.. ويسألونك عن السياحة!

آمال عثمان

آمال عثمان

كاتب صحفي

من حقنا أن نغضب من المبالغات والتشويه المتعمد فى وسائل الإعلام الغربية، ونرفض الادعاءات والاتهامات التى يروجها البعض زوراً وبهتاناً، ومن واجبنا تقديم مبادرات وأفكار لدعم السياحة ومساندة العاملين فى هذا القطاع، ولكن علينا أيضاً أن نعترف بالمشكلات والأخطاء والخطايا التى تشوه تلك الصناعة الحيوية وتسىء إلى صورة بلدنا، وأن نقر بوجود ثغرات أمنية فى إجراءات السلامة، والعديد من مظاهر التقاعس والإهمال لدى قطاع كبير من القائمين عليها، كما علينا أن ندرك أننا مهما تكبدنا من عناء ومشقة لتنشيط حركة السياحة، ومهما أنفقنا من أموال على الترويج للأماكن السياحية، وبذلنا من جهود لتوقيع اتفاقيات وفتح أسواق جديدة، فإننا لا يمكن أن ننهض بصناعة السياحة، إلا إذا واجهنا تلك الأخطاء والخطايا التى تضرب هذه الصناعة فى مقتل، وبادرنا بوضع خطط وأفكار وحلول جادة وفعَّالة للقضاء على الصعوبات والمشكلات والعوائق التى تبدد كل التحركات والمساعى وتذهب بكل الجهود والمبادرات أدراج الرياح!!

إننى أثمن الجهود والتحركات التى يقوم بها هشام زعزوع، وزير السياحة، لمواجهة الأزمة، والعمل على دعم الاقتصاد القومى، لكن الحكمة تقول إنه لا معنى للانشغال بصعود السلم إذا كان يرتكز على الجدار الخطأ!! لذا أقول لا جدوى من الوفود والحملات الإعلانية والتعاقدات العالمية للترويج السياحى، والتعاقد مع الشركات العالمية لتحسين الصورة الذهنية فى الخارج، أو مضاعفة الرحلات القادمة من بعض الدول العربية، إذا لم نُعد ترتيب أوراقنا فى الداخل، ونراجع نظم وإجراءات الأمن والسلامة فى جميع المطارات والمنشآت السياحية، ونفرض رقابة صارمة على جميع العاملين فى صناعة السياحة، ونضع ضوابط وقوانين تضمن حماية وراحة السائح وتوفر مناخاً يشجع على السياحة.

وأتكلم هنا من واقع تجربة شخصية مررت بها الأسبوع الماضى، وذلك خلال رحلة خاطفة قمت بها على متن خطوط «مصر للطيران»، فالشركة قررت وسط الأحداث التى ضربت عمق السياحة، أن تزيدنا من الشعر بيتاً، وتقضى على النفس الأخير بهذا الجسد الواهن الراقد داخل غرفة الإنعاش بين الحياة والموت!! وأسجل هنا بعض -وليس كل- الملاحظات والمشاهدات من خلال رحلتى التى بدأت من دخول منطقة السفر بمطار القاهرة وتتلخص فى الآتى:-

أولاً: الهرج والمرج والسقوط العكسى والعشوائى للحقائب من فوق السير الخاص بكاميرات التفتيش، وإغلاق بوابات الدخول فجأة أمام المسافرين إلى كل صوب وحدب، بسبب اكتشاف غياب رجال الشرطة الجالسين أمام شاشات المراقبة والتفتيش!

ثانياً: تكدس المسافرين أمام مكاتب «مصر للطيران»» لإنهاء إجراءات وزن الحقائب وحجز المقاعد بسبب عدم توافر أعداد موظفين تتناسب مع حجم المسافرين، رغم جحافل الموظفين المعينين فى الشركة!

ثالثاً: وجود حشرة فى وجبة الإفطار الساخنة التى قدمت لى على الطائرة، وبعد إبلاغ المسئولة عن طاقم الضيافة قدمت الاعتذار، ووعدت بتحرير محضر بالواقعة حفاظاً على سمعة الشركة، صحيح أن الشك يراودنى، إنما أفلحت إن صدقت!!

رابعاً: لم أكن أتخيل أن أجد دورة المياه الخاصة بصالة الوصول فى المطار الجديد بهذا المستوى السيئ من النظافة حتى إن حوض غسيل اليدين تحول من اللون الأبيض للأسود بقدرة قادر!!

خامساً: عاملة النظافة فى صالة الوصول تركت مهامها الأساسية، ووقفت وفى يدها أداة التنظيف «الممسحة» أمام سير الحقائب، ترقب الركاب بنظرة استجداء واستعطاف وتعرض خدماتها وتنتظر المقابل، وكأننا أمام مسجد «السيدة زينب» ولسنا فى مطار دولى، ولا أعلم كيف يترك المسئولون هذا المشهد أمام زوار مصر؟! ولك أن تتصور عزيزى القارئ ماذا يمكن أن تقدم تلك العاملة وغيرها من خدمات توصيل، مقابل عرض مالى كبير ومغرٍ!!

يا سادة.. إذا كان هذا يحدث فى أكبر وأهم مطارات مصر وأحدثها، وعلى متن شركتها الوطنية العريقة، فماذا يمكن أن يحدث فى الفنادق والمطاعم والمنشآت والمناطق السياحية؟!