«الوطن» مع «عمال النظافة» فى قلب المعاناة: 8 ساعات «أشغال شاقة وأمراض قاتلة»

«الوطن» مع «عمال النظافة» فى قلب المعاناة: 8 ساعات «أشغال شاقة وأمراض قاتلة»
- الحصول على وظيفة
- الزى الرسمى
- الشوارع والميادين
- العلاقات العامة
- القاهرة الجديدة
- المجلس القومى
- الهيئة العامة للنظافة والتجميل
- تنظيف الشوارع
- جمع القمامة
- آلام
- الحصول على وظيفة
- الزى الرسمى
- الشوارع والميادين
- العلاقات العامة
- القاهرة الجديدة
- المجلس القومى
- الهيئة العامة للنظافة والتجميل
- تنظيف الشوارع
- جمع القمامة
- آلام
- الحصول على وظيفة
- الزى الرسمى
- الشوارع والميادين
- العلاقات العامة
- القاهرة الجديدة
- المجلس القومى
- الهيئة العامة للنظافة والتجميل
- تنظيف الشوارع
- جمع القمامة
- آلام
- الحصول على وظيفة
- الزى الرسمى
- الشوارع والميادين
- العلاقات العامة
- القاهرة الجديدة
- المجلس القومى
- الهيئة العامة للنظافة والتجميل
- تنظيف الشوارع
- جمع القمامة
- آلام
أبدانهم اعتادت أن ترتجف من البرد دون ملابس ثقيلة تحميهم من موجات الصقيع التى تضرب البلاد مع قدوم كل شتاء، الفصل الذى كرهوه، بسطاء يقفون فى العراء بأدوات النظافة التى يحملونها بيمناهم ويسراهم لتأدية عملهم اليومى فى جمع القمامة وتنظيف الشوارع مهما كان سوء حالة الطقس، بدلة بالية يرتدونها صيفاً وشتاءً، هى كل ما يرتدون، لا تقيهم من شر الصقيع ولا تحمى أجسادهم الممصوصة، ليظل عامل النظافة مبخس الحق على الدوام، سواء فى تقدير مادى أو تقدير معنوى أو حتى حقه فى «هدمة شتوى» ذات قيمة.
{long_qoute_1}
من 12 ظهراً حتى الثامنة مساءً، يُباشر صبحى إبراهيم، عمله فى الشوارع والميادين كعامل بالهيئة العامة للنظافة والتجميل التابعة لمحافظة الجيزة، يستحضر يومياً فى جسده النحيف بنيان شاب فى مقتبل عمره رغم تخطيه الـ53 عاماً، رغم شدة البرودة التى ترجف جسده: «بقالى 14 سنة فى الهيئة شغال عامل نظافة فى شوارع الجيزة، مفيش شتا عدّى علينا فى سنة ووزعوا علينا لبس شتوى أو حتى جاكيت يحمينا من البرد، والبدلة اللى عليا ماباقلعهاش، صيف شتا بالبسها، وبيجددوها لينا كل كام سنة».
يستقبل الرجل الخمسينى الأمطار بدعوات بالفرج، ثم يواصل عمله مضطراً: «الهيئة عندنا مش مهتمين باللبس اللى بنلبسه، ومواعيد الوردية هما اللى بيحددوها فباخد السقعة كلها، لأنى باشتغل لحد الليل، ومفيش رحمة بينا خالص، لو مرضنا بسبب الزبالة أو حصل لينا أى مصيبة ولا حد بيسأل علينا، ولو أى مشرف عدّى ولقانى لابس جاكيت من فوق بدلة النظافة بابقى عارف أن عندى يوم جزا». يتذكر الواقعة التى تعرّض لها قبل عام: «حصلت فى الشتا اللى فات، وبعد ما اشتغلت يومى كله ولقانى لابس جاكيت إدانى خصم، وقبضت يومها 5 جنيه من أصل 15». {left_qoute_1}
يجلس «صبحى» على الرصيف، لا حول له ولا قوة، يحتمى فى بقايا أخشاب وأوراق من الكرتون، منتظراً الانتهاء من ساعات عمله ليرجع إلى أسرته، ويلتقى هو وزوجته وأبناؤه على سرير واحد دافئ بعد يوم طويل ترتجف فيه ضلوعه: «إحنا حقنا مهضوم فى المجتمع، لا فلوس ولا تقدير، ولا حتى بدلة تقيلة تحمى جسمنا»، حالة بؤس فى العمل أو المنزل، فالأوضاع المحيطة بالأخير ليست الأفضل حالاً: «البرد ورايا فى الشغل وفى البيت، أنا ساكن فى أوضة شبه العشة، باتلم مع أولادى، علشان نتدفا، لكن برضه بنحس بالبرد». لم يحصل الرجل البسيط على قسط كافٍ من التعليم، حيث قادته الظروف للعمل مزارعاً باليومية فى قريته بالشرقية، حتى تبسّم له الحظ بالحصول على وظيفة عامل نظافة بيومية 6 جنيهات زادت تدريجياً لتصل إلى 15 جنيهاً فى السنوات الأخيرة لا تكفى، حسب قوله، للإنفاق على أسرة مكوّنة من زوجة و4 أبناء: «15 جنيه فى اليوم يعملوا ليا ولعيالى إيه؟ يعنى فى الشهر كل اللى باخده 450 جنيه، باكل واشرب واصرف على عيالى منهم»، ناعياً حاله بقوله: «إحنا غلابة، حالنا من حال أهلنا الغلابة اللى قابلوا وجه كريم».
