الغلام ورجله مش هتسيب المكان».


مواضيع متعلقة