بالصور| متابعات خبرية وقصص إنسانية.. زلزال 92 يسيطر على "الأخبار" و"الأهرام" 10 أيام

كتب: دينا عبدالخالق وسلوى الزغبي

بالصور| متابعات خبرية وقصص إنسانية.. زلزال 92 يسيطر على "الأخبار" و"الأهرام" 10 أيام

بالصور| متابعات خبرية وقصص إنسانية.. زلزال 92 يسيطر على "الأخبار" و"الأهرام" 10 أيام

زجاج مهشم، وجدران متهتكة، وأثاث مدمر، وأسقف مهدمة لمنازل وعقارات، هوت لتدمر أشخاصًا وذكرياتهم مع ذويهم وأصدقائهم فقدوهم أسفل تلك الأنقاض، وآخرون تغطي أجسادهم الإصابات، إثر حدث ليس عاديا، ولكنه كان واحدا من أعنف الكوارث الطبيعية التي عصفت بالبلاد، لتظل ذكراه عالقة في أذهان الجميع ممن شهدوه.. إنه زلزال 12 أكتوبر 1992، الذي لم يبقى منه شيء سوى أشخاص يروون ما مروا به ذلك الوقت، وصور وحكايات ورصد للصحف المصرية التي عايشت تلك الأحداث ووثقتها بكل السبل، جابت بينهم "الوطن" لتنقل ما شهدته البلاد في ذلك الحين.

"زلزال مدمر يهز مصر 60 ثانية، ومبارك يقطع زيارته للصين فور علمه بالنبأ".. كانت تلك الكلمات هي "مانشيت" صحيفة "الأهرام" في اليوم التالي للزلزال، حيث اهتمت بالمتابعات الخبرية في رصد الخسائر التي وقعت في البلاد حيث سقط في ذلك اليوم 368 قتيلا و3500 مصاب وانهيار 182 منزلًا، وتخصيص 1100 شقة لإيواء المتضررين، وإعانات مالية للضحايا تبلغ 500 جنيه لأسر المتوفي و200 للمصابين، وتشكيل لجنة لمتابعة الموقف برئاسة عاطف صدقي رئيس الوزراء حينذاك، بالإضافة لغرفة عمليات وزارة الداخلية، التي عقدت اجتماعا سريعا لإعلان حالة الطوارئ في البلاد، ووقف الدراسة لـ3 أيام.

ووصفت الصحيفة الحدث بأعنف زلزال في تاريخ مصر الحديث، الذي جعل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، يقطع زيارته للصين فور علمه بالنبأ وعودته إلى القاهرة لمتابعة الأحداث بـ"سلامة الله" على حد ذكر الجريدة، كما عايشت "لحظات الهلع" مع الناجين من الزلزال، حيث هرول الكثيرون بالخروج من منازلهم وقت الحادث ما جعل عددًا منهم يظهرون بملابسهم الداخلية، وتوزيع بعض أصحاب محال الملابس على النساء، وتدافع المواطنون في المطار للخروج من صالة السفر بمطار القاهرة، كما ثار الرعب بين المسافرين في محطة القطار إثر فرقعة جالون وحديد محطة القطارات.

واهتمت "الأهرام" بالإشارة لـ"عمارة الموت" الاسم الذي أطلقته على العقار المنهار بشارع الحجاز والمحاور لمستشفى هيليوبوليس ذو الـ14 طابقًا، ولم ينجُ منه سوى 5 من سكان العقار الأخير، لافتة إلى أن السد العالي لم يتأثر ولم ينقطع التيار الكهربي وإرسال المحطات التليفزيونية، كما سارعت عدد من الدول لمنح مصر أموالًا لمواجهة الأزمة بينما أرسلت سويسرا وفرنسا وبريطانيا وأمريكا معدات وخبراء لمساعدة البلاد في ذلك، كما رصدت حدوث هزة أرضية خفيفة في الساعة الـ11:35 دقيقة ليلًا في 13 أكتوبر.