لا تختلف ظروف «صبحى» عن أحوال «عم محمد»، فعمال النظافة الحكومية والخاصة «فى الهوا سوا»، فالأخير الذى يعمل فى إحدى شركات النظافة الخاصة بالقاهرة الجديدة، يعانى من الأمور نفسها، «الجاكيت الفسفورى» الذى لا يُجدى شيئاً، هو كل ما يرتديه فى مواجهة معارك الصقيع مع بداية طلوع النهار: «بابدأ شغلى 6 الصبح، لحد 2 الظهر، باخرج من بيتى بعد الفجر على طول فى منشية ناصر، وباخد السقعة كلها طول الشتا، عشان كده باكره البرد، لأن الشركة مش بتوفر لينا غير الجاكيت الملون ده بس، بنلبسه ومرفوض نلبس فوقه أى هدمة تانى». {left_qoute_2}
يمضى الرجل الستينى فترات طويلة فى الشارع، يجمع القمامة المتناثرة يميناً ويساراً فى كيس بلاستيكى صغير، وجسده يرتعش من البرودة، لكنه اعتاد على ذلك حسب قوله، لا سيما بعدما طالب مسئولاً بالشركة بتوفير ملابس شتوية له ولغيره من العمال، لكن دون جدوى: «قالوا ليا مفيش غير الصديرى، وسمحوا لنا بالعافية نلبس أى حاجة تحته، والبدلة لا بتدفى ولا أى حاجة، بيدوها لينا زى جاكيت فى الشتا، لكن هى فى الحقيقة خفيفة جداً».
ثالثهم لا يختلف حاله أيضاً، 35 عاماً، يمتهنها محمد عبدالرحمن مهنة، عامل النظافة فى شركات مختلفة، منذ أن جاء من الصعيد إلى القاهرة بحثاً عن الرزق: «فى الأول، كنت باشتغل مع نفسى وربنا كان بيرزقنى باللى الناس كانت بتديهولى، واشتغلت فى أكتر من شركة نظافة ومفيش ولا واحدة كانت بتوفر لأى عامل جاكيت واحد فى الشتا، كله يرمى ليا البدلة صيف أو شتا، ويقولوا لك كفّى نفسك، ده غير المرتبات اللى ماتعملش أى حاجة فى الزمن ده، يعنى بياكلوا حقوقنا فى كل حاجة».
8 أبناء، يصرف عليهم «محمد» من مهنة عامل النظافة، فى مقابل راتب شهرى 1000 جنيه فقط: «من يوم ما اشتغلت فى آخر شركة بقالى 6 سنين فيها، وأنا باخد نفس المرتب، مازادش مليم واحد، وعندى 8 عيال باربيهم وأصرف عليهم، وشغّال على باب الله عشان أكفيهم، ولا فيه تأمين على حياتنا ولا تثبيت ولا زيادة ولا معاش، ولا كلمة تهوّن علينا، عشان كده حاولت أكتر من مرة أشتغل زبّال فى أى قطاع حكومى مختلف، لكن تم رفضى».
{long_qoute_2}
كبار سن وشباب وأطفال أيضاً، يمتهنون المهنة نفسها، ويعانون الأوجاع نفسها.
13 عاماً فقط، يبلغ عمر «مصطفى عادل»، الذى قرر أن يعمل فى النظافة ليشارك فى الإنفاق على أسرته: «مهما لبست بابقى بردان، عشان هدومى كلها فيها تقطيع من كتر لبسها، ومكتب النظافة اللى باتعامل معاه مش بيدينى لبس شتوى ولا فلوس عليها القيمة»، «مصطفى»، عامل نظافة بمنطقة المعادى، بدأ رحلته مع العمل قبل عامين، مع وفاة الأب ليصبح أكبر أشقائه الثلاثة، مسئولاً عن الإنفاق عليهم ومساعدة والدته: «موت أبويا أشد ألم ليا من البرد اللى باحس بيه فى كل شتا، مات من سنتين، ومن يومها وأنا طلعت من المدرسة ونزلت أشتغل فى الشارع عامل نظافة، واحد قريبنا اللى جاب لى الشغلانة، علشان أصرف على أمى وإخواتى الصغيرين»، يلاحقه الصقيع من كل جانب، حتى من أسفل قدميه، حيث الحذاء المتهالك الذى يرتديه: «باطلع كل يوم الصبح وباشتغل، باشوف الناس ماشية متدفية بـ100 حاجة، وأنا فى عز البرد، حتى الجزمة اللى لابسها بتسرب ليا البرد لأنها قماش ودايبة، ورجلى بتبقى متلجة طول ما أنا شغال».
