إغلاق 40% من ورش تصدير الأثاث فى دمياط .. والصُنّاع يصرخون: «بنموت والدولة مش حاسة بينا»

كتب: سهاد الخضرى

إغلاق 40% من ورش تصدير الأثاث فى دمياط .. والصُنّاع يصرخون: «بنموت والدولة مش حاسة بينا»

إغلاق 40% من ورش تصدير الأثاث فى دمياط .. والصُنّاع يصرخون: «بنموت والدولة مش حاسة بينا»

«ورشنا أُغلقت والعمالة سُرحت ومش عارفين نسدد ديوننا منين، والمسئولين مش حاسين بينا»، بهذه الكلمات بدأ صناع الأثاث بمحافظة دمياط سرد مأساتهم لـ«الوطن»، بعدما ضاق بهم الحال، فالكساد يلاحقهم من جانب، وارتفاع أسعار الخامات وتحكم التجار وتخلى الدولة عن مسئوليتها فى ضبط الأسعار من جانب آخر، ولم يعد لهم ملجأ سوى الجلوس على المقاهى أو أمام منازلهم فى انتظار الفرج أو البحث عن مهنة أخرى أو حتى اللجوء لتجارة «المخدرات». {left_qoute_1}

«الوطن» رصدت مثلث الخراب لتدمير صناعة الأثاث بالمدينة، المتمثل فى ارتفاع أسعار الخامات وسيطرة الحيتان من كبار التجار على السوق، وتراجع التسويق، بالإضافة إلى الغزو التركى والصينى للصناعة.

وتشتهر قرية الخياطة بتصدير الأثاث الراقى للخارج، إلا أنها تعرضت مؤخراً لحالة من الركود الاقتصادى، حيث تم إغلاق ما يزيد على ٤٠٪ من ورشها وتسريح صُناعها.

وبنبرة حزينة، قال مصطفى الغرباوى، أحد الحرفيين العاملين فى الصناعة، وهو ممسك بأدوات «الأويما»: «بقالنا سنة مفيش لا بيع ولا شراء، وكل يوم الوضع بيبقى أسوأ، وتحولت ماكينات الأويما الصينى لأداة خراب، بعدما أدخلها كبار التجار قبل ٤ سنوات، لأن أصحاب المصانع الكبرى استغنوا عن العمال واكتفوا بالماكينات، لتوفير الوقت والمال، ما تسبب فى تسريح الآلاف منهم، وبقوا قاعدين على القهاوى».

وعن بحثه عن عمل آخر، رد مصطفى: «أنا من أصحاب المؤهلات العليا، ولم أجد عملاً، ففتحت ورشة سعياً لكسب الرزق، وحالياً أنا والآلاف من الشباب غيرى لم نعد قادرين على تدبير لقمة العيش الحاف، بعد إغلاق الورش بسبب ارتفاع أسعار الخامات»، وطالب مصطفى الحكومة بافتتاح معارض لصُناع الأثاث، لأنهم يواجهون مشكلة كبيرة فى تسويقها، وكذلك تسهيل فرص التصدير للخارج، نافياً تقديم نقابة صناع الأثاث أو الغرفة التجارية الدعم لهم، وعدم توفير التأمين الصحى أو المعاشات.

{long_qoute_1}

وأسفرت حالة الكساد الاقتصادى التى شهدتها مصر بشكل عام ودمياط بشكل خاص، عن إغلاق ٤٠٪ من الورش وتسريح ما يزيد على ٤٠% من العمالة، وفقاً لرئيس نقابة صناع الأثاث بالمحافظة، ما دفع الصنّاع إما للهجرة غير الشرعية أو تجارة المخدرة، أو التحول لمهن أخرى.

ويقول خليل أبوعطية، أحد صناع الأثاث: «أغلقت ورشتى قبل شهر وسَرحت العمال بسبب استغلال التجار لصغار الصناع، ورفضهم دفع مستحقاتنا مقابل شرائهم الشغل منا، ومش عارفين نعمل إيه، نمشى فى الممنوع ولا نسرق، ومفيش مسئول حاسس بينا، الأسعار زادت حوالى ٤٠٪ بعد عيد الأضحى من غير أسباب، واستغثنا بالمسئولين لكن ماحدش سأل فينا».

ويضيف خليل: «دلوقتى أنا شاب عاطل، ومش عارف أسدد ديونى ولا إتمام زواجى، ومثلى هناك عشرات الآلاف من الشباب فى دمياط مش عايشين كبنى آدمين». وإلى جواره، وقف محمود فوزى، نجار، يشكو من إغلاق ورشته وتسريح 26 صانعاً، مُعقباً: «يعنى خراب كام بيت فى نفس الوقت». وأرجع محمود السبب فى إغلاق ورشته لارتفاع أسعار الخامات بصورة مبالغ فيها، وطلب التجار شراء أثاثه بأسعار لا تغطى تكلفتها، مشدداً على أن استمرار الوضع السابق يعنى أن نهايته ستكون السجن، إلا أنه آثر إغلاق الورشة وتسريح العمال، حتى لا تتفاقم مديونياته.

واتهم على شحاتة، أويمجى، رجل الأعمال الإخوانى حسن مالك، وشلته من كبار التجار، بتدمير الصناعة فى دمياط، باعتباره أول رجل أعمال يستورد ماكينات «الأويما» الصينية، التى تسببت فى تسريح الصناع والاستغناء عنهم، مطالباً الرئيس عبدالفتاح السيسى، بالتدخل لوقف استيراد تلك الماكينات، والحد من ارتفاع أسعار الخامات، ووقف الاحتكار وسيطرة الحكومة على الأسعار.

