التائب عن «الإخوان».. كمن لا ذنب له

كتب: شيرين أشرف

التائب عن «الإخوان».. كمن لا ذنب له

التائب عن «الإخوان».. كمن لا ذنب له

أعوام طويلة قضاها داخل «الجماعة»، حتى أصبح مسناً وعمره اقترب من السبعين، قصته ذاعت شهرتها بين أهالى قريته، منذ أن أعلن «توبته من الإخوان»، وقرر الخروج عن «التنظيم»، رغم الذكريات الكثيرة والتجربة الممتدة التى خاضها فى أحضانه، لكنه الآن «أفضل حالاً وأكثر رضا»، حسب كلماته البسيطة: «الواحد ممكن يعيش عمره فى طريق غلط، لكن العبرة بالخواتيم، وأنا الحمد لله خاتمتى هتكون على دين محمد، وحب بلدى، ولا جماعة ولا تنظيم أسود».

{long_qoute_1}

سنوات محمد عبدالجليل، التى قضاها منتمياً إلى «الإخوان» فى قرية الحامول بكفر الشيخ، يرى فيها ما يجبره على التخلى عن أفكارهم، فكل أزمتهم الحقيقية ليست فى عودة «مرسى» من عدمها حسبما يردّدون، بل فى الحقد الموجود فى قلوبهم تجاه الوطن: «كنت مع الجماعة قلباً وقالباً، وكل الناس يعرفوا أنى إخوان، لكن ربنا فتح عليَّا وأدخل النور إلى قلبى من بعد ظُلمة».

بدأت أزمات الشيخ «عبدالجليل» مع الجماعة فى السنوات الأخيرة، وتفاقمت الأزمة مع تكرار المواقف التى ساءته، واحداً تلو الآخر، عقب الوصول إلى الحكم، أكثر من موقف جعله يبتعد شيئاً فشيئاً، حتى قرر الانفصال. يروى هذا التدرُّج، قائلاً: «مافكرتش أبداً زمان إنى أسيب الجماعة، لكن فى السنين الـ5 الأخيرة بدأت مشاعرى تتغيّر تجاههم، بسبب مواقفهم من أول الترشّح للرئاسة لحد الحرب اللى عملوها على الأرض، كانت بتيجى تعليمات مستمرة بالتظاهر وبرد أى عنف بعنف، وده سلوك مايرضيش ربنا».

هناك إغراءات لتثبيت أعضاء الجماعة: «كانوا بيغرونا من صغير لكبير، سواء بفلوس أو بمنصب أو بدعم بسلع تموينية، لكل اللى مشتركين فى مكتب الإخوان، خاصة وقت الحكم، وبعدها تطور الحال بمرتب ثابت فى الشهر، ووصلت من عضو عامل لقيادى بمكتب كفر الشيخ».

سنوات العمر الضائعة فى جلباب «الجماعة» لا يندم عليها «عبدالجليل»: «كل واحد بياخد نصيبه، وأنا عشت تجربة بحلوها ومرها، خروجى من الجماعة ماكانش سهل أبداً، أنا فكرت كتير ورُحت وجيت أكتر من مرة، لكن فى النهاية اهتديت إلى القرار الصائب دون رجعة فيه»، علامات رضا لا تفارق وجهه، قرر أن يعيش ما تبقى من العمر فى قراءة القرآن ومواصلة الود بينه وبين الجميع: «حب الناس فضيلة، وأنا باحب كل الناس، بعكس (التنظيم) اللى عشت فيه فترة طويلة من حياتى، يكره الجميع ويكره مصر، ولا يحب إلا مصلحته فقط».

لم تتأثر علاقته كثيراً بمعارفه وأقاربه وجيرانه، قبل أو بعد قرار الانفصال عن «التنظيم»: «الناس كلها كانت عارفة إنى كنت إخوانى، بس عمرى ما آذيت حد، وسيرتى طيبة مع كل الناس، ومن بعد ما سيبت الجماعة عرَّفت الناس كلها قرارى، ومفيش حد تأثرت علاقتى بيه، بالعكس علاقتى بالناس دلوقتى أحسن من الأول».

سلسلة من التهديدات استقبلها «عبدالجليل» عبر بعض زملائه القدامى فى التنظيم الإخوانى: «عايزين يخلصوا منى بأى طريقة، لأنى عارف عنهم بلاوى، وشفت منهم أيام سودا كتير، من قبل ثورة 25 يناير، وهما كانوا بيشتروا الناس الغلابة عشان ينضموا ليهم ويعملوا ليهم بطاقات تموين، وأيام الثورة كنت باشوف ناس متخصصين جوه مكتب كفر الشيخ اللى كنت باشتغل فيه، بتدفع للشباب والعيال بتوع الشارع فلوس وأكل وشرب وهدوم وأحياناً بيوفروا ليهم سكن، عشان يسافروا القاهرة ويباتوا فى التحرير، ويضربوا فى الناس ويخربوا البلد».

بالرغم من هذه التهديدات لم يغير «عبدالجليل» قراره: «مش خايف غير على عيالى، لكن قضا أخف من قضا، مش هيبقوا أغلى من عساكر الجيش والشرطة اللى بيموتوا كل يوم عشان نعيش، والبلد تبقى فى أمان، مفيش حد بياخد أكتر من عمره»، يختتم «عبدالجليل» بقوله: «أموت مصرى ولا أعيش إخوان، هذه الجماعة هى أسوأ ما ابتُليت به مصر، وأسوأ ما ابتلى به أعضاؤها، وكنت أنا واحداً من هؤلاء، لكن الحمد لله.. الله تاب عليَّا».

 


مواضيع متعلقة