500 جنيه هو كل ما يتقاضاه «مصطفى» من مهنة عامل النظافة شهرياً، لا تكفى مصاريف علاج والدته والإنفاق على أشقائه: «مفيش حاجة مكفية وكل حاجة غالية، وأمى عندها أزمة فى القلب بتحتاج علاج بضعف مرتبى، ده غير العيشة اللى بقت صعبة، بس مش شاغل بالى غير إنى أشتغل على قد ما أقدر عشان أكفيهم، وسايب حمولى على الله»، رغم الهموم التى يحملها «مصطفى» فوق كاهله، إلا أن ابتسامته لا تفارق وجهه الطفولى، نصائح والده لا تزال عالقة بذهنه: «أبويا دايماً كان يعلمنى إن الحياة ما ضاقت إلا لما فرجت، ومفيش حاجة تستاهل الحزن عليها، وربنا مابينساش حد»، مستدركاً وهو ما زال ممسكاً على ابتسامته البسيطة: «كل اللى باتمناه شغلانة تانية غير إنى أكون زبّال».
أوجاع عمال النظافة، آلامهم، شكواهم، نفاها جملة واحدة «مختار أبوالفتوح»، مدير العلاقات العامة بهيئة النظافة والتجميل بالجيزة، معتبراً أن أحوالهم «جيّدة، مقارنة بفئات عمالة أخرى»، حسب قوله. وأشار إلى أن الهيئة لا تتجاهل صقيع الشتاء الذى قد يعانون منه، لذلك تقوم بتسليمهم عدد 2 ملابس داخلية ثقيلة، لارتدائها أسفل الزى الرسمى: «بنسلم لكل عامل فى بداية السنة 2 بدلة يلبسوها صيف شتا ويغيروا فيها، وفى البرد بنوزّع عليهم فالنات شتوى من كتر خامتها ما هى حلوة، صوفها بيشوك، لكن هما عشان ناس غلابة ومعظمهم من الأرياف بيبيعوها، ويفضلوا طول الشتا من غير حاجة تدفيهم، ويتهمونا بالتجاهل والتغافل وأننا لا نوزع عليهم ملابس مناسبة لطبيعة الجو». الرد الذى اكتفى «أبوالفتوح» بالتعقيب به، رفضه محمد عبدالمجيد، رئيس المجلس القومى للعمال والفلاحين، مؤكداً أنه «تبريرات لا صحة لها»، فيقول: «فئة عامل النظافة الوحيدة التى تمر بأزمات كثيرة، تبدأ من عدم المحافظة على سلامتهم أثناء تأدية عملهم، مروراً بحقوقهم فى الأجر الملائم والتقدير الاجتماعى المناسب، وصولاً إلى الزى الرسمى اللى بيتم توزيعه عليهم». وأضاف «عبدالحميد» غاضباً: «دول مالهمش أى حقوق، حتى الحق فى الزى الملائم، لا يحصلون عليه».
عم محمد
- الحصول على وظيفة
- الزى الرسمى
- الشوارع والميادين
- العلاقات العامة
- القاهرة الجديدة
- المجلس القومى
- الهيئة العامة للنظافة والتجميل
- تنظيف الشوارع
- جمع القمامة
- آلام
- الحصول على وظيفة
- الزى الرسمى
- الشوارع والميادين
- العلاقات العامة
- القاهرة الجديدة
- المجلس القومى
- الهيئة العامة للنظافة والتجميل
- تنظيف الشوارع
- جمع القمامة
- آلام
- الحصول على وظيفة
- الزى الرسمى
- الشوارع والميادين
- العلاقات العامة
- القاهرة الجديدة
- المجلس القومى
- الهيئة العامة للنظافة والتجميل
- تنظيف الشوارع
- جمع القمامة
- آلام
- الحصول على وظيفة
- الزى الرسمى
- الشوارع والميادين
- العلاقات العامة
- القاهرة الجديدة
- المجلس القومى
- الهيئة العامة للنظافة والتجميل
- تنظيف الشوارع
- جمع القمامة
- آلام