مخاوف من تراجع تحويلات المصريين بالخليج بعد انخفاض النفط

كتب: محمد الدعدع

مخاوف من تراجع تحويلات المصريين بالخليج بعد انخفاض النفط

مخاوف من تراجع تحويلات المصريين بالخليج بعد انخفاض النفط

أثار تراجع أسعار النفط وتداعياته السلبية على الدول المُنتِجة، وعلى رأسها دول الخليج، الشريك التنموى الأول لمصر منذ ثورة يونيو، مخاوف من انعكاس هذه التداعيات على تحويلات المصريين العاملين بدول الخليج، التى تمثل أحد أبرز مصادر تعزيز الاحتياطى النقدى من العملة الصعبة، بعد تراجع إيرادات السياحة منذ ثورة 25 يناير، لا سيما مع وجود توجه لدى حكومات دول مجلس التعاون الخليجى لاستحداث ضريبة على تحويلات العاملين الأجانب لديها إلى بلدانهم، والمقدرة بنحو 100 مليار دولار العام الماضى، يذهب ثلثها إلى مصر والأردن ولبنان وباكستان واليمن.

{long_qoute_1}

وأيدت تقارير عدة لصندوق النقد والبنك الدوليين تلك المخاوف، فتوقع تقرير مشاورات المادة الرابعة لصندوق النقد الدولى مع المملكة العربية السعودية لعام 2015، الصادر أغسطس الماضى، تباطؤ نموّ المملكة إلى 2.8% فى 2015، ثم 2.4% العام المقبل، نتيجة هبوط أسعار النفط بنسبة 50% منذ يونيو 2014، ووقوعها فريسة عجز بموازنتها قدره 19.5% العام الحالى، وأن يظل العجز مرتفعاً على المدى المتوسط، نتيجة تراجع أسعار النفط، مما يُقلِّص من الاحتياطيات الوقائية التى تكوّنت على مدار العقد الماضى، لا سيما مع ارتفاع فاتورة العمليات العسكرية للحلف الذى تقوده السعودية ضد الحوثيين فى اليمن.

وأقر التقرير بوجود تداعيات بارزة يمكنها الانتقال من المملكة إلى بلدان المنطقة، وعلى رأسها مصر، وقال إن المملكة لها تأثير مهمّ على بلدان الشرق الأوسط وجنوب آسيا من خلال تحويلات العاملين المغتربين والمساعدات المالية والواردات، متوقعاً تراجع تحويلات المغتربين هذا العام، وتراجع الاستثمارات السعودية المباشرة فى الخارج حتى عام 2020. وقال إن معدّل البطالة ارتفع إلى 11.7%، كما أن معدّلها فى أوساط الشباب تجاوز 40%، مشجِّعاً التزام الحكومة بـ«سعودة الوظائف»، طبقاً لبرنامج «نطاقات»، وهو ما يمثِّل تهديداً لعدد كبير من العمالة المصرية بالمملكة.

وقد حذّر الصندوق فى تقرير مشاوراته أيضاً، نهاية 2014، من أن استمرار انخفاض أسعار النفط على المدى المتوسط من شأنه إلحاق الضرر باقتصادات دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، بما يجعل من استمرارها فى تقديم مساعدات خارجية لدول الجوار أمراً «شبه مستحيل»، وتقليص استثمارات تلك البلدان خارجها.

