الرشاوى الانتخابية.. انتهى موسم "الزيت والسكر" وبدأ كرنفال "الطماطم"

كتب: محمد شنح

الرشاوى الانتخابية.. انتهى موسم "الزيت والسكر" وبدأ كرنفال "الطماطم"

الرشاوى الانتخابية.. انتهى موسم "الزيت والسكر" وبدأ كرنفال "الطماطم"

ضجيج متواصل في مصر على مدار 5 أعوام، شهدت فيها البلاد 7 استحقاقات انتخابية، ما بين استفتاء على دستور وانتخابات رئاسية وبرلمانية، لا تكاد فيها الجدران تتنفس من لافتات استحقاق حتى تزدحم بأخرى، والمؤتمرات الدعائية مستمرة، وتهليل "الهتيفة" في المؤتمرات بوعود المرشحين لا يتوقف.

حرب الشائعات وتكسير العظام تشتعل أكثر وأكثر، ووسط كل ذلك يقف النائب حائرًا بين خيارات متعددة، يحسمها تحيزه لتيار سياسي تارة، ووعيه وإدراكه بالمشهد من حوله تارة أخرى، ولكن ثلوث "الجهل والفقر والمرض" يحسمها في أحيان كثيرة، خاصة عندما يلعب المرشح بورقة المال السياسي، ويصبح الصوت الانتخابي سلعة رخيصة تباع لمن يدفع أكثر.

ورغم أن قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم "‏73"‏ لسنة 1956، و‏المعدل بالقانون رقم ‏124‏ لسنة ‏2011‏، يعاقب في مادته رقم "48"، مرتكب جريمة "الرشوة الانتخابية" بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه‏، كما منح لرئيس اللجنة العليا للانتخابات الحق في إبطال الأصوات الانتخابية الناتجة عن ارتكاب الجريمة، ومعاقبة المرشح المستفيد من الجرائم الواردة بنفس عقوبة الفاعل الأصلي إذا تبين علمه وموافقته على ارتكابها، فضلًا عن حرمانه من الترشح للانتخابات النيابية لمدة خمس سنوات.

تلك المادة من القانون لم تطبق منذ تفعيله وحتى الآن، فجريمة "الرشوة" مستمرة، وتحولت إلى عادة انتخابية عند بعض المرشحين من أصحاب المال والنفوذ، وتوثقها اللجان والهيئات المسؤولة عن الرقابة على الانتخابات داخل وخارج مصر في كل موسم انتخابي.{long_qoute_1}

جريمة الرشوة، التي وثقتها التقارير الرقابية والحقوقية في انتخابات نظام ما قبل 25 يناير 2011، والتي استشرت فيها "البطاقة الدوارة" وتسعير أصوات الناخبين، استمرت في انتخابات ما بعد الثورة في عهد "الإخوان"، وكانت الرشوة الانتخابية سلع تموينية، وكان "الإخوان" وذراعهم السياسية "الحرية والعدالة" يستغلون فقر العامة، ويشترون أصواتهم بـ"الزيت والسكر".

لكن السباق الحالي تغول فيه أصحاب المال، وتنوعت الرشوة وأساليبها، وهو ما يراه مجدي عبدالحميد رئيس الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، عادة متكررة الحدوث في جميع الانتخابات التي مرت على مصر في تاريخها الحديث، سواء في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، أو حتى في العهود السابقة والتالية له، فـ"الرشاوى الانتخابية لم تنقطع عن مصر منذ معرفتها بالانتخابات"، بحسب قوله.{long_qoute_2}

حزب النور، كان أول الأحزاب التي سلكت طريقها نحو الدعاية في الانتخابات الحالية بتقنين "الرشوة الانتخابية" تحت مسمى "الخدمات المجانية"، حتى قبل الإعلان رسميًا عن أسماء المرشحين على المقاعد الفردية و"القائمة"، ونشر إعلانًا في بداية سبتمبر الماضي عن توفير دواء "السوفالدي" المعالج لمرضى فيروس "سي" في العديد من الدوائر الانتخابية بالإسكندرية.

لم يتوقف الأمر عند ذلك، ووزعت أمانة الحزب في "فرشوط" بقنا، "الزيت والسكر والشاي والمنظفات والمياه المعدنية" على المواطنين من أهالي الدائرة، أما قائمة "في حب مصر"، ارتبط اسمها بـ"الطماطم"، واستغلت موجة ارتفاع أسعار الخضروات، ووزعت قافلتها في أسيوط كميات من الخضراوات والسلع الغذائية بالمجان على أهالي المنطقة، وفي موسم عيد الأضحى، وزع عدد من الأحزاب السياسية، أبرزها "المصريين الأحرار" والمرشحين في القوائم والفردي، اللحوم في العديد من الدوائر بالمحافظات.

وفي إطار ما أسموه بـ"التبرعات"، وزع أحد المرشحين بدائرة "الوايلي" في نهاية سبتمبر، لعب الأطفال على أهالي المنطقة والعاملين بالسوق، في حين نظم مرشح آخر بدائرة 15 مايو، دورة كرة قدم، ووزع "تيشرتات" على المشاركين فيها، وفي دائرة "المعادي وطرة"، تبرع مرشح لبناء مسجد بمنطقة زهراء المعادي.{long_qoute_3}

ومع بداية العام الدراسي الجديد، استغل أحد مرشحي الفردي بدائرة كرموز في الإسكندرية، بدء الدراسة ووزع أدوات مدرسية على الطلاب، وعليها ملصقات دعائية تحمل صورته، كما عمل المرشح ذاته إعلانات لتوظيف أبناء الدائرة، وفي دائرة المنتزه أول، استأجر مرشح "لودر" لإزالة القمامة من شوارع الدائرة.

يرجع "عبدالحميد"، السبب في تفشي "الرشوة الانتخابية"، لعدم وجود جهاز مسؤول عن رصد التجاوزات الانتخابية، قائلًا إن اللجنة العليا للانتخابات تتكون في عضويتها من 7 قضاة ورئيس لجنة فرعية في كل محافظة، وليس هناك موظفين ولا أجهزة قادرة على رصد مثل هذه التجاوزات، متابعًا: "اللجنة تعتمد على شكاوى المواطنين، وهو أمر نادر الحدوث، والمواطن لا يرى جدوى من وراء شكواه، وشكاوى المرشحين في منافسيهم أصحاب التجاوزات تحمل الكيدية، والأمر يحتاج إلى أدلة وإثباتات لوقائع الرشوة".

وفيما يخص التقارير الحقوقية من المنظمات المسؤولة عن الرقابة على الانتخابات، قال: "آراء منظمات المجتمع المدني لا يؤخذ بها، وقيل لنا إنكم متابعون ولستم مراقبين، فدور المجتمع المدني أصبح شكليًا وليس حقيقيًا ولا مؤثرًا في العملية الانتخابية".


مواضيع متعلقة