بين "الركوع" أو "الجوع".. "مضايا" السورية صامدة رغم ضمير العالم "النائم"

كتب: إيمان مرجان

بين "الركوع" أو "الجوع".. "مضايا" السورية صامدة رغم ضمير العالم "النائم"

بين "الركوع" أو "الجوع".. "مضايا" السورية صامدة رغم ضمير العالم "النائم"

لم يكد العالم يفيق من صدمة الطفل السوري "آلان"، الذي قضى منذ أشهر غرقا على أحد الشواطئ قبالة السواحل التركية، في أثناء محاولته الهرب وأسرته من جحيم الأوضاع في سوريا، والعبور من تركيا إلى اليونان، حتى اصطدم العالم بمأساة قرية "مضايا" السورية، لتتحول الأزمة من لاجئين خارج أوطانهم، إلى "محاصرين" داخلها.

إما "ركوع" أو "جوع".. رسالة وجهها جنود النظام السوري لأهالي قرية "مضايا"، التي كانت قبل أعوام وجهة للمصيفين، وتحولت الآن لسجن كبير لنحو 40 ألف نسمة، ما بين سكان أصليون، ونازحون من الحرب الأهلية التي تنهش في كل يوم جزء من جسد سوريا المتهالك، أما النتيجة فكانت "هياكل عظمية، أمهات ثكلى، وأحشاء قطط وكلاب مذبوحة"، بعد أن رفض أهالي البلدة الركوع.

"ورقة ضغط".. كلمتان تصفان حال المدينة الصغيرة الواقعة في ريف دمشق الغربي، قرب الحدود السورية اللبنانية، حيث يعيش السكان في ظروف "مأساوية"، وسط حصار بدأ منذ 7 أشهر، نتيجة الصراع بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد من جانب، وبين العناصر المسلحة التي تختبئ في بلدة "مضايا"، وتقاتل حزب الله اللبناني الموالي للأسد في مدينة "الزبداني" المجاورة لـ"مضايا" من جانب آخر.

"الحصار مستمر".. لم تترك الأزمة "أخضر" أو "يابس"، وسط تخاذل أممي ودولي، وصمت مطبق على حقوق الإنسان التي تنتهك بشكل يومي وممنهج في "مضايا"، ورغم البيانات التي تصدرها الأمم المتحدة بين الحين والآخر، فإن الأوضاع لم تتغير، بل مستمرة في السوء، واليوم، حمل بيان الأمم المتحدة، تطمينات بشأن موافقة الحكومة السورية على توصيل المساعدات الإنسانية وبينها "الغذاء" إلى "مضايا"، لإنقاذ سكانها من الموت "جوعا"، وحتى الآن لم تصل مساعدات ولم يخفف الحصار.

وبين الأوضاع السيئة التي فرضها الحصار، والطبيعة التي أبت إلا أن تقول هيّ الأخرى كلمتها، عاش سكان "مضايا" قبل قدوم الشتاء على "أوراق الشجر"، لكن الشتاء الذي حجب بدوره الشجر الأخضر وأبدله بـ"ثلوج"، دفع أهالي البلدة المحاصرة إلى البحث عن طعام جديد ينقذهم من الموت جوعًا، فلم يجدوا غير "القطط" يذبحونها ويأكلونها، حيث نشرت صفحة "أدبيات الحصار في مضايا" عبر صفحتها على "فيس بوك": "لم نعد بحاجة لفتاوى الشيوخ لكي نأكل لحم القطط، لأننا وضعنا بيت حدين للسيف، إما الموت جوعًا، أو بالألغام التي تحيط بسجننا".

وعلى "تويتر"، كتب الإعلامي السوري موسى العمر: "4000 آلاف عائلة جائعة، وسعر كيلو الأرز وصل لـ100 ألف ليرة سورية"، وفي تغريدة أخرى كتب: "هاتفتني امرأة من مضايا وقالت: ابنتي تشتهي ماء الأرز فقط".

واتفق مع العمر، أحد المراسلين الصحفيين الذي قال لقناة "العربية الحدث" في مكالمة هاتفية: "منذ 14 يومًا لم يتذوق الأطفال حليبهم المخصص، ما ذنبهم كي يخوضوا حصارًا كهذا"، مضيفا: "ميليشيات حزب الله تستغل الأزمة، وتبيع المواد الغذائية بأسعار مجنونة، الأرز بـ100 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 300 دولار، وحليب الأطفال بـ150 ألف ليرة، أي ما يعادل 500 دولار".

وقبل أيام، تحدثت إحدى أهالي "مضايا" لإذاعة "شام" السورية، وقالت: "لا نستحق الموت جوعا داخل بلدنا، لا علاقة لنا بالحرب الدائرة بين الأطراف المتصارعة، ضحايا الجوع يسقطون يوميًا، بين 20 حالة وفاة، و200 حالة إغماء بسبب سوء التغذية، أما الأطفال، فحالهم لم يختلف كثيرًا عن حال الكبار في البلدة، حيث أصيب بعضهم بجفاف في المعدة والتهاب في الأمعاء بسبب الجوع، وسعر حليب الأطفال وصل لنحو 150 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل نحو 500 دولارًا.

ورغم الأزمة التي تعصف بنحو 40 ألف نسمة، لم يتحرك ضمير العالم لإنقاذ سكان "مضايا" من الموت جوعًا، ربما لانشغالهم بمتابعة الأزمة الحديثة بين السعودية وإيران، والتي دفعت المبعوث الدولي لحل الأزمة السورية ستيفان دي ميستورا، لزيارة الرياض وطهران، للحصول على تطمينات بألا تؤثر الأزمة بين القوتين في الشرق الأوسط، على جهودهما في حل الأزمة السورية، التي خلفت حتى الآن نحو 11 مليون لاجئ ومشرد داخل وخارج سوريا. حسب تقرير المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.


مواضيع متعلقة