ركزت الصحيفة اهتمامها طوال الفترة اللاحقة للزلزال بتحركات الرئيس مبارك الذي عقد اجتماعًا لمجلس الوزراء لاتخاذ قرارت فورية لمعالجة الزلزال منها، تخصيص 550 جنيها للأسر التي فقدت أقارب لها أو تعرضت منازلها للانهيار وتسكينها في المباني الجديدة، و50 مليون لترميم 500 مبنى تعليمي واستيعاب طلابها في المدارس المجاورة، وإنشاء مركز علمي متخصص مجهز بأعلى السبل التكنولوجية للقياس الدقيق للزلازل، وإعادة دراسة مواصفات جميع المباني الحكومية والسكنية، وتخصيص 500 مليون جنيه من الموازنة العامة لمعالجة آثار الزلزال، فضلا عن توفير الإمكانيات والأموال لترميم الآثار الإسلامية والمسيحية المتضررة بـ100 مليون جنيه، كما تفقد عددا من المناطق المتضررة.

أبرزت "الأهرام" في يوم 15 أكتوبر 1992، صورًا لمبارك وقرينته أثناء زيارتهما لمصابي الزلزال بشبرا الخيمة وقليوب، وطلب مبارك صرف رواتب كاملة لجميع الموظفين المصابين، وقرر مد الإجازة بالمدارس حتى 24 أكتوبر ونقلهم لفترة مسائية في المدارس المجاورة حيث صدعت 383 مدرسة، وركزت الصحيفة على الضحايا في ذلك اليوم فكتبت "الهزة النفسية الأكثر تأثيرًا"، مشيرة لقيام قاض بمحكمة مصر القديمة بالقفز من نافذة المحكمة خوفا من الزلزال.

وفي اليوم التالي، نشرت "الأهرام" بدء صرف مجلس الوزراء التعويضات، وتخصيص 56 ألفًا و500 شقة لتسكين من تهدمت منازلهم، والبدء في ترميم المباني والمدارس والآثار المتضررة، لافتة إلى خروج "أكثم سيد إسماعيل" من تحت أنقاض عقار هليوبوليس بعد مرور 80 ساعة على احتجازه بها مصابًا بكسور في قدميه، مطلقة اسم "الاثنين الأسود" على يوم الزلزال.

وفي 18 أكتوبر، أعلن مبارك تخصيص أكثر من مليار جنيه تكاليف إزالة آثار الزلزال وأن المعونات لا تكفي لتغطية الخسائر، مؤكدًا الاستمرار في الإصلاح الاقتصادي، وتجهيز 150 ألف شقة للتسكين في القاهرة والجيزة، وتحديث وتطوير مرصد حلوان بالتعاون مع أمريكا واليابان، مضيفًا أن الزلازل تحدث في العديد من الدول وأن "التسيب" ليس سبب الخسائر، موضحًا أن الزلزال درس يجب أن يتعلمه المواطنون والمسؤولون، مشيرًا إلى البدء في التحقيق في سقوط المباني لمعرفة الأسباب وتحديد المسؤولين.

ما بين المتابعة الخبرية ومعايشة اللحظات الإنسانية، والاهتمام بكل ما يدور في عقل المتضررين بدءا من معاينة منازلهم الجديدة حتى الجواب على أسئلتهم عن مصير حساباتهم بالبنوك المنهارة، كانت تغطية صحيفة "الأخبار" التي استمرت لنحو أكثر من أسبوع منذ وقوع الزلزال ومتابعة آثاره.

