عميد الأسرى الفلسطينيين: مصر الداعم الأول لـ«القضية» ورفض الرئيس السيسي للتهجير يعبر عن التزام تاريخي تجاهها

عميد الأسرى الفلسطينيين: مصر الداعم الأول لـ«القضية» ورفض الرئيس السيسي للتهجير يعبر عن التزام تاريخي تجاهها

عميد الأسرى الفلسطينيين: مصر الداعم الأول لـ«القضية» ورفض الرئيس السيسي للتهجير يعبر عن التزام تاريخي تجاهها

لُقب بعميد الأسرى الفلسطينيين، ودخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأقدم سجين سياسى عام 2009، الأسير نائل البرغوثى والملقب بـ«أبوالنور» لم يكن عمره يتجاوز السابعة عشرة عاماً عندما تم اعتقاله للمرة الأولى عام 1977، حيث تعرض للتعنيف والتهديد على يد قوات الاحتلال، واعتقل عام 1978 لتنطق المحكمة العسكرية حكمها عليه بـ«مؤبد أمنى» و18 عاماً، وقبع فى ظلام الزنازين لمدة تجاوزت الـ33 عاماً من جديد، ورغم خروجه ضمن «صفقة شاليط» عام 2011، إلا أنه تم اعتقاله للمرة الثانية فى 2014، ليقضى 10 سنوات أخرى، ويخرج ضمن الصفقة الأخيرة، لكن مبعداً إلى خارج وطنه.

التقت جريدة «الوطن» مع الأسير المحرَّر نائل البرغوثى، والذى تحدث فى حوار مطول عن بداياته على أرضه المحتلة، وكيف نبتت بذرة المقاومة داخله رغم حداثة عمره، وكيف يتعامل الاحتلال مع الأسرى داخل السجون، وكيف يرى قضية تهجير الفلسطينيين.. وإلى نص الحوار؟

■ متى بدأت مرحلة النضال والمقاومة فى حياة نائل البرغوثى، هل يمكن أن تحدثنا عن أبرز المحطات التى شكّلت شخصية المناضل نائل البرغوثى؟

- لا نبالغ إذا قلنا إن المقاومة ضد الاحتلال بدأت قبل حتى أن نولد. فقد وُلدنا وترعرعنا على وجود لاجئين من فلسطين المحتلة عام 1948، يعيشون فى القرى والمخيمات، لا يملكون شيئاً بعدما كانوا يملكون الأرض والبيوت والتجارة، كنا صغاراً ونتساءل: من هؤلاء؟ ولماذا يعيشون بهذه الطريقة؟ وعرفنا أن السبب هو الاحتلال والظلم البريطانى والتآمر الدولى على فلسطين. هذه المشاهد والأحداث كانت أول حافز لنا، هذا ما تعلمناه وتربينا عليه فى المدارس وخلال حياتنا السياسية والعلمية. وهذا كان دافعنا الأول للانضمام إلى المقاومة ضد الاحتلال لاستعادة أراضينا وحقوقنا المسلوبة.

■ هل كانت هناك أحداث محددة شكّلت وعيك المبكر تجاه المقاومة؟

- نعم، أبرزها حرب عام 1967. ورغم أننا كنا وقتها أطفالاً، ولكنى أذكر جيداً كيف عثرنا فى قريتنا على مجموعة من الفدائيين المصريين من قوات الصاعقة، بعد أن قاتلوا خلف خطوط العدو. كانوا يوجدون فى حقول الزيتون.

عاش هؤلاء الجنود معنا فى القرية قرابة 10 أيام. كانوا يتجولون بكامل عتادهم وأسلحتهم، ورغم الهزيمة وقتها إلا أنهم كانوا يمتلكون إرادة وعزيمة لا تنكسر، كلمات قائدهم لا تزال محفورة فى ذاكرتى حيث كان يقول: «قد نهزم اليوم، لكننا سننتصر غداً.. وسنعود يا رجال.. مش هننساكم». هذه اللحظة شكّلت بدايتى الحقيقية فى الوعى النضالى.

كان أى انتصار عربى على محتل، نشعر أنه انتصارنا، وأننا سنكون قادرين على استرجاع حقنا وأرضنا من المستعمر، عشنا مرحلة حرب الاستنزاف، وتفاعلنا مع معركة الكرامة، ثم جاءت حرب أكتوبر 1973 التى شعرنا بها وكأننا جزء منها. كنا نتابع الأخبار ونشعر بأننا نعرف الجنود المصريين الذين يقاتلون. نشأنا على الوعى القومى، وتعلمنا من التاريخ أن المقاومة واجب وطنى وقومى.

