الإخوانى مختار جمعة!

شيخ متلون يكشف لنا شيخ سلطة، وشيخ سلطة ينهى مسيرة شيخ متلون، تلك هى الحدوتة فى ملخصها، ولكن لا يجوز وضع «نقطة»، والبدء من أول السطر، لأن المتلون هنا وزير بعمة أزهرية، والشيخ الطامع فى السلطة، ورضاها هو نفس الوزير المتزين بالعمة الأزهرية.

مختار جمعة، وزير الأوقاف، عملة واحدة تجمع الوجهين، وجه الشيخ المتلون، الذى ينهَى عن الفعل، ويأتى بمثله، ووجه الوزير الذى يستغل دينه وينسج من أحكامه وفقهه خيوطاً يصنع بها سجادة التقرب للسلطة.

يراهن من هم مثل مختار جمعة على عقول المصريين، التى تسكنها ذاكرة السمكة، لذا يسهل اصطياد تناقضاتهم وأكاذيبهم بنظرة واحدة للخلف.

فى «ملتقى الأوقاف»، الذى نظمته وزارة الأوقاف فى الربع الأول من عام 2015 تحت رعاية مختار جمعة، خرجت الورقة النهائية للملتقى بتوقيع مختار جمعة نفسه بنتيجة تقول: «خلط الدين بالسياسة يفسد التدين ويفسد السياسة ويدمر الدول، بسبب توظيف الدين لأغراض سلطوية».

وفى سبتمبر 2013، أصدر وزير الأوقاف بياناً رسمياً يخبرنا فيه بأن الوزارة غيرت جميع القيادات الدعوية غير الأزهرية، إيماناً منها بعدم توظيف الدين فى خدمة السياسة.

تلك هى مرحلة مختار جمعة المتلون، الذى أراد أن يقدم نفسه فى ثوب مغاير لما يرتديه شيوخ الإخوان والسلفيون بفتاواهم المحرضة أو المحرمة للتظاهر.

كان مختار جمعة يتهم كل شيخ إخوانى يصدر فتوى بمنع التظاهر ضد «مرسى»، أو بالتحريض على التظاهر ضد الدولة بعد خلع «مرسى»، بأنه فاسد ومفسد للدين ومدمر للدعوة، ويصفهم بأنهم شيوخ السلطان الضالون المضللون. اليوم انقلبت العملة على وجهها الآخر، ليظهر لنا مختار جمعة شيخ السلطان، الذى يصدر فتوى تعتبر الدعوة للتظاهر فى 25 يناير جريمة كاملة وحرام شرعاً، ويصف الداعين للتظاهر بأنهم مثل يهود بنى النضير، ولم يتوقف «جمعة» عند حد اللعب بالدين، بل طمع فى ثوب الإرهابى صفوت حجازى، وارتداه وحرّض على الداعين للمظاهرات، وطالب بالتصدى لهم بقوة.

نقول إن فى المؤسسات المصرية خلايا إخوانية نائمة، وتخبرنا فتوى مختار جمعة بأن خلية منها تحتل وزارة الأوقاف، فليس شرطاً لكى تكون إخوانياً أن تملك كارنيه التنظيم الإرهابى، أو تملك لحية خفيفة مثل هشام قنديل، فقط تحريضك ضد خصمك السياسى باستخدام الدين، كما كان يفعل صفوت حجازى يجعلك إخوانياً، أو تلاعبك بالآيات والأحاديث لإصدار فتوى تحض الناس على التظاهر أو تمنعهم منه، مثل عبدالرحمن البر تجعلك إخوانياً بمرجعية أزهرية، ومختار جمعة ارتكب الجريمتين ومعهما جريمة ثالثة.

والثالثة هى الفشل، يقول إنه طهّر المساجد من المتطرفين، وفى الأسبوع الماضى وحده عشرات المعارك داخل المساجد بسبب أئمة أوقاف يحرمون تهنئة الأقباط بأعيادهم، يقول إنه يدعم الدولة المصرية ورئيسها، والعام الفائت كله يشهد على تخاذل وزارته فى ملف تجديد الخطاب الدينى، ونحن لا نحب الإخوان ولا الفشلة، فهل وصلت الرسالة معاليك؟!