مكافحة الإيدز" لا تزال أولوية في غرب كينيا بسبب "تقاليد التوريث"

كتب: أ ف ب

مكافحة الإيدز" لا تزال أولوية في غرب كينيا بسبب "تقاليد التوريث"

مكافحة الإيدز" لا تزال أولوية في غرب كينيا بسبب "تقاليد التوريث"

يتفقد فريق من منظمة أطباء بلا حدود، يوميا، سكان هوما باي المنطقة الكينية التي تسجل فيها أعلى نسبة إصابات بمرض نقص المناعة البشرية المكتسبة (إيدز)، بهدف الكشف عن الحالات الجديدة وتوعية الأهالي والحد من انتشار فيروس "إتش آي في" المسبب للمرض.

وبين أشجار الموز والمانغا والأفوكادو وحقول الذرة، يجوب باتريك كيبيرا أوشورو ورجاله، في الممرات المبللة بأمطار الخريف ويطرقون أبواب السكان للاستفادة من كامل الوقت المتاح لهم للتحادث والتوضيح ومحاولة الاقناع.

ويقول باتريك: "بالنسبة لكثيرين هنا، فيروس الإيدز لا يطرح مشكلة حقيقية الأولوية بنظر هؤلاء هي الغذاء والماء"، مضيفا "لهذا السبب نتحدث إليهم لنتأكد من أنهم يفهمون أهمية الخضوع لفحوص مرة كل سنة على الأقل".

ومع أن عدد الإصابات بفيروس "اتش اي في" تراجعت بنسبة 3% خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة على المستوى العالمي وفق الأمم المتحدة، غير أن المعركة ضد الإيدز لا تزال طويلة في منطقة هوما باي التي تضم أعلى نسبة إصابة بمرض الإيدز في كينيا وواحدة من أعلى النسب في العالم.

وفي مواجهة هذه الأرقام المأسوية، غيرت منظمة "أطباء بلا حدود" غير الحكومية مقاربتها عبر الانتقال إلى خطة عمل لا مركزية بهدف التقرب مباشرة من الناس عوض انتظار مجيئهم إليها.

وتركز المنظمة، جهودها على منطقة نديوا الداخلية، وخلصت دراسة أعدتها هذه الهيئة غير الحكومية سنة 2012 في نديوا إلى نتائج مقلقة للغاية إذ أن هذه المنطقة كانت تضم نسبة انتشار للإصابة بالإيدز تبلغ 24.1% مقارنة مع 5.5% في السنة نفسها على المستوى الوطني وفق أرقام برنامج الأمم المتحدة المشترك لفيروس الإيدز (يو إن إيدز)، إضافة إلى معدل للإصابات الجديدة يبلغ 2% في مقابل 0.25 % على المستوى الوطني، ووفق هذه الدراسة، 41% من الأشخاص المصابين يجهلون أنهم حاملون لفيروس "اتش اي في".

ويمكن تعليل النسب المرتفعة للإصابة في هذه المنطقة بجملة عوامل ثقافية واجتماعية، من أبرزها تعدد الزوجات ورفض الختان.

وتنتشر في هذا البلد عادة تقديم الخدمات الجنسية في مقابل الأسماك كما أن ظاهرة البغاء رائجة بقوة أيضا.

ومن بين العوامل الأخرى إعادة تزويج الأرامل من رجال من عائلة أزواجهن المتوفين "يرثونهن" عن أقاربهم وهي عادة موجودة لدى اتنية لوو المقيمة في المنطقة، وقبل ملاقاة الزوج الجديد، يتعين على هذه النسوة إقامة علاقات جنسية مع رجل تكون مهمته "تطهيرهن".

ليليان اتيينو أوشولا (37 عاما) أصيبت بالـ "اتش اي في" قبل 14 عاما بسبب ممارسات "التوريث" هذه إذ انتقلت إليها العدوى من زوجها الثاني ونقلتها بدورها إلى ابنها بسبب الرضاعة قبل أن تعلم بإصابتها بالفيروس.

ومنذ ذاك، تحاول ليليان توعية جاراتها حول هذا المرض، وتقول "أنصح بقوة النساء الأخريات بعدم القبول بتوريثهن قبل إخضاع أزواجهن لفحوص مؤكدة أنها تلمس "تفاعلا جيدا" من هؤلاء الأشخاص الذين "يطلبون النصائح ويخضعون لفحوص".

وتمارس في أوساط قومية لوو عادة تعدد الزوجات وعلى الرغم من عدم انتشارها على العلن، لا يزال لدى الرجال في كثير من الأحيان خليلات يعيشون مساكنة معهن في الخفاء.

كذلك يرفض أبناء قومية لوو تقليديا ختان الذكور رغم أن منظمة الصحة العالمية توصي بهذه الممارسة لكونها تقلص خطر الإصابة بفيروس "اتش اي في" بنسبة 60 % بحسب دراسات عدة.

ومع أن الأدوية متوافرة بدرجة كبيرة في كينيا 72 % من الكينيين المصابين بفيروس "اتش اي في" كانوا يتلقون علاجات بالمضادات الفيروسية سنة 2011 وفق منظمة الصحة العالمية ولا يزال يتعين تخطي الكثير من العوائق الاخرى.

ويشير مسؤول هيئة الصحة في منطقة هوما باي لورنس أوتينغ إلى أن القسم الأكبر من التحديات الراهنة على صعيد مكافحة فيروس "اتش اي في" هي اقتصادية اجتماعية وثقافية أكثر منها طبية حيوية.

ويلفت أوتينغ، إلى أن إحدى الصعوبات الكبرى تتصل بالنبذ الاجتماعي الذي يقع ضحيته مرضى الإيدز إذ يضطر كثيرون منهم إلى اخفاء مرضهم والتوقف عن الخضوع للعلاجات المناسبة ويقول: "نستمر في محاربة حالات الوصم".

ويوضح باتريك من منظمة "أطباء بلا حدود"، أن أعضاء فريقه "يحاولون الترويج لمقاربة تتمحور على العائلة"، مؤكدًا أن الأمر ليس سهلا فالبعض يبدون رفضا في حين يصبح آخرون مناوئين للأمر لكن إذا ما قام المستشار بعمل جيد فإنهم ينتبهون جيدا للنصائح عموما.

كما أن إظهار أهمية ختان الذكور دونه صعوبات. ففي ثقافة لوو، ينظر إلى العلاقات الجنسية على أنها تشجع على تكاثر المزروعات والمحاصيل الوافرة، وبالتالي من الصعب بالنسبة لأفراد هذه القومية تقبل فكرة الإقلاع عن الجنس حتى لفترة أيام قليلة خلال العملية.

ومنذ إطلاق مشروع "أطباء بلا حدود" بالقيام بجولات توعوية على السكان في منازلهم في أغسطس الماضي، خضع 5200 شخص لفحوص. ولاستكمال هذا المشروع، تملك المنظمة غير الحكومية خيما جوالة حيث يمكن للناس أن يأتوا بأنفسهم لإجراء فحوص أو الخضوع لعمليات ختان.


مواضيع متعلقة