يوميات «أم محمد» فى «مقلب قمامة» بالبساتين: طعام وكسوة ورزق

كتب: فاطمة مرزوق

يوميات «أم محمد» فى «مقلب قمامة» بالبساتين: طعام وكسوة ورزق

يوميات «أم محمد» فى «مقلب قمامة» بالبساتين: طعام وكسوة ورزق

جلباب أسود تكسوه طبقة من الغبار، و«إيشارب» تتوارى ملامحها خلفه تضعه فوق رأسها، ما ينم عن رغبتها فى الاختباء عن أعين المارة، فى عجالة شديدة تتفحص أكياس القمامة، وسريعاً تنتقل من كيس لآخر ذهاباً وإياباً، وكأنها تبحث عن كنز ثمين، تستخرج من بين أكوام القمامة كيساً به بعض الطعام الردىء، فتشمه كالقطة لتتأكد من صلاحيته للتناول، وتجمع بعض الأدوات والعلب البلاستيكية، ثم تجلس على أحد الأرصفة بمنطقة «بير أم سلطان» بحى البساتين، لتستريح فى مكانها المعتاد بعد عمل شاق دام ساعات طويلة.

{long_qoute_1}

تبدأ «أم محمد» يومها عقب أذان الفجر، فتتجه صوب منطقة بير «أم سلطان» التى اعتادت الوجود بها، تجوب مقالب القمامة بحثاً عن طعام أو ملبس أو ما يصلح للبيع وجلب الرزق: «ممكن ألاقى حتة بلاستيك أبيعها لأى حد، وآكل عيش وخلاص، أنا عايشة على الرصيف، وبيت بنتى وجوزها اللى ساعات أزورهم فيه، وابنى اللى عمره ما سأل فىّ، من وقت ما سافر فى بلاد بعيدة، مش باخد منهم أى حاجة علشان مش عاوزة حد يعايرنى، وأنا على الحال ده من يوم ما جوزى مات»، تعلم المرأة الستينية أن حياتها بين مقالب القمامة سوف تنتهى لإصابتها بأمراض من الممكن أن تؤدى إلى وفاتها، لكنها ترى فى ذلك حلاً مثالياً لقضاء حاجتها دون أن تثقل على أحد: «مش هعيش قد ما عشت والأعمار بيد الله».

لم تجد أحداً أقرب إليها من مقلب القمامة، الذى تجد فيه الطعام متى أكل الجوع أحشاءها، والملبس متى شعرت بالبرد القارس، ومع بداية كل يوم، لا تفكر إلا فى الساعات التى تقضيها حتى تنتهى من عملها، وتعود إلى فرشتها الصغيرة: «أنا مش عاوزة حاجة من الدنيا، وعندى أعيش كده بدل ما حد يعايرنى ويذلنى».

 


مواضيع متعلقة