دكتور محمد حسن خليل: الدستور يفتح الباب لخصخصة الصحة وإرساء نظام تأمين يتاجر بأرواح المرضى

كتب: طارق عبد العزيز

دكتور محمد حسن خليل: الدستور يفتح الباب لخصخصة الصحة وإرساء نظام تأمين يتاجر بأرواح المرضى

دكتور محمد حسن خليل: الدستور يفتح الباب لخصخصة الصحة وإرساء نظام تأمين يتاجر بأرواح المرضى

قال د. محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة خبير النظم الصحية، لـ«الوطن»: إن مادة الرعاية الصحية بالدستور الجديد مبهمة، وتؤكد تنصل الدولة من كل مسئولياتها تجاه توفير خدمات الرعاية الصحية للمواطنين. وأشار إلى تنظيم لجنة حق المواطن فى الصحة والتعليم حملات توعية للمواطنين بمخاطر إقرار الدستور بشكله الحالى، وإلى أن مادة الرعاية الصحية تفتح الباب أمام خصخصة القطاع الصحى فى مصر وإلغاء العلاج المجانى والتفرقة فى العلاج بين المواطنين. * ما تقييمك لمادة الرعاية الصحية فى الدستور؟ - جاء مشروع الدستور الجديد خاليا من كل تلك الالتزامات، ويقتصر التزام الدولة فيه على توفير خدمات الرعاية الصحية والتأمين الصحى وفق نظام عادل وعالى الجودة، ولا يوجد التزام بصحة المواطنين، كما لم يحتوِ على تعريف محدد لكلمة عادل، ولا عالى الجودة، وهى كلمات مطاطة، والتأمين الصحى المذكور فى الدستور لا يحدد إذا ما كان تأمينا صحيا اجتماعيا أم تجاريا، كذلك لا يحدد شمول كل المواطنين وتقديمه العلاج لكل الأمراض مع المساواة بين المواطنين؛ لأن مشروع قانون التأمين الصحى لا يقدم سوى حزمة الانتفاع الأساسية المحدودة التى تقتصر على العيادة الخارجية والدواء دون العلاج بالمستشفيات التى يتعهدون فى مشروع القانون بتقديمها لمن يدخل جديدا فى التأمين الصحى، وبدلا من النسبة العالمية الموصى بها للإنفاق على الصحة، أو النسبة التى تنفقها الدول المتقدمة فى مجال الصحة، يأتى مشروع الدستور بصيغة «نسبة كافية من الناتج القومى»، ولا ندرى كافية لماذا؛ حيث كانت كل الحكومات السابقة تعتبر ما تنفقه نسبة كافية فى حدود ظروفها، ولا يوجد أى ذكر لهيكل الخدمات الصحية الذى تعمل الحكومة على خصخصته، ونطالب بإصلاحه مع الحفاظ على طابعه غير الربحى، بل تم إلغاء 3 تعهدات كانت موجودة فى المسودات السابقة للدستور؛ حيث تم التخلى عن إنشاء نظام صحى موحد، وعن النص صراحة على مجانية الطوارئ، وحذفت عبارة الرقابة الشعبية على الصحة من مشروع الدستور.[Quote_1] * ما الصياغات البديلة التى تضمن حق المواطنين فى الصحة؟ - هناك اقتراح بـ4 مواد يجب أن يتضمنها الدستور، هى أن تعتبر الصحة حقا اجتماعيا أساسيا، والتزاما من الدولة تضمنه كجزء من الحق فى الحياة؛ فالصحة مقوم أساسى من مقومات التنمية، وتضمن الدولة لجميع المواطنين التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه لكل إنسان دون تمييز بسبب النوع أو الحالة الاقتصادية أو الاجتماعية، وتكفل الدولة خدمات الرعاية الصحية بمعايير التوافر والمقبولية والجودة والحماية، كما تتكفل الدولة بالإنفاق على الرعاية الصحية بنسبة لا تقل عن متوسط النسب المعمول بها عالميا. والمادة الثانية: تضمن الدولة الحق فى الصحة من خلال نظام للتأمين الصحى الاجتماعى الشامل الذى يشمل كل