دواء الشعب المصرى.. تحت سيطرة الأجانب

كتب: محمود الجمل

دواء الشعب المصرى.. تحت سيطرة الأجانب

دواء الشعب المصرى.. تحت سيطرة الأجانب

{long_qoute_1}

قطار الخصخصة لا يرحم، حقيقة أكدتها السنوات العجاف التى شهدت تطبيق سياسات الخصخصة المتوحشة، منذ أوائل التسعينات، حتى اليوم، وما جرى فيها من دهس الصناعات الوطنية من الحديد والصلب مروراً بالغزل والنسيج والسيارات والصناعات الكيماوية، وغيرها، انتهاء بصناعة الدواء، التى تعد جزءاً حساساً من «الأمن القومى» المصرى. «الأسطورة» بدأت منذ أواخر الثلاثينات، عندما آمن محمد طلعت حرب باشا بأهمية صناعة الدواء الوطنية، ونجاحه فى تأسيس أول شركة مصرية لصناعة الدواء هى شركة «مصر للمستحضرات الطبية»، وتجلى نجاح الأسطورة فى تحقيق الشركة طفرة كبيرة، بجانب شركة «النصر للصناعات الكيماوية والدوائية»، التى أسسها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر عام ١٩٦٠ لتكون بمثابة أول مصنع فى الشرق الأوسط لصناعة المواد الخام الدوائية، وتولت تغطية حاجة المصريين بنسبة لا تقل عن 85% من الدواء. وما لبثت مصر أن انتهجت الخصخصة «اللعينة»، حتى تحولت الأسطورة إلى مأساة، تعرضت الشركتان للدهس، وانقطعت فيهما، عن عمد، شرايين التطوير والتنمية حتى تخلفت تكنولوجياً وأصبحت، بفعل فاعل، عديمة الفائدة، والهدف أن تجرى عملية «البيع الرخيص»، دون ممانعة شعبية عند إغلاقها وبيعها، وهذا ما حدث بالضبط مع الشركتين، حتى باتت مساهمتهما فى إنتاج الدواء المحلى لا تتجاوز 6%. ولأن النفوذ السياسى والنفوذ الاقتصادى وجهان لعملة واحدة، إذ لا يستقيم الوضع السياسى دون استقرار اقتصادى مماثل بعزيمة قوية، كما قال الزعيم «عبدالناصر»، فى أحد خطاباته، إلا أن العزيمة خارت بعد مرور 60 عاماً على هذا الخطاب، فحلت النكبات على شركات الحكومة المُصنعة للدواء، وانكبت تحت وطأة الخسائر وآلت إلى استحواذ الشركات الأجنبية عليها، فباتت تسيطر على 60% من حجم الإنتاج، وهى فى طريقها للاستحواذ على 85% من السوق خلال السنوات الخمس المقبلة.

 


مواضيع متعلقة