كنا نشعر وكأننا نعرف هؤلاء الجنود الذين يقاتلون فى المعارك القومية، رغم أننا لم نلتقِ بهم يوماً. كان هذا الشعور حقيقياً ومتأصّلاً فى داخلنا. كنا نحس بوطنيتهم، بقوميتهم، وبإيمانهم الإسلامى، وهذا كله أصبح دافعاً عميقاً فينا، زرعه الله فى عقولنا وقلوبنا. شعرنا منذ الصغر أننا جزء من أمة واحدة، أمة يجب أن تقاوم أى مشروع استيطانى أو استعمار إحلالى، تماماً كما فعلت الجزائر، وفيتنام، وسوريا، ومصر حينما طردت كل أشكال الاستعمار من أراضيها.

كل هذه القناعات رافقتنا إلى المدرسة. كنا نشارك فى جميع الفعاليات الوطنية، نحاول إيصالها إلى زملائنا الأصغر سناً، ونتعلّم ممن يكبروننا، نستقى الوعى من كل محطة فى تاريخ أمتنا العربية.

أذكر أننا كنا نقارن بين مذبحة دير ياسين فى فلسطين، وبين مجزرة مدرسة بحر البقر فى مصر، وندرك حينها أن هذا الكيان متعطش لدماء العرب، لا يفرّق بين فلسطينى أو مصرى أو حتى تونسى.

هذا الترابط بين الأحداث والشعوب ولّد فينا قناعة لا تهتز وهى أن المقاومة هى الخيار الوحيد فى مواجهة هذا الاحتلال، الذى لا يرى فينا إلا أعداء تجب إبادتهم.

■ هل تتذكر المرة الأولى التى تم اعتقالك فيها من جانب قوات الاحتلال؟

- نعم أتذكر المرة الأولى التى تم اعتقالى فيها كان عمرى 17 عاماً وقتها بسبب اشتراكى فى المظاهرات ضد الاحتلال. واستمر لمدة 24 ساعة، ورغم أنه كان اعتقالاً قصيراً لكنه كان مليئاً بالتعذيب والتهديد، حيث ضربنا جنود الاحتلال ثم أفرجوا عنا، بعد تهديدنا.

ورغم التهديد، فقد جاء الاعتقال الثانى بعدها بأيام قليلة، إلا أن مدة احتجازى كانت أطول، إذ استمرت 18 يوماً، تخللها التعنيف الجسدى واللفظى من جنود الاحتلال، وبعد الخروج بدأنا فى الانخراط فى أعمال المقاومة والمشاركة فى المظاهرات، وخلال تلك المسيرات استطعت أن أنتزع «هراوة» (عصا) من جندى إسرائيلى خلال مظاهرة. واحتفظت بها مدة 20 عاماً، إلا أنهم اكتشفوها لاحقاً خلال اعتقال شقيقى.

ثم بعد ذلك انخرطت فى عمل المقاومة المسلحة، وانكشفت الخلية التى كنت مشاركاً فيها، وكان الحكم فى تلك القضية «مؤبد أمنى»، وهى فترة غير محددة المدة، لكن معروف أنها «مدى الحياة»، أى بلا نهاية. ويقول علماء الاجتماع وعلماء النفس العسكريون والأمنيون الإسرائيليون إن الأسير الفلسطينى يجب أن يموت فى داخل السجن ويتعفن حتى يكون رادعاً لمن بعده، ولكن هيهات.

■ كيف تطورت المقاومة الفلسطينية من وجهة نظرك؟

- شهدت المقاومة الفلسطينية تطورات سريعة، فقد بدأت بحجارة ثم بندقية صيد، واليوم أصبحت تشكل تهديداً وجودياً للاحتلال الإسرائيلى. ونحن نفتخر بأننا جزء من هذا المسار الطويل والمتراكم.

■ على مدار سنوات الأسر فى سجون الاحتلال، مَن أبرز الشخصيات التى تعرّفت عليها؟

- من الخطأ أن نُسلّط الضوء على شخص واحد وننسى من بكى وتألم وصمد بصمت. تجربتنا داخل السجون لم تكن فردية يوماً. كانت هناك قيادة جماعية تقودنا فى كل معركة، سواء فى الإضرابات أو فى التنظيمات الداخلية والإعدادات المختلفة. صحيح أن بعض الإخوة كانوا أكثر علماً أو أقدم سناً، وربما أعمق انتماءً بحكم التجربة، لكن، وأؤكد ذلك دوماً، هذه بطولة جماعية لا فردية.

هناك من استُشهد ولم يذكره الإعلام، وهناك من ذُكر اسمه كثيراً رغم أنه لم يكن بالضرورة الأفضل أو الأكثر تأثيراً. الإعلام أحياناً يُسلّط الضوء على أسماء معينة لأسباب مختلفة، لكن الحقيقة أن بطولة الأسير الفلسطينى هى بطولة جماعية.

