«الشحرورة».. غنوة بدأت وانتهت فى نوفمبر

11:58 م | الخميس 19 نوفمبر 2015

المشهد الأول: تضرب بقدميها خشبة المسرح فى إيقاع متوازن، تطل على الجمهور بابتسامتها الساحرة وعينيها المليئتين بالحياة وصوتها يداعب جدران المسرح «جيب المجوز يا عبود، خلى الشحرورة الصبوحة تغنى ويهب البارود»، وهى تستعرض قوامها المنحوت من شجر الأرز فى دلال، المشهد الثانى: تحملها الأيادى داخل صندوق خشبى كبير يتمايل على نغمات موسيقى «الدبكة» اللبنانية ومن حولها آلاف يودعونها بدموع باكية ونغمات عالية بناء على وصيتها «بدى ياهن دايماً فرحانين، قوليلن يحطوا دبكة ويرقصوا بدى ياه يوم فرح مش يوم حزن»، وما بين المشهدين عاشت «صباح» 87 عاماً مشرقة محبة للحياة تواجهها بابتسامة وضحكة مرسومة فى أصعب الأوقات. «نوفمبر» هو شهر الحياة بالنسبة للفنانة الراحلة «صباح»، بدأت من خلاله فى عام 1927 بميلادها، وانتقلت من خلاله فى 2014 إلى حياة أخرى ستحتفظ فيها بشبابها الدائم الذى حاولت كثيراً أن تبقى عليه رغم العقود المتتالية، حبها للحياة كان السبب وراء زيجتها التى وصلت إلى 9 منهم نجيب شماس، والد ابنها صباح شماس، والموسيقار أنور منسى، والد ابنتها «هويدا»، بالإضافة إلى الفنان رشدى أباظة، والأمير خالد بن عبدالعزيز آل سعود الذى طلقها بضغط من العائلة الحاكمة، وكان آخرهم «فادى لبنان» الذى يعتبر أطول زيجاتها التى استمرت 17 عاماً، حتى بدأت تبتعد تدريجياً عن الأضواء لتنال منها الشائعات المتتالية حول وفاتها «عايزين يحرمونى من الدنيا الحلوة ديا، عايزين يبعدونى ومش صابرين عليا».

استطاعت الفتاة اللبنانية الصغيرة جانيت جرجس الفغالى أن تدخل إلى عالم الفن بسهولة شديدة، بعد أن لفتت نظر المنتجة آسيا داغر لتنتقل من لبنان إلى القاهرة وتصعد أولى خطواتها فى عالم الفن من خلال فيلم «القلب له واحد» عام 1945 وهى لم تتجاوز الـ18 عاماً، ونجحت فى تطويع صوتها الجبلى لتشارك فى مجموعة من أهم الأفلام أمام كبار المطربين والممثلين فى وقتها. قدمت خلال رحلة فنية تجاوزت الـ70 عاماً ما يقرب من 83 فيلماً سينمائياً و27 مسرحية، وما يتجاوز الثلاثة آلاف أغنية قدمتها فى مجموعة كبيرة من المهرجانات والحفلات الغنائية على مسارح عالمية، منها «أرناغرى» فى نيويورك و«دار الأوبرا» فى سيدنى، و«قصر الفنون» فى بلجيكا وقاعة ألبرت هول بلندن، وشاركت فى الكثير من المهرجانات. لم تكتف بذلك، حتى أصبحت ثانى فنانة عربية بعد أم كلثوم تقف على خشبة مسرح الأولمبيا فى باريس فى منتصف سبعينات القرن الماضى، مع فرقة روميو لحود الاستعراضية