فصول السوريين الدراسية تخفف آلام اللاجئين في مصر

كتب:  (أب)-

فصول السوريين الدراسية تخفف آلام اللاجئين في مصر

فصول السوريين الدراسية تخفف آلام اللاجئين في مصر

في مبنى غير مكتمل على مشارف القاهرة تدوي في أرجائه قعقعة عملية البناء، يدرس معلم سوري لصغار اللاجئين درسا في الشعر باللهجة المحلية لبلاده التي مزقتها الحرب، على أمل غرس المعرفة والإحساس بالانتماء بعيدا عن أرض الوطن.

محمد باسل (19 عاما) والذي فقد عامين من الدراسة جراء الحرب ويكافح من أجل التعلم في المدارس المصرية، يقول: "عندما يتولى مدرس سوري أمرك، فإنه يتفهم الوضع والظروف".

ويضيف باسل: "لقد انقطعنا عن التعليم لفترة، لذا يحتاج المعلم إلى معرفة من أين يبدأ معنا.. لدينا شيء مفقود ونحتاج إلى أن يملأ المعلم هذا الفراغ".

وشكل اللاجئون السوريون، الذي يقولون إنهم يشعرون غالبا بأنهم غير مرحب بهم في مصر، جالية في مدينة السادس من أكتوبر، بضواحي القاهرة.

وانتقلوا إلى أحياء ذات أغلبية سورية وبدأوا أنشطة تجارية، معظمهم حاليا، وكثير من يلحقون أطفالهم في فصول للاجئين.

ووفقا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، يوجد 128 ألف لاجئ سوري مسجل في مصر، ولكن يعتقد بأن الرقم الفعلي أعلى من ذلك كثيرا.

ولا توجد معسكرات لاجئين في مصر، ولذلك فإن الأغلبية الشاسعة منهم تعيش في المناطق السكنية المكدسة بجانب المصريين.

 

وتعاني المدارس العامة في مصر تكدسا وفوضى، فضلا عن أن المصريين يتحدثون لهجة مختلفة بالعربية لا يفهما بعض السوريين.

يذكر أن مركز بناة الحضارة التعليمي، الذي يدرس به باسل، هو واحد من بين مراكز عديدة في مدينة 6 أكتوبر، التي أقيمت لتقديم بيئة تعليمية أفضل لللاجئين.

ويقول طارق حركي، الذي يدرس مناهج المرحلة الثانوية بالمركز: "التعليم هو أهم شيء بالنسبة للسوري الذي غادر بلاده، ولذلك فإن فتح مدرسة لهم سيمنحهم المعرفة، التي يمكننا إعادة بنائها عندما نعود مرة أخرى إلى بلادنا".

ويضم المركز، الذي افتتح هذا العام، عددا قليلا من الطلاب العراقيين والليبيين والمصريين، كما يوظف اثنين من المدرسين المصريين.

أصوات الحفر والدق بمختلف أرجاء المبنى تدوي في الفصول الدراسية، حيث يسير العمال وسط القاعات ذات الجداريات الملونة الزاهية.

ويرأس المركز حسام جوبي، الذي كان يعمل مدرسا في مدينة حلب السورية لأكثر من ثلاثين عاما قبل أن يضطر إلى الفرار من بلاده.

ويقول جوبي إن المركز، الذي يديره زملاء لاجئون، قادر على تقديم "الدعم النفسي والاجتماعي" لنحو 500 طالب يحضرون الفصول التعليمية، مضيفا: "قد لا يستطيع المعلمون المصريون القيام بذلك".

ولا يسمح بالمناقشات السياسية في المركز، ويقول جوبي إن الطلاب تضرروا بالفعل مما شاهدوه من دمار وخراب.. ولذلك نحاول أن ننسيهم هذه المعاناة، عبر الرياضة وغيرها من الأنشطة مثل الفنون والغناء والتمثيل والرسم.

ويدرس المركز المناهج المصرية، بجانب أنه اتفق مع مدرسة مصرية خاصة، لكي يؤدي الطلاب اختبارات الفصول الدراسية بها، على أن تقدم هذه المدرسة النتائج النهاية للطلاب.

يشار إلى أنه مسموح للسوريين تسجيل أبنائهم في المدارس العامة المصرية منذ عام 2012، حيث تم إدراج نحو 35 ألف طالبا، كما التحق نحو 6 آلاف آخرون "بفرص تعليم غير نظامية" مثل المركز.

"محمد شوقي" هو مسؤول تعليمي بمفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، يقول إن المراكز الخاصة "مهمة لبعض الأطفال"، لكن التمويل أقل استدامة مقارنة بالمدارس العامة.

ويضيف شوقي: "المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تدافع عن مزيد من الاندماج في نظام التعليم العام، ومزيد من تحمل الحكومة لمسؤولية هؤلاء اللاجئين، بالنسبة للقضايا المستدامة".

تقول أم سورية لديها 3 أطفال ملتحقين بالمبنى إن المصريين عرضوا في البداية مساعدتها عندما فرت الأسرة من دمشق قبل 4 أعوام بعدما حاصرت القوات الحكومية أحيائهم وقصفتها جويا.

ولكن مع مرور الوقت، بدأوا يتعرضون لمضايقات، واستهدفهم مجرمون مستغلين ضعفهم، فقد سرقت بعيد وصولها إلى القاهرة، وأشارت إلى أن سائق مركبة ذات ثلاث عجلات (توك توك) حاول اختطافها بينما كانت تستقله مع ابنتها الصغرى.

وتحدثت الأم شريطة التكتم على هويتها وهوية أسرتها، خوفا على أقاربها الذين ما زالوا داخل سوريا.

كان ابنها (11 عاما) يتعرض لمضايقات دخل مدرسة مصرية عامة، ومؤخرا تعرض لجرح في أذنه جراء شجار مع فتى مصري.

وفي هذا السياق، تقول الأم السورية: "لقد عانى مضايقات كثيرة.. في المدرسة، يقولون لابني (أيها السوريون أنتم تأخذون أرزاقنا).. يقول المصريون هذا ونحن نفتح أنشطة تجارية ونخلق وظائف".

وألحقت الأم ابنها وابنتيها بالمركز بعدما طلب منها الانتقال إلى مدرسة جديدة.

وانتقلت الأسرة مؤخرا إلى شارع تقطنه أغلبية سورية، حيث يستقل الأطفال الدراجات في الشوارع الضيقة، وداخل المنزل، يوضع أثاث قابل للطي في حجرة المعيشة، كما يوجد ملصق عليها جداول الضرب.

وتضيف "تعرفون مواطنيكم.. المصريون عقلية، ونحن عقلية أخرى".


مواضيع متعلقة