المواطنين، ويؤمنهم من كل الأمراض، من خلال مبادئ التكافل الاجتماعى وتنظيم أوسع مشاركة اجتماعية لكل الشعب المصرى فى المشاركة فى تحمل المخاطر، على أساس المشاركة العادلة فى التمويل المتناسب مع دخل كل مواطن، وحق كل مواطن فى تلقى كل ما يحتاجه من علاج بصرف النظر عن قدراته المادية. والمادة الثالثة: يتم تمويل الخدمات الصحية من الدولة التى تختص بجميع الخدمات الوقائية ورعاية الأمومة والطفولة ورعاية المعاقين والصحة العامة والمساهمة فى تكاليف العلاج وفى رعاية غير القادرين، كما يتم تمويلها من اشتراكات المواطنين بما تحتمله دخولهم دون إرهاق، ومن مساهمات أرباب الأعمال باشتراكات التأمين الاجتماعى المخصصة للصحة. والمادة الرابعة: يعتمد تقديم الخدمات العلاجية على توحيد هيكل الخدمات الحكومية فى هيكل تأمينى واحد غير ربحى، وتسهم مؤسسات أخرى غير حكومية بطريقة تكميلية فى النظام الصحى الموحد عن طريق اتفاقات تعطى الأفضلية للهيئات الخيرية وغير الربحية، ويشارك القطاع الخاص عند الاحتياج من خلال تعاقدات شفافة ونزيهة.[Quote_2] * لماذا تجاهلت اللجنة التأسيسية للدستور مقترحاتكم؟ - بالطبع هناك نية واضحة لإهدار حق المواطنين فى الصحة، كما يتضح من تكامل مادة الصحة فى الدستور مع مشروع قانون التأمين الصحى، وهو امتداد لمنطق مشروع قانون حاتم الجبلى وزير الصحة الأسبق، ويحافظ على كل أسسه فى الخصخصة، ولم تأخذ اللجنة بأى تعديلات وصلت إليها وتجاهلت حتى الآراء المتفاوتة داخلها؛ فهى لجنة مغالبة واستبعاد، مكونة من تيار واحد وليست لجنة ديمقراطية فيها متسع للاقتراحات. فالعنوان العريض لكل تلك الصيغ الدستورية هو الميوعة والتخلص من الالتزام بحقوق الشعب فى الصحة، ولا يمكن اتهامهم بأن السبب هو الجهل، ورفعنا مطالبنا للجنة ولكل من يهمهم الأمر، لكن مشروع الدستور متوافق تماما مع الخطة المشتركة للبنك الدولى والحكومى لخصخصة الصحة، وهى أيضا الخطة التى وضع بمقتضاها مشروع قانون التأمين الصحى الجديد الذى يتحول إلى تأمين صحى تجارى يفرق بين الخدمات المقدمة للمؤمن عليهم حاليا، والمؤمن عليهم حديثا عند تطبيق القانون، ويثقل كاهل المواطنين برسوم ومساهمات تزيد على 100 جنيه شهريا لكل مؤمن عليه لديه مرض مزمن أو أكثر!! * ما الضغوط التى ستمارسونها من أجل تعديل مادة الصحة قبل الاستفتاء على الدستور؟ - توعية الجماهير حول مخاطر إقرار مادة الرعاية الصحية بشكلها الحالى، وهى لن تقتصر على تلك المادة، لكن التوعية بمخاطر الدستور ككل، وهى مهمة لجنة حق المواطن فى الصحة والتعليم. وشاركنا فى مسيرة الثلاثاء الماضى التى اتجهت إلى قصر الاتحادية، كما وزعنا بيانات ورفعنا لافتات، كما نعتزم التنسيق مع مختلف القوى من أجل الوجود المستمر بـ«التحرير» ونعمل على عقد سلسلة من الندوات بالقرى والأحياء حول ذلك. * ما أفضل الدساتير التى أقرت مادة الرعاية الصحية؟ - من أحسن الدساتير الحديثة التى تناولت الحق فى الصحة دساتير جنوب أفريقيا والبرازيل وكولومبيا. أخبار متعلقة: خبراء: مادة الرعاية الصحية بالدستور الجديد «كارثية» وتمنح الصحة للأغنياء وتقضى على العلاج المجانى «الوطن» تنشر المواد الدستورية المقترحة من المجتمع المدنى للرعاية الصحية