«محطة الرمل»: ملهمة «كفافيس» التي تحولت إلى ساحة معركة

«محطة الرمل»: ملهمة «كفافيس» التي تحولت إلى ساحة معركة

«محطة الرمل»: ملهمة «كفافيس» التي تحولت إلى ساحة معركة

«من زهو الفخامة والجمال، إلى بؤس القمامة والشحاتة».. هكذا تبدل حال الميادين العامة والشوارع والطرق الرئيسية فى عروس البحر الأبيض المتوسط، لتقف ميادين القناصلة «المنشية»، ومحطة الرمل، وشوارع سعد زغلول، والبطالسة، وأبى قير، وشريف، وطريق الكورنيش، شاهدة على ضياع جمال الإسكندرية.

{long_qoute_1}

وتحتوى الإسكندرية على مجموعة من الميادين المصممة على الطراز الأوروبى، ويُعتبر ميدان القناصل «المنشية حالياً» من أقدم وأكبر ميادين عروس البحر وأعرقها، ويتوسط الميدان «الحى الخاص بالأوروبيين»، لذلك عُرف بميدان القناصل، كما عُرف أيضاً بميدان الجيوش ووضع تصميمه المعمارى فرانسيسكو مانشينى.

كان الميدان قبل إنشائه عبارة عن قطعة أرض ملك إبراهيم باشا بن محمد على باشا، ويتميز الميدان بشوارعه العريضة المستقيمة، والعقارات على جوانبه لا تتعدى الـ3 طوابق، بالإضافة لاحتوائه على عدد من المحلات ومستشفى، بالإضافة لساحة استعراضات عسكرية، لذلك عُرف بميدان الجيوش.

وصُمم ميدان القناصل «المنشية» عام 1830، يتوسطه نافورة رخامية تحيط بالمبانى تأخذ شكل البلوكات المستطيلة التى تتكون من دورين مرتفعين مزخرفة بالرسومات الأوروبية البسيطة، فضلاً على وجود محلات ووكالات تجارية كبيرة كـ«روتشمان للمجوهرات»، و«فوريلو للتصوير الفوتوغرافى»، والمقهى الفرنسى.

وتعرّضت هذه المبانى للقصف سنة 1882 من الأسطول البريطانى، ولمدة ثلاثة أيام، واقتحمت البحرية البريطانية المدينة بعد أن دمرتها بالكامل، وقُتل فى القصف قرابة الـ2000 مصرى، ولم يتبق إلا تمثال محمد على وكنيسة القديس مرقص.

وبعد انتهاء القصف أقيمت غرف خشبية للمبيت وكمحلات، ويوجد على يمين تمثال محمد على مبنى المحاكم المختلطة المعروف بـ«سراى الحقانية»، وعلى اليسار الحدائق الفرنسية، فى هيئة شريط رائع يمتد على هيئة زوايا حادة من الميدان حتى الميناء الشرقى، وعلى اليسار كنيسة القديس مرقص الأنجليكانية وبنهايته البورصة.

وقامت بلدية الإسكندرية بتطوير الميدان وإعادة تخطيطه أكثر من مرة، فقد أعدت عام 1916 مشروعاً لتوسعة الحدائق وإنشاء فسقيتين بجانب التمثال، وإعداد باكيات للموسيقى بطرفى الميدان.

وفى 2015 يمر المواطنون على ميدانى أحمد عرابى ومحمد على بمنطقة المنشية فيجدونهما وقد تحولا إلى «سوق العتبة» مصغراً، فالمنتجات مختلفة الأشكال والألوان تباع على الأرصفة بأسعار أقل بكثير من تلك الموجودة فى المحال التجارية، ومنها الألمانى والتركى واليابانى والسورى والليبى والمصرى أيضاً.

قطار «تبدل الحال» لم يتوقف عند حى القناصل، وطال أيضاً محطة الرمل، التى أنشئت مع تدشين ترام الإسكندرية على يد المهندس الإيطالى الشهير «أنطونيو لاشياك»، الذى وضع تصميماً أنيقاً وفريداً لها عام 1887، ومنذ تشييدها وهى تضج بالحياة، وفُتحت حولها محال كثيرة لتلبية رغبات ركاب الترام، وأكثرها لبيع الجرائد، وأشهرها ركن الحاج محمد الرملى المتاخم لسنترال محطة الرمل الذى يقصده الكتّاب والمشاهير. ومن بين المشاهير الشاعر اليونانى الشهير «قسطنطين كفافيس» الذى عمل وقطن فى محيط محطة الرمل، وتحول بيته إلى متحف فى شارع متفرع من شارع النبى دانيال وأُطلق عليه اسم شارع كفافيس. وكذلك الروائى البريطانى «لورانس داريل» صاحب «رباعية الإسكندرية». ولقد أثّرت المدينة وميدان محطة الرمل فى كتّاب آخرين.. كالأديب البريطانى «إى إم فورستر»، والشاعر الفرنسى «جان كوكتو». كما يظل القائد البريطانى الماريشال «برنارد مونتجمرى»، من بين أبرز من سكنوا فى محطة الرمل، وزارها نجم الروك العالمى «ألفيس بريسلى»، والروائية البريطانية العالمية «أجاثا كريستى»، وأسطورة الملاكمة العالمية «محمد على كلاى»، والنحات البريطانى العالمى «هنرى مور»، والمغنية والممثلة الفرنكو أمريكية «جوزفين بيكر». كما عاش فيها المغنى اليونانى - السكندرى الشهير «ديميس روسوس»، والأديب العالمى نجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم، والشاعر أمل دنقل، والأميرة فوزية، والملكة نازلى، ونجيب الريحانى، وليلى مراد، وعبدالحليم حافظ، وأم كلثوم، وفريد الأطرش، ومحمد عبدالوهاب، وكان يقيم فيها الفنانان التشكيليان الأخوان أدهم وسيف وانلى، وغيرهما.

ويتميز ميدان محطة الرمل بتمثال الزعيم سعد زغلول لنحات مصر الأشهر محمود مختار، والموجود بالحديقة التى كانت من قبل تحتضن مسلتى كليوباترا قبل نقلهما إلى بريطانيا والولايات المتحدة، بالإضافة لأجمل المبانى التجارية المتاخمة لمحطة الرمل، وهو مبنى الغرفة التجارية الذى صممه المعمارى الفرنسى «فيكتور لارانجير» عام 1910. وتقول هدى محمود، المحامية، (65 سنة) وإحدى قاطنات محطة الرمل: أبكى على ما حلّ بالحى من فوضى وانحدار، فمن سخرية القدر أن السائحين كانوا يلتقطون الصور التذكارية مع أمى وأبى هنا فى محطة الرمل ليعودوا إلى بلدانهم فى فيينا وإنجلترا، ويتباهوا بأنهم التقطوا الصور الفوتوغرافية فى أرقى مناطق البحر المتوسط، أما الآن فأصبحت مناطق طاردة لأهلها بسبب تدهور أوضاعها.

طرقات وشوارع الإسكندرية شاهدة على ضياع جمالها


مواضيع متعلقة