«بدر» التنمية المحلية

التقيت الدكتور أحمد زكى بدر، وزير التنمية المحلية بضع مرات، عندما كان مسئولاً عن أكاديمية «أخبار اليوم»، وما أعرفه عنه أنه رجل مباشر وصريح، لكننى استغربت أشد الاستغراب من عدم تعليقه على الموضوع، الذى نشرته «الوطن» يوم الاثنين الماضى، (ذكرى 25 يناير)، وتكشف فيه أنه صرف 80 مليون جنيه مخصصة لرصف الطرق مكافآت للعاملين بالتنمية المحلية، ولكى أكون دقيقاً دعنى أقل لك إن الصرف تم لـ1600 قيادة، كما أشار المستشار محمد عطية وزير التنمية المحلية الأسبق، الذى استند الأستاذ «ماهر هنداوى»، صاحب الانفراد، إلى رأيه فى تحليل الواقعة. ما يعنى أن متوسط المكافأة، التى تحصل عليها كل قيادة تدور حول رقم الخمسين ألف جنيه، ومؤكد أن ثمة فروقاً بين حجم مكافآت «فروق البنزين» تبعاً لـ«حجم» القيادة.

للإنصاف أشار المستشار «عطية» إلى أن هذا الفعل سبق وجود «بدر» على رأس الوزارة، لكن هل معنى ذلك أن يتواصل الخطأ بهذه الطريقة؟ لقد اشتكى العديد من المحافظين للوزير من سوء الطرق، وحاجتهم إلى مبالغ لتقويمها وصيانتها، صوناً لروح من يسير عليها من الحوادث، لكن الوزير أصر على صرف هذا المبلغ الكبير كمكافآت للقيادات، وحقيقة الأمر فلست أدرى سبباً لهذا الإصرار. الوزير من ناحيته لم يرد ويوضح لنا إن كان لديه سبب مقنع لمواصلة هذا الفعل الممجوج، فى وقت تشتكى فيه السلطة السياسية من عدم توافر السيولة التى تساعد على حل المشكلات!. وهى شكوى لا تجد ترجمة من جانب المسئولين داخل المواقع المختلفة، فبدلاً من اتخاذ إجراءات تقشفية لخفض الإنفاق الحكومى على بكوات الوزارات، وتوجيه مال الشعب إلى تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، تُصرف فى شكل مكافآت للقيادات. كل ما أخشاه أن يقع الرد على هذا الكلام تحت يافطة «الكفاءات النادرة»، فقد أوجع الكثيرون رؤوسنا بهذه العبارة، كما ذكرت لك بالأمس، وهم يبررون للبعض خرق سقف الحد الأقصى للأجور، وساهم ذلك فى عدم تطبيق هذا القانون، أنا لا أقلل من قيمة أو كفاءة أحد، لكن يحيرنى دائماً سؤال: إذا كانت لدينا مثل هذه الكفاءات التى تحصد هذه الأرقام، فما السر فى حالة التردى التى نعيشها على مستويات عديدة؟

لقد كنت أتحدث بالأمس عن قانون الخدمة المدنية، الذى يستهدف إصلاح وتقويم الاعوجاج فى الأداء الإدارى لدينا، ولست أدرى ما محل واقعة «مكافآت التنمية المحلية» من الإعراب على مستوى هذا القانون. الكثير من الموظفين يقرأون مثل هذه الأخبار أو الموضوعات ويتعجبون من حال الحكومة التى تبيح لنفسها صرف عشرات الألوف من الجنيهات كمكافآت، لتفسد عليهم خدماتهم المعيشية، ثم تجلدهم بعد ذلك بألسنة حداد تدمغهم بالجهل والإهمال وسوء الأداء، وتريد أن تتخلص من أكثر من 80% منهم، لأنهم لا يؤدون شيئاً مقابل ما يقبضونه آخر الشهر. لا مانع من أن يصرف الوزير الـ80 مليون المخصصة لرصف الطرق مكافآت لقيادات التنمية المحلية، لكن من واجبه أن يوضح لموظفى «الخدمة المدنية» جوانب الإجادة والكفاءة والألمعية واللوذعية التى جعلت هذه القيادات تستأهل توجيه فلوس «الأسفلت» إلى جيوبهم، حتى يتأسى بهم الموظفون فى الأرض!.