«جمالات» صعيدية وملتزمة بـ«تحديد النسل»: العزوة ممكن بـ«بنت واحدة»

08:42 م | السبت 12 ديسمبر 2015

فى الأرياف، قضت نصف عمرها.. الجيران، الأصدقاء، الأقارب، وحتى أسرتها، كان فى اعتقادهم أن «الخلف» سند وظهر، وفى مفهوم الريف يسمى بـ«العزوة»، لكن «جمالات» برغم خروجها من التعليم فى الإعدادية بين 12 شقيقاً، إلا أن «الراديو» فى ذلك التوقيت كان رفيق وحدتها فى المنزل، الذى لا يعترف بعمل السيدات فهى خُلقت للزواج المبكر والتكاثر. {left_qoute_1}

من بيت الأب إلى بيت العدَل، لم تتغير فكرة جمالات محمد، ربة منزل، عن تحديد النسل، فالحملات التى تسمعها عبر الراديو تؤكد لها أن كثرة الإنجاب «قنبلة موقوتة» تهدد صحة الأمهات والزيادة السكانية، الهاجس الذى غيَّر فكر السيدة السبعينية منذ صغرها جعلها تكتفى بـ«طفلة» أنجبتها دون أن تستمع للأغنية التى كانت ترددها والدتها دوماً وهى تحاول أن تجعلها تغُط فى سُباتٍ عميق: «نام نام وأدبحلك جوزين حمام.. لما قالولى دا ولد اتشد حيلى واتسند، واما قالوا دى بنية اتهد حيط البيت عليا»، فالجدة السبعينية لم تنصت لكلام الناس حول «خلفة البنات» وظلت تقنعهم «دى عطية من ربنا بنت بقى ولا ولد كفاية عليا، المهم أعرف أربيها وألبسها.. وفى نفس الوقت مخسرش صحتى.. بلاش جهل».

فى الثامن عشر من عمرها، تزوجت «جمالات» من ابن العم، بدأت حياتها الزوجية مع التوعية وسماع الحملات المستمرة واللجوء إلى المراكز الحضرية فى قريتها الصغيرة بالمنيا، «كنت وقتها صغيرة بس كنت فاهمة كويس أن الخلفة الكتير مش كويسة، لأنها فى الأول والآخر هتأثر على صحتى، وقررت أكتفى ببنتى زينب مع أن جوزى كان نفسه فى ولد، بس أقنعته أن البنت رزق من عند ربنا ومنجبش تانى عشان نحدد النسل ونختلف عن غيرنا»، فى الوقت الذى كان الجميع حول السيدة البسيطة، ينجبون أعداداً من الأطفال لكونها عزوة، لم تتخل «أم زينب» عن إنجاب «بنت واحدة»، رغم ظروف الحياة المستقرة وقتها: «الدنيا كان فيها خير وكنا نقدر نربى بدل العيل اتنين وتلاتة وأربعة، لأن الأسعار كانت على قدنا وكل حاجة قدامنا متوفرة بس كنت هبقى جبت عيال كتير وخلاص، زحمت بيهم البلد ونهيت على صحتى، وبرغم أنى اتولدت وسط 12 أخ غيرى، لكن فكرة الخلفة الكتير مكانتش أسلوب حياتى، والعزوة بالنسبة ليا ولو فى بنت واحدة، رغم إنى عانيت وكنت فى مشاكل مع أمى وجوزى بسبب إنى أخاوى زينب، بس بردو فضلت على قرارى وماغيرتوش واكتفيت بطفل واحد، مع إنى كنت أقدر أجيب دستة عيال وقتها زى غيرى».

معارك كثيرة حاولت «جمالات» أن تتخطاها مع زوجها لإنجاب طفل آخر، رغم استقرارها فى الحضر بعد أن ذهبت مع الزوج إلى القاهرة لطبيعة ظروف عمله: «جوزى كان شغال فلاح فى الأراضى وبعدين جاله شغل فى شركة محترمة فى القاهرة، فسافرت معاه وعشت نص عمرى التانى فى الحضر، وكان حوليا ناس كتير مخلفين أكتر من طفلين و3، بس ده مأثرش عليا إنى أوافق على أنى أخلف تانى زى ما جوزى كان بيتمنى، وفضلنا فى مشاكل أكتر من 15 سنة عشان أقنعه أن بنتى زينب اللى فى حياتنا وقفلنا بعدها، لحد ما فى الآخر اقتنع وعشنا عمرنا كله بنربيها أحسن تربية ودخلناها أحسن مدارس وقتها»، حملات التوعية لتحديد النسل قبل 40 عاماً فى حياة «جمالات»، كانت حريصة على الإنصات لها وتفعيلها على أرض الواقع، «وقتها كنت بسمعها على الراديو، وكنت مهتمة جداً أعمل كل اللى بيقولوه، كانت التوعية أكتر بكتير من دلوقتى، لأن زمان الناس كانت بتخلف بالعشرة وبيخلفوا تانى ومعندهمش أى مشكلة، ولما كنت فى البلد بقيت ملتزمة أروح الصحة اللى قريبة منى عشان آخد الوسيلة اللى تخلينى ماخلفش تانى، كان وقتها وسائل بالتعليمات ومفيش وسيلة بعينها آخدها أو تدخل جسمى زى دلوقتى»، مضيفة: «كتر العيال مش عزوة أكتر ما هو هموم على الأسرة والبلد من زمان وحتى دلوقتى، إحنا عدينا الـ90 مليون ولسه يا عالم هنوصل لكام مليون بعد سنة من دلوقتى، وفى الأيام دى تحديداً اللى بيجيب عيال كتير بيظلم نفسه فى الأول، ونصيحتى لكل أسرة جايبة عيال كتير أنها تعمل زيى».