وانتقلت «الوطن» إلى قرية الشعراء، الشهيرة بورش الدهان والمذهباتية (أحد تخصصات صناعة الأثاث)، وأفخم وأرقى معارض الأثاث، إلا أن حالها لم يختلف كثيراً عن سابقتها، ووضحت ملامح اليأس على وجوه معظم الصنّاع، حيث أغلق العديد من الورش، وجلس كل صانع على كرسى أمام ورشته ينتظر فرج الله، فيما تحول عدد كبير منهم إلى ترويج المواد المخدرة.

وخلال جلوسه على المقهى، شكا التابعى المغازى، أويمجى، فى العقد الخامس من عمره: «مش عارف هادبر مصاريف البيت ولا تمن فواتير الكهربا منين، أنا مديون ومش عارف أجيب خامات الشغل اللى سعرها بقى فى السما، الفرج من عندك يا رب».

وسرد التابعى أنه يعمل بالمهنة منذ ٣٧ عاماً، وأنه منذ إلغاء جمعيات الأخشاب فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وبات التجار يتحكمون فى الجميع، علاوة على عدم تحرك الغرفة التجارية لخفض الأسعار، مطالباً بعودة جمعيات الأخشاب التابعة للدولة، للتخلص من تبعية رجال الأعمال الذين يستغلون الصناع ويرفعون الأسعار دون ضابط أو رابط، بحسب وصفه.

وطالب التابعى بافتتاح معارض للأثاث بالدول الأجنبية لتسويقه، خصوصاً روسيا، وكذلك بالدول العربية الشقيقة، متسائلاً عن دور الدولة فى الرقابة على الأسعار، وكذلك الرعاية الصحية والتأمين على العمال وصرف معاشات لهم. {left_qoute_2}

وقال محمد صلاح، أستورجى: «على الدولة مراقبة بائعى الخامات، خاصة أن المستهلك يتحمل مسئولية غلاء الأسعار، فيحصل المستهلك فى نهاية الأمر على منتج ردىء بسبب الخامات السيئة بسعر مرتفع»، مطالباً بتدخل وزارة الإنتاج الحربى لبيع الخامات الجيدة لهم دون وسيط، وكذلك الرقابة على النقابات التى تحصل على شحنات المواد الخام وتتحكم فى الأسواق، متهماً إياها بتوزيع منتجات سيئة.

وقال محمد عبده مسلم، رئيس نقابة صناع الأثاث بدمياط، لـ«الوطن» إن إغلاق ٤٠٪ من الورش سببه حالة الركود، وارتفاع أسعار الخامات، لعدم استقرار الدولار، مشيراً إلى وجود أزمة فى التسويق وضعف تردد العملاء على خمسة معارض أقامتها النقابة بالاشتراك مع الغرفة التجارية للتسويق الداخلى للأثاث على مستوى الجمهورية، وكذلك تأثير الأعمال الإرهابية الأخيرة بقرى الخياطة والبصارطة، وشدد على ضرورة تدخل الدولة لفتح أسواق خارجية للأثاث، للحد من حالة الكساد وكذلك المعارض الداخلية، وضبط أسعار الخامات، وتقنين استيراد الماكينات الصينية.

وقد انقسم الشارع الدمياطى حول مصير مدينة الأثاث الجديدة التى يجرى تدشينها فى قرية شطا، وذلك بعد أن أعلن محافظ الإقليم أن المدينة الجديدة تضم 2443 ورشة صناعية صغيرة ومتوسطة، ومنطقة للصناعات المكملة على مساحة 5 أفدنة للصناعات البتروكيماوية على مساحة 15 فداناً، و40 فداناً لمشروعات البنية الأساسية، ما يوفر أكثر من 30 ألف فرصة عمل لأبناء المحافظة.

ويقول أشرف أبوعطية، أويمجى، فى العقد الخامس من عمره: «المدينة لن تفيدنا بشىء، فأمامها نحو ثلاثة أعوام حتى تعود بفائدة علينا، وذلك حال عدم سيطرة الحيتان عليها»، وطالب أشرف بإقامة معارض خارجية وداخلية لتسويق الأثاث، وتقديم كافة التسهيلات لصغار الصناع كى يتمكنوا من إقامة ورش جديدة، وتفعيل دور الملحق التجارى لتسويق الأثاث. ووافق السيد الهندى، أويمجى، على إقامة المدينة بشرط الاهتمام بصغار صناع الأثاث، على أن يكون لهم الأولوية فى المدينة، مطالباً بعدم تمليك أصحاب المصانع بالمدينة الصناعية فى دمياط، مصانع أخرى بمدينة الأثاث، وتنظيم حملة توعوية لصغار الصناع لتقنين أوضاعهم، حتى يتقدموا بطلب للحصول على ورش بالمدينة الجديدة، حتى لا تكون حكراً على أعضاء الغرفة التجارية.

ولفت مراد العزبى، أحد العاملين بورش مدينة الشعراء، إلى أن مدينة الأثاث سيكون مصيرها مثل المدينة الصناعية بدمياط الجديدة، «لصالح الحيتان فقط، ولن يستفيد منها الصناع محدودو الدخل»، مطالباً بتوفير فرص تسويقية خارجية وداخلية لتسويق الأثاث المخزن بالورش والمعارض بدمياط، قبل إقامة منطقة صناعية لزيادة كمية الأثاث بالمحافظة.

 

 

على شحاتة


مواضيع متعلقة