تدفق اللاجئين يحول السويد لـ"ضحية" طموحاتها كي تكون "قوة إنسانية عظمى"

كتب: أ ف ب

تدفق اللاجئين يحول السويد لـ"ضحية" طموحاتها كي تكون "قوة إنسانية عظمى"

تدفق اللاجئين يحول السويد لـ"ضحية" طموحاتها كي تكون "قوة إنسانية عظمى"

أدركت السويد، أمام التدفق الكبير للاجئين الذي يفوق قدراتها، حدود سياسة الانفتاح التي تريد "القوة الإنسانية الكبرى" انتهاجها، وباتت مجبرة اليوم على خفض سقف طموحاتها.

وقال رئيس الوزراء السويدي ستفيان لوفن: "الوضع لم يعد قابلا للاستمرار، والسويد لم تعد قادرة على استقبال اللاجئين كما فعلت حتى الآن"، وكان لوفن استبعد في الربيع، فكرة تحديد "سقف" للهجرة.

وتتوقع المملكة الاسكندينافية، التي يشكل من هم من أصل أجنبي خمس سكانها، استقبال 360 ألف مهاجر إضافي في 2015 و2016، أي ما يعادل 3 ملايين شخص، مقارنة مع عدد السكان في ألمانيا، و2.2 مليون في فرنسا.

وأكد وزير الهجرة مورجان جوهانسون، الذي كلف بتشديد الخطاب الحكومي الموجه إلى المرشحين للهجرة: "نحن لم نعد قادرين على تأمين مسكن لكل لاجئ، إذا كان لديكم سقف يأويكم في ألمانيا، فالأفضل أن تبقوا هناك بالتأكيد".

وفي ما بدا دعما لهذه التصريحات، أعلنت وكالة الهجرات، أنها طلبت من 50 مهاجرا الليلة، النوم في ممرات إدارتها العامة، ولمواجهة هذه الحالة الطارئة بدون أن يؤثر ذلك على المالية العامة، تقترح وزارة المالية استخدام أموال من مساعدات التنمية، أي حتى 60% من الأموال المخصصة لذلك في ميزانية 2016.

وبدون أن تذكر أرقاما، تريد ستوكهولم تحمل جزءا من حصة المجر المحددة بـ54 ألف مهاجر، في إطار الاتفاق الأوروبي لإعادة إسكانهم الذي ترفضه بودابست.

وقال رئيس الحكومة السويدي: "على دول الاتحاد الأوروبي التي لم تستقبل سوى عدد قليل من المهاجرين، التكفل بالذين لا تريدهم البلدان الأخرى بما فيها السويد"، فيما تأمل ستوكهولم في مساعدة مالية استثنائية من المفوضية الأوروبية.

وكانت السويد لجأت إلى قبول المهاجرين في خمسينيات القرن الماضي، بعد هجرة أكثر من مليون من مزارعيها وعمالها الفقراء إلى أمريكا الشمالية، بين 1840 و1930.

وفي 2014، وصف رئيس الحكومة المحافظ فريدريك رينفيلت، السويد، بأنها "قوة إنسانية عظمى"، لكن بعد عام واحد على ذلك، يطالب حزبه الذي أصبح في المعارضة بتشديد القوانين للحد من تدفق اللاجئين، فالاقتطاعات التي طبقت منذ 25 عاما في دولة الرفاهية، التي حولت "النموذج السويدي" إلى مثال للنمو والتقدم الاجتماعي، تؤثر على الموارد، ولم يعد الاقتصاد السويدي وهو الـ17 في العالم بالنسبة لعدد السكان "أرقام البنك الدولي في 2014"، يملك وسائل تحقيق طموحاته.

فآخر طالبي اللجوء الذين وصلوا، ينامون على أسمنت مستودعات لم تعد تستخدم أو سجون سابقة، ووصلت المستشفيات والمدارس والخدمات الاجتماعية إلى طاقتها القصوى، أما المهاجرون منذ فترة طويلة، الذين يعانون من بطالة كبيرة، يرون أحياءهم الفقيرة تكتظ بمزيد من السكان.

وقال أليكس نجابو الناشط في قطاع المساعدات في تينستا، الحي الفقير الواقع في شمال ستوكهولم، الذي يشكل المهاجرون 78% من سكانه، إن العمل الخيري جيد لكن الضواحي التي يصل إليها المهاجرين خارج نظامنا أصلا".

وأجرى رئيس الوزراء الشهر الماضي، مفاوضات مع اليمين حول تشديد شروط الاستقبال، يتوقع ألا تطبق قبل نهاية العام المقبل، ظاهريا، هذه الإجراءات التي تنص خصوصا على تشديد شروط لم الشمل العائلي، محض تقنية.

وحاليا لم تؤد إلى النتيجة المرجوة، وكمثال على ذلك قدم الأربعاء الماضي أكثر من 1700 طلب لجوء، وعدد مماثل الخميس الماضي، أي أرقام قريبة من الأعداد القياسية التي سجلت في أكتوبر، لكن الأمر قد يتعلق بالنسبة لحكومة الأقلية اليسارية، بإعطاء بعض الدفع للمعارضة البرلمانية التقليدية، في مواجهة حزب ديمقراطيي السويد "يمين متطرف"، الذي تكشف استطلاعات الرأي انه يستفيد من قضية الهجرة.

ولا ينسى الاشتراكيون الديمقراطيون أيضا، أن هذا الحزب الشعبوي يسعى إلى استمالة جزء من ناخبيهم التقليديين، أي الفئات الأكثر تواضعا، والمعرضة لأكبر خطر من هذا التدفق غير المسبوق منذ تفكك بوجوسلافيا السابقة في تسعينيات القرن الماضي.

ويذكر ستيفان جونسون من معهد الأبحاث حول الهجرات في جامعة كينكوبينج، "منذ أزمة التسعينيات، ساهم الاشتراكيون الديمقراطيين في تفكيك دولة الرفاهية، عندما كانوا في السلطة، وأخفقوا في الدفاع عنها عندما كانوا في المعارضة".


مواضيع متعلقة