"أعاد الزلزال النظر إلى الأسطى أحمد"، قصة تسير على النسق الإنساني الذي اتبعته "الأخبار" في تغطية الحدث، بارزة مفارقة أن مصائب قوم عند قوم فوائد، فالاصطدام الذي تعرض له "الأسطى أحمد" كان سببا في إعادة نظره إليه، والسبب في أن تسعد الطفلة عبير بوجود "بلكونة" لأول مرة في شقتهم عقب تسلم أسرتها شقة في المساكن الجديدة التي انتقل إليها المتضررون من الزلزال، ضمن الـ1700 أسرة من الفجالة والدرب الأحمر وباب الشعرية والظاهر وبولاق الذين تسلموا مساكنهم بمدينتي السلام والنهضة، وشعور الشيخ محمد بالحياة للمرة الثانية فكانت الأولى لحظة الزلزال والثانية وقت استلام السكن الجديد، ورصدت قصة "أكثم" الرجل الذي صمد لمدة 82 ساعة تحت الأنقاض فيما توفيت ابنته وزوجته وأمه، وقالت الجريدة في عنوان رئيسي: "معجزة إلهية.. في عمارة الموت: خرج أحد السكان حيا بعد 82 ساعة تحت الأنقاض".. "جندي شرطة سمعه يقول: الحقوتي فاعتقد أنه عفريت"، والناحية الإنسانية الأخرى التي فقدت الرحمن منها، رصدت الصحيفة حال أسرة حصلت على شقة وطردهم الابن منها ليتزوج فيها.

ومن الناحية الخبرية، حاولت الصحيفة الرد على كل ما يجول بخاطر المتضررين، وجاءت بتصريح يفيد بوجود نسخة من حسابات العملاء تحتفظ بها البنوك في مكان آخر، وكشفت عوارات التصميم حينها برصدها في تحقيق الزلزال بأن المدارس الجديدة هى التي انهارت بينما صمدت المدارس القديمة.

وعن تصريحات المسؤولين، غطت الصحيفة المؤتمر الصحفي العالمي الذي أقامه الرئيس حسني مبارك حينها، وقال فيه إن الوفيات أكثر من 500 ونأمل شفاء كل المصابين، وأشار إلى تطوير مركز الزلازل وفقا لأحدث تكنولوجيا يابانية وأمريكية، لافتا إلى أن زلزال الصين راح ضحيته 300 ألف مواطن وكان الله رحيما معنا، وأنهم مستمرون في خطة الإصلاح الاقتصادي ولن يتأخر البرنامج، وأضاف أن خسائر الزلزال أكثر من مليار جنيه، والحكومة أعطت كل جهدها لمواجهة آثار الكارثة والمعونات لن تغطي خسائرنا، وعبر عن حزنه لاستغلال البعض للأزمة والادعاء بأن انهيار المنازل جاء بسبب التسيب.

وصرح رئيس الوزراء عاطف صدقي، حينها، بأن الحكومة تبذل أقصى الجهد لمواجهة آثار الزلزال ونداء للمصريين العاملين بالخارح للتبرع حسب قدراتهم، معلنا عن جدول زمني لنقل المواطنين إلى مساكنهم، بالإضافة لورود 1500 بلاغ في عابدين معظمها منازل تحتاج لمجرد ترميم.

وكان دور العلماء، حيث قال علماء الجيولوجيا والجغرافيا الطبيعية بالجامعات إنه لا زلازل من السد العالي والبحيرة الصناعية وجبل المقطم، بالإضافة إلى استبعاد الدلتا كمصدر للهزات الأرضية، وأشاروا إلى ضرورة الاستعانة بالجيولوجيين عند إقامة المنشآت والمساكن، خاصة بعد تصدع 116 أثرا إسلاميا من بينها 40 أثرا في حالة خطيرة.

كما نشرت "الأخبار" المواصفات الجديدة للمباني لمواجهة مصر للزلازل، وتخصيص شرطة للمباني لمراقبة المخالفات، وإقامة القوات المسلحة خياما تستوعب 1600 أسرة، وأن الشقق لمن انهارت مساكنهم وتصدعت تصدعا خطيرا، وترصد الحكومة لـ"المندسين" والعمل على إخراجهم من الشقق التي حصلوا عليها دون وجه حق، بالإضافة إلى توفير معاشات استثنائية لأسر المتوفين، ومتابعة الرئيس لصرف التعويضات وإسكان المنكوبين، إلى جانب إفراد تقارير يومية عن حالة المدارس في جميع المحافظات.

وأبرزت الجريدة زيارة نجوم الفن حينها للأطفال الذين أصيبوا في الزلزال ومحاولة مواساة المتضررين.


مواضيع متعلقة