تحلية المياه: من التبخير أيام أرسطو إلى تقنية النانو فى القرن الواحد والعشرين

كتب: نادية الدكرورى

تحلية المياه: من التبخير أيام أرسطو إلى تقنية النانو فى القرن الواحد والعشرين

تحلية المياه: من التبخير أيام أرسطو إلى تقنية النانو فى القرن الواحد والعشرين

يرجع تاريخ تحلية المياه إلى عصر ما قبل الميلاد، حين وصف أرسطو طريقة لتبخير المياه الغيرنقية ثم تكثيفها للحصول على مياه صالحة للشرب. وبحلول العام ٢٠٠ ميلادياً كان البحارة اليونانيون يقومون بغلى مياه البحر فى مراجل نحاسية على أسطح السفن، ثم يعلقون قطع كبيرة من الإسفنج على فوهاتها لتمتص ما يتصاعد من بخار ماء. ويتم بعد ذلك تجميع المياه النقية عند طريق اعتصار وتصفية قطع الأسفنج المبللة.

وتنطوى هذه الطريقة على الفكرة الرئيسية المستخدمة حالياً فى أكثر طرق تحلية المياه شيوعاً وهى طريقة التقطير. حيث يوقد على ماء البحر حتى يغلى ويتبخر ثم يتم تكثيفه على أسطح باردة ثم تُعالج المياه العذبة وتُجمع فى خزانات ضخمة.

{long_qoute_1}

وتستهلك عملية تسخين المياه كمية كبيرة من الطاقة، يستخدم فيها الوقود الأحفورى (البترول ومشتقاته) والكهرباء أو المفاعلات النووية أحياناً. وتلك الطريقة هى الطريقة المفضلة لدى الدول التى يتوافر فيها الوقود الأحفورى بتكاليف زهيدة (مثل دول الخليج). أما الطريقة الأخرى الناشئة حديثاً فهى طريقه التحلية باستخدام الأغشية المنفذة وتسمى أحياناً بطريقة النضح العكسى. وهى طريقة أقل كلفة من طريقة التقطير حيث إنها لا تتضمن تسخين الماء مطلقاً وإنما يدفع بالماء المالح تحت ضغط عال خلال أغشية (فلاتر) غير منفذة للأملاح، لينضح الماء النقى منها مخلفاً ركاماً من الأملاح، التى يمكن إعادة تدويرها لأغراض تجارية أو صناعية.

وتستخدم تقنيات النانو حالياً فى تطوير هذه الأغشية لزيادة كفاءتها وإطالة عمر تشغيلها. وتستخدم هذه الطريقة على نطاق واسع فى الدول المتقدمة التى تتجنب التوسع فى طريقة التقطير بسبب ارتفاع تكلفة الوقود الأحفورى والأضرار البيئية الناتجة عنه. أما الطريقة الأقل شيوعاً فهى طريقة التحلية بالتجميد. ويتم فيها تجميد مياه البحر عند درجات حرارة مقاربة للصفر ثم فصل الثلج ميكانيكياً عن المحلول المالح وإعادة صهره للحصول على المياه العذبة. إلا أن هذه الطريقة ما زالت شديدة التعقيد وعالية الكلفة ولم يتم اعتمادها على نطاق تجارى حتى الآن. تبلغ تكلفة إنشاء محطة التحلية التى توفر سنوياً نحو عُشر (واحد من عشرة) مليار متر مكعب من المياه العذبة، ما يقارب ٥٠٠ مليون دولار. وتبلغ تكلفة تحلية المتر المكعب (١٠٠٠ لتر) نحو نصف دولار أمريكى فى المتوسط، إن استخدمت طريقة الأغشية (النضح العكسى)، أما إذا استخدمت طريقة التقطير ذات الاستهلاك الكثيف للطاقة، فإن هذا التقدير يتضاعف ليصل إلى دولار أو يزيد. لذا فمن الواضح أن طريقة النضح العكسى هى الطريقة التى سيعمل العلماء على تطويرها فى المستقبل المنظور.

تبلغ احتياجات مصر من المياه العذبة نحو ٦٦ مليار متر مكعب سنوياً، يُستهلك ٦٠ مليار متر مكعب منها فى الزراعة و٦ مليارات متر مكعب فى الشرب والاستخدامات المنزلية. ويوفر نهر النيل نحو ٥٥ مليار متر مكعب، يضاف إليها نحو ٦ مليارات متر مكعب من المياه الجوفية. وبهذا نجد أن هناك عجزاً لا يقل عن ٥ مليارات متر مكعب سنوياً. ويا للعجب، فها هى مصر هبة النيل باتت على مشارف فقر مائى يهدد استقرارها وأمنها القومى.

 


مواضيع متعلقة