كل أسير له سهم وبصمة فى هذا الصراع الممتد داخل السجون مع الكيان الصهيونى. قد تختلف الأدوار، وقد يزيد أو يقل التأثير من شخص لآخر، لكن فى النهاية، الجميع شريك فى هذا التاريخ.

وأتمنى أن تنقل الصحافة هذه الحقيقة كما هى: أن البطولة داخل السجون لم تكن لأفراد بل لجماعة بأكملها. يجب أن يُروى هذا النضال على أنه نضال جماعى، كى لا يُظلم من قدّم الكثير فى الظل.

■ حدِّثنا عن أبرز أشكال المقاومة للأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال؟

- الأسرى الفلسطينيون يخوضون معارك مستمرة، نحقق فيها انتصارات أحياناً، ونُخفق أحياناً أخرى. لكن الأهم أن الانتصارات كانت تراكمية. لم تكن نتائج لحظية، بل ثمرة صبر طويل ومعارك متتالية.

وبسبب مقاومتنا للاحتلال داخل السجون، بدأنا نلمس تغيرات مثل: السماح لنا بورقة وقلم لنكتب رسائل لأهلنا، أو إدخال كتب، أو تحسين نوعية الطعام، أو توفير فراش ومخدة. حتى الاستماع للراديو كان مطلباً كبيراً.

هل يمكن أن يتخيل أى شخص أن الفترة من عام 1967 حتى 1984 لم يكن هناك أى جهاز راديو داخل الأسر، كنا معزولين تماماً عن العالم. كل ما يصلنا من أخبار كان عبر نشرات مشوهة ومفلترة تبثها الأجهزة الأمنية بهدف إحباطنا.

ورغم بساطة هذه المطالب، إلا أننا كنا ننتزعها من خلال الاحتجاجات والإضراب، ورغم أن الاحتلال كان يستجيب لتلك المطالب، وعندما شعروا أن الأسرى حققوا الكثير، كان ردهم انتقامياً. صادروا معظم ما تم تحقيقه، وعادوا لأساليب قمعية قاسية جداً، تجاوزت كل المفاهيم الإنسانية. وعدنا نحن إلى صراع يومى من أجل البقاء، بين الجوع وسوء المعاملة والتعذيب الجسدى والنفسى المستمر. وليس مبالغة. كنا نعيش بين الألم والأمل، بين الظلم والصمود، فى معركة لا تتوقف.

■ متى علمت بوجود اسمك ضمن صفقة التبادل الأخيرة؟

- كنا متأكدين أن إخواننا لن يتركونا، وخلال السنوات الماضية حتى قبل السابع من أكتوبر 2023، كانت هناك مفاوضات للإفراج عن الأسرى، وكنا على رأس مطلب التحرر، وبعد أن وردت الأخبار بعملية طوفان الأقصى، علمنا بشكل تلقائى أن هذا سيكون للضغط من أجل تحرير الأسرى، وأن خروجنا سيكون آجلاً أو عاجلاً، وباعتبارى كنت محرراً فى 2011، لذلك فإن الإفراج عنى ومعى نحو 47 أسيراً آخر من محررى «صفقة وفاء الأحرار»، سيكون «تحصيل حاصل».

لكن بعد السابع من أكتوبر، أصبح الأسرى الفلسطينيون عموماً معزولين تماماً عن العالم، فضلاً عن تعرضهم للتعنيف والتعذيب الجسدى والنفسى، والكثيرون من المحررين عرفوا أن أسماءهم ضمن الدفعات قبل الخروج بساعات قليلة فقط.

■ كيف تلقيت خبر أن الإفراج عنك سيقترن بإبعادك عن وطنك؟

- تم إبلاغى بموعد خروجى من المحامى، كما أبلغنى أننى مبعد خارج فلسطين، وهو ما كنت أرفضه بشدة وكنت أفضل البقاء فى السجن داخل وطنى على الخروج، ولكن قبلت لاحقاً حفاظاً على مصالح أهلنا فى غزة، بعد أن تم إخبارى أن رفضى كان سيضر بغيرى، وسيؤثر على دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

منذ 7 أكتوبر فقدت 25 كيلو من وزنى وبعض الأسرى فقدوا ..70 ونحلم أن تعود للأئمة وحدتهافى وجه كل استعمار وبطولة الأسرى الفلسطينيين »جماعية وليست فردية«

■ أفادت الكثير من التقارير الحقوقية بزيادة الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين على يد جنود الاحتلال، فما صحة ذلك؟

- منذ السابع من أكتوبر 2023، زادت شدة الهجمات التعذيبية سواء النفسية أو الجسدية على الأسرى، حيث كان جنود الاحتلال يهاجمون الأسرى