«كريسماس» المقابر: هدية حلوة من إيد «صابرة»

كتب: هبة وهدان

«كريسماس» المقابر: هدية حلوة من إيد «صابرة»

«كريسماس» المقابر: هدية حلوة من إيد «صابرة»

لا ترى فرقاً بين مسلم ومسيحى، فالدين لله والأعياد للجميع، على مدار 5 أعوام تحرص «صابرة محمد»، من سكان مقابر حلوان، على شراء الأوراق والألوان، وتجلس طوال ساعات الليل مع ابنها الوحيد لصنع هدايا عيد الميلاد المجيد، وبيعها فى سوق حلوان للمسلمين والمسيحيين.

«فيه حاجات بعملها بإيدى، وحاجات مبعرفش أقلدها، فبشتريها جاهزة، بضاعتى رغم أنها تخص أعياد إخوتنا المسيحيين بس بيشتريها المسلمين»، تقولها بابتسامة.

«صابرة»، التى تبيع الفواكه والملابس على مدار العام، تستعد قبل الاحتفال بعيد الميلاد قرابة شهر، لعرض هداياها، ما جعل جيرانها فى السوق يطلقون عليها «أم المصريين».

حرص السيدة الخمسينية، على إدخال الفرحة على قلوب الأقباط، يجعلها تطرح بضائعها بأسعار أقل من المحلات الشهيرة، فهى تريد أن يفرح الجميع حتى إن كان العائد لا يتناسب مع المجهود الكبير الذى تبذله فى صنعها بمرافقة ابنها.

رغم إصرار «صابرة»، أو كما يطلقون عليها «أم المؤمنين»، على بيع هدايا رأس السنة وأعياد الميلاد، فهى لا تحتفل به، وتكتفى بتناول وجبة العشاء والنوم مبكراً وسط الأموات، لتستيقظ فى الصباح الباكر، وتبدأ رحلة البحث عن رزقها فى الأسواق: «اللى زينا ميعرفش أعياد ولا احتفالات، ساعات بنقعد فى الضلمة نشوف الاحتفالات فى الناحية التانية من السوق، نفرح لما السما تنور، بس إحنا راضين وعندنا قناعة، أهم حاجة الصحة والستر».

«صابرة» تعيش وسط المقابر لمدة 10 أعوام، الأمر الذى لم يجعلها ناقمة على حياة الآخرين، فهى ترى أن الأرزاق لا دخل للإنسان فيها، ولا تحلم بشقة أو أملاك، إنما تشتاق فقط لرؤية الكعبة، التى يصعب عليها زيارتها: «ببيع فى اليوم بـ50 و60 جنيه.. يا دوب بدفع إيجار الأوضة، وآكل أنا وابنى ونشرب.. ينفع بقى أحلم بحِجة أو عمرة؟».

ضحكة «صابرة» وهتافاتها المُبهجة، كانا سبباً فى تميزها عن جيرانها من الباعة، فوجهها لا تفارقه الابتسامة، حتى وإن قارب اليوم على الانتهاء دون أن تبيع قطعة واحدة من بضائعها، فتحمل هداياها فى «شوال» وتضعه على ظهرها، لتغادر السوق فى طريقها للمقابر، وكأنها «بابا نويل» فى ثوب أسود، تسير لمسافات طويلة، ولا تجد فى طريقها سوى المقابر والأموات: «عندى جيران بس حالهم زى اللى جوه القبور. بيسمعوا عن راس السنة فى التليفزيون بس لما بيحتفل المذيعين والفنانين بالسنة الجديدة».

 


مواضيع متعلقة