بعد مقتل طالب بسببه.. كتاب المدرسة "لا منه ولا كفاية شره"

كتب: محمد شنح

بعد مقتل طالب بسببه.. كتاب المدرسة "لا منه ولا كفاية شره"

بعد مقتل طالب بسببه.. كتاب المدرسة "لا منه ولا كفاية شره"

فناء مدرسي مكتظ عن آخره بالطلاب، ضجيجهم في وقت "الفسحة" لا ينقطع، حيث يقضون دقائق من اللهو واللعب والشجار خارج دائرة المراقبة، لحظات ويتحول الضجيج إلى صمت رهيب، والفناء المزدحم لساحة خاوية، لا ترى فيها إلا أرضها الملطخة بالدماء، ولا تسمع فيها سوى صوت الاستغاثة، هكذا يبدو المشهد الآن بمدرسة "سنباط" الثانوية التابعة لإدارة زفتى بمحافظة الغربية، بعدما سقط الطالب مصطفى منصور جثة هامدة، على خلفية مشاجرة بينه وبين زميل له، ليس سببها التدافع أو الوجبة المدرسية، وإنما كان المحرك الرئيسي لها يدعو للدهشة، فبطل الواقعة هو "كتاب المدرسة".

{long_qoute_1}

"بيتخانقوا عشان كتاب المدرسة.. غريبة والله!"، هكذا بدا التعجب والاستغراب على صوت أحمد عابدين، الطالب بالصف الثاني الثانوي، عندما علم بسبب وفاة زميله في نفس العام الدراسي "مصطفى منصور"، وتابع عابدين قائلا: "كتاب المدرسة ده من يوم ما نستلمه لا بنفتحه ولا بنشوف فيه كلمة، كل شغلنا من الملخصات الخارجية، ومذكرات الدروس الخصوصية، إنما الكتاب ده بيفضل جديد وبحالته لحد آخر يوم في السنة".

يتحدث "أحمد" عن السبب وراء عدم مذاكرة الطلاب من الكتاب المدرسي أو الاطلاع عليه، قائلًا: "الكتاب المدرسي غير مرتب، وبتوه جواه، على عكس الملخصات الدراسية والكتب الخارجية مرتبة، وبتبسط المعلومة وتشرحها بشكل وافي، ده غير إننا مبنستلمش الكتب كاملة أول السنة، وساعات يتأخر تسليم بعضها للترم الثاني".

{long_qoute_2}

بينما رأت فاطمة محمد، معلمة لغة عربية، أن حادث مقتل طالب الثانوي بالغربية فيه تقصير شديد من إدارة المدرسة، فمن المفترض وجود مشرف في الفناء المدرسي أثناء فترة "الفسحة"، منعا لوقوع الشجار بين الطلاب أو أي حوادث من هذا النوع، وفيما يخص "الكتاب المدرسي، قالت فاطمة، لـ"الوطن"، إن كتاب المدرسة هو المرجع الرئيسي للمعلم والطالب، ولا نتعامل مع الطلاب داخل الفصل إلا من خلاله، ولكن لا أظن الطلاب يتخذونه مرجعا خارج الفصل، فاعتمادهم يكون على الكتب الخارجية، "الطالب عايز السهل، وكل ولادنا بيذاكروا من الملخصات ومذكرات الدروس الخصوصية حتى طلاب الجامعة"، بحسب قولها.

{long_qoute_3}

الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي، يرى أن ما حدث لا ينبغي تفسيره على أنه مجرد مشاجرة عادية تسببت في مقتل طالب، وإنما هي دلالة على تدهور مكانة المدرسة، التي بدأت في الانهيار منذ عهد ما قبل ثورة 25 يناير، وخلال فترة حكم "مبارك" تحديدا، حيث فقدت المؤسسة التعليمية دورها، وترتب على ذلك كثير من المشكلات، فتدهورت رواتب المعلمين، فاضطروا للضغط على الطلاب من أجل الدرس الخصوصية، وتحولت المدرسة إلى مكان يمارس فيه الخطف والنهب والابتزاز وغيره.

ويتابع "مغيث" حديثه لـ"الوطن"، قائلا: "المدرسة فقدت قيمتها كمؤسسة لتعليم التلميذ وتربيتهم أيضا، عندما اختفت الأنشطة البدنية والرياضية، التي كانت مصدرا للتنافس الشريف والمحترم بين التلاميذ، وفرصة لاستغلال طاقة الشباب في ألعاب مفيدة بدنيا واجتماعيا وصحيا"، بينما رأى أن الكتاب المدرسي ليس له ذنب في التدهور، فالكتاب لم يفقد قيمته، وعزوف الطلاب عن الاستذكار منه سببه الدروس الخصوصية، والخلل الذي يصيب المنظومة التعلمية".


مواضيع متعلقة