وقالت مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية، العام الماضى، إن انخفاض أسعار النفط يجعل الحالة الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجى مصدر قلق للقاهرة والرباط وعمان، وهو ما ذهب إليه أيضاً البنك الدولى، الذى كشف فى أحدث تقاريره لـ«موجز الهجرة والتنمية»، تراجع نموّ تحويلات المغتربين لبلدانهم فى 2015، بسبب تراجع أسعار النفط، ووضع العملات مقابل الدولار الأمريكى، وضعف النمو الاقتصادى فى أوروبا، وهو ما خلق مزيداً من الضغوط التى قلّلت قدرة كثير من المهاجرين على إرسال أموال إلى أسرهم وأصدقائهم فى أوطانهم، وهو الأمر الذى قد يؤثّر هذا العام على معظم المناطق النامية فى العالم، وأكده أيضاً صندوق النقد فى أحدث تقرير من سلسلة «آفاق الاقتصاد الإقليمى»، الشهر الماضى، من أن تحويلات العاملين بالخارج تشكِّل مصدراً مهمّاً للدخل فى مصر والأردن، وأن منطقة الخليج واحدة من أكبر مصادر تحويلات الوافدين على مستوى العالم، مشيراً إلى أن نحو 29 مليون عامل أجنبى فى الخليج، أرسلوا إلى أوطانهم العام الماضى أكثر من 100 مليار دولار، ذهب 70% منها إلى مصر والأردن، مما يعادل 5-7.5% من إجمالى الناتج المحلى للبلدين، لافتاً إلى أن تباطؤ تدفّقات تحويلات العاملين مرهون بإجراء بلدان الخليج عمليات تصحيح للأوضاع المالية العامة، أو حال فرضها ضريبة خاصة على تحويلات العاملين الأجانب.

{long_qoute_2}

وأكد اقتصاديون ومسئولون بصندوق النقد الدولى، أن انخفاض أسعار النفط ستكون له تداعيات اقتصادية مهمة على تحويلات العاملين الأجانب بدول مجلس التعاون الخليجى، وأوضحوا أن هذه التداعيات تكتسب أهمية كبرى لأن منطقة الخليج من أكبر مصادر تحويلات العاملين على مستوى العالم، مضيفين: «حقَّقَت التحويلات تعافياً سريعاً بالتوازى مع انتعاش أسعار النفط».

وقال كل من سعد قيوم وكيرستن شويتلر وسيد رزا يوسفى وسوبريو دى، المسئولين بالصندوق، فى مدونتهم، إن ثلث إجمالى التحويلات النقدية من دول الخليج البالغ 100 مليار دولار، يذهب إلى مصر والأردن ولبنان وباكستان واليمن، وأن هذه البلدان تعتمد اعتماداً كبيراً على تمويلات العاملين بدول مجلس التعاون الخليجى، إذ تمثل 4-7% من إجمالى الناتج المحلى. ووفقاً لرسم بيانى أوردوه بالمدونة، تَبيَّن أن إجمالى تحويلات المصريين العاملين بالخليج يمثل نحو 5% من الناتج المحلّى الإجمالى العام الماضى. ولفتوا إلى تركّز معظم العاملين المهاجرين إلى مجلس التعاون الخليجى، فى القطاع غير النفطى، لا سيما قطاعات البناء وتجارة الجملة والتجزئة، مضيفين: «من المقدر أن يؤدّى انخفاض إجمالى الناتج المحلى غير النفطى بنسبة 1% إلى تخفيض تدفقات تحويلات العاملين بنسبة 0.5-0.75% سنويّاً، وعلى المدى القريب من المقدر أن يكون أثر انخفاض أسعار النفط محدوداً»، ونوهوا بأنه «حال انخفاض نموّ قطاعَى (الخدمات الحكومية) و(البناء) باعتبارهما الأكثر ارتباطاً بتدفقات تحويلات العاملين الأجانب، أو أخذ بلدان مجلس التعاون الخليجى بمقترح استحداث ضريبة خاصة على تحويلات العاملين الأجانب لبلدانهم، فستتأثر تدفقات التحويلات النقدية للعاملين إلى بلدانهم المستوردة للنفط فى المنطقة تأثراً كبيراً».

يُذكر أن إجمالى التحويلات النقدية للمصريين العاملين فى الخارج، المسجلة رسميّاً، بلغ 19.3 مليار دولار العام الماضى، وتعد من أبرز مصادر تعزيز النقد الأجنبى، بعد تراجع إيرادات السياحة والصادرات.

 


مواضيع متعلقة