حكايات من قلب المطار.. "دموع" و"أفراح" بين اللقا والفراق

كتب: سارة سعيد

حكايات من قلب المطار.. "دموع" و"أفراح" بين اللقا والفراق

حكايات من قلب المطار.. "دموع" و"أفراح" بين اللقا والفراق

عيون يملؤها الحزن في يوم ثقيل، يوم أن يرحل الأقربون والأحبة، فلا مسافات تشفع ولا أحضان تشبع، في تلك الرقعة بالمطار يودع فيها المسافرون أحبائهم ويتمنون أن تقف بهم الأزمنة، بينما يقف آخرون تنتظر قلوبهم الوثب فرحة لعودة ذويهم، بعدما ذاقوا مما يعيشه الأولون في نفس الوقت من ذي قبل، مشاعر مختلطة بين فرقة ولقاء، دموع وداع وأحضان استقبال، ساحة عدة أمتار تشهد زخم مشاعر يوميا، لو أتتها فرصة لروت ملايين الحكايات التي عايشتها.

قبل ميعاد الطائرة بسويعات، تمر السيارة القادمة من الفيوم محملة بالأحباب والأقارب، ولا ينقصها سوى مينا يوسف ووالده ووالدته، لوداعهم في المطار، نفس المشهد يتكرر عند استقبالهم ثانية، "دايما في الوداع والاستقبال بيبقى في رحلة من الأهل لمطار القاهرة الدولي"، هكذا وصف مينا الحال في فترة التسعينات، يضحك ساخرا قبل أن يخبرنا هجرة السائق الذي كان يوصلهم إلى أمريكا، لتختلف السيارات، واختلفت معها السائقين وفقا لطبيعة المستقبلين، كما يروي مينا.

في أول خمس سنوات من الألفينات، ومع انتشار الإنترنت ووسائل الاتصال، أصبحت عائلة مينا تراسل والديه بإيطاليا بصفة منتظمة، لذا يقول أن "حرارة الاستقبال وأشواق العودة وأحضان المطارات قلت كتير" حتى أصبح هو ووالدته مستقبلي والده فقط، ومع الوقت وخاصة في الفترة الأخيرة واستقراره بمصر، أصبح مينا يستقبل والديه وحده في المطار، واصفا تغير مشاعر الاستقبال والوداع في المطار مع تقدم الوقت، فكانت أكثر حميمية في التسعينات لتقل تدريجيا مع تقدم وسائل الاتصال.يحكي مينا عن مشهد العروسة التي تودع أهلها في المطار، الذي استحضرته الأفلام والمسلسلات كثيرا، ليعاصره مرتين من قبل، أحدهما كانت "أم العروسة" تبكي تارة وتضحك وتزغرط تارة أخرى، وبطبيعته يركز مينا فيمن حوله أثناء استقبالهم أو وداعهم لذويهم، ليلحظ ذلك السائق التابع لأحد الشركات لا يمت بصلة للسائحين القادمين، إلا أنه يقف متحمسا وينادي عليهم رغم نطقه لاسم الفوج خاطئا، ليعتبر مينا أن المطار رحلة تظهر فيها العشوائية والحميمية في المصريين تحديدا، "المطار شبهنا أوي في عشوائيتنا وحميمتنا الزايدة".

طالبا في الصف الثاني الثانوي، وقف كريم أحمد قبل 15 عاما، بعيدا يودع أول فتاة أحبها دون أن يسلم عليها لوجود عائلتها معها، ليعتاد بعدها على وداع أهله مرارا وتكرارا بين مصر والكويت، يتبدل الإحساس فرحا حينما يذهب لاستقبالهم، كم من المشاعر المختلطة التي تسيطر على كريم في الحالتين، جعلته يتمنى في كل مرة أن يتوقف به الزمن، فلا يستطيع أن يودع أهله، ولتطول فرحته باستقباله لهم دون أن يوجعهم أو يودعوه قريبا "بسلم على حد ومش عارف هشوفه تاني امتى".

فرحة لم تستطع سجدة أحمد وصفها عند وقوفها أمام صالة 3، تنتظر خطيبها الذي لم تره منذ ما يقرب من عام، إلا أنها لم تلبث شهرا واحدا إلا وعادت لتقف ثانية تودعه بعد أيام من كتب كتابهما، "قلبي بيتقبض منها، مكنتش مستوعبة لحد ما الشنط نزلت من العربية أنه مسافر خلاص"، حزن سيطر على سجدة بعدما أدركت رحيل زوجها، لتنتظر ثانية أياما وشهورا تحسبها لتأتي إلى ذلك المكان ثانية لتفرح ثم تحزن مرة أخرى بعدها بأيام قليلة.


مواضيع متعلقة