أحمد عاطف فرغلى

عامل مصرى، يعمل ضمن آلاف العمال المصريين، فى الكويت، انتهت رحلة شقائه -كما وصفه أحد أصدقائه- يوم السبت الماضى فى مشاجرة نشبت بين عدد من المصريين وعدد من الكويتيين، قام على أثرها أحد «الكوايتة» بدهس المصريين المتعاركين، فمات «أحمد» وأصيب ثلاثة آخرون من أصدقائه. «الخناق» مسألة عادية، وما أكثر ما تشهد شوارعنا من «خناقات»، يمكن أن تخلف قتلى ومصابين، لكن أن يموت مصرى فى بلاد الغربة دهساً تحت عجلات سيارة، فذلك أمر مؤلم أشد الإيلام، ويضاعف من الألم ألا تتحرك السلطات المصرية بالصورة المطلوبة لأخذ حق القتيل من قاتله. وزيرة الهجرة وشئون المصريين بالخارج أكدت أنها تتابع القضية مع نظيرتها الكويتية، وكذا السفير الكويتى بالقاهرة. وهو أمر محمود، لكن مطلوب من الوزيرة أن تحدد لنا الإجراءات العملية فى هذا الاتجاه، خصوصاً أن ثمة حساسية لدى المصريين بصفة عامة من أسلوب تعامل الحكومة مع مثل هذه الأحداث.

وفى تقديرى أن هذه الحساسية مبررة، وهى ترتبط فى الأساس بأسلوب تعامل بعض «الخلايجة» عموماً، وبعض «الكوايتة» خصوصاً، مع المصريين المغتربين فى بلادهم. يكفى أن نشير فى هذا السياق إلى ما نشرته صحيفة «الرأى الكويتية» -عقب يوم واحد من الحادثة- من أن وزير الداخلية الكويتى أصدر تعليمات بإبعاد كل من حرض أو شارك من الوافدين بشكل مباشر أو غير مباشر على المشاجرة، التى ذهب ضحيتها «فرغلى». تم «تفنيش» المصريين الذين حرّضوا أو شاركوا بشكل مباشر أو غير مباشر على «الخناقة»، ولعلك تعلم تأثير كلمة «تفنيش» على سمع المغترب الذى يعمل فى إحدى دول الخليج، إنها -للأسف الشديد- بالنسبة للبعض كارثة الكوارث!. ومن الملفت أن الخبر لم يتضمن إجراءات واضحة اتخذتها الداخلية الكويتية للقبض على الجناة، تماماً مثلما خلا كلام وزيرة الهجرة لدينا من أى إشارة إلى إجراءات عملية لحماية حقوق العامل المصرى القتيل، وزملائه ممن أصيبوا تحت عجلات سيارة المواطن الكويتى.

جوهر حساسية البعض من مثل هذه الحوادث يرتبط بإحساس لدى المواطن المصرى بأن المواطنين، وأحياناً السلطات داخل دول الخليج تتعامل مع المصريين العاملين هناك بقدر كبير من التعالى، ويتوازى مع ذلك نوع من الاستخفاف من جانب السلطات المصرية فى حماية حقوقهم، فالخليجى «مكروم» فى بلاده، ومغفور له إذا أخطأ فى مصر، فى حين أن المصرى «مهدور» فى بلده، وأكثر إهداراً فى بلاد الغربة. لعلك تقرأ أو تسمع من حين إلى آخر خبراً عن القبض على أحد الخلايجة بتهمة الدخول أو الخروج من مصر بأشياء غير قانونية، تسمع أو تقرأ ودمتم. ومؤكد أنك سمعت عن المحامى أحمد الجيزاوى المتهم بدخول المملكة العربية السعودية بأقراص مخدرة، والحكم الذى صدر عليه بالحبس والجلد، وهو فى المملكة الآن يقضى العقوبة. ليس معنى ذلك أننا نقول بأن يتم استثناء أى مواطن مصرى إذا أخطأ أو تجاوز، لكننا نريد أن يتم القصاص له وأن تساعده السلطات المصرية على أن يأخذ حقه، إذا جار أحد عليه، وأن نعاقب من يتجاوز من الخلايجة فى مصر، ولا يتم «التفويت» لهم.. فى كل الأحوال المهدور داخل بلده.. مهدور من طوب الأرض خارجها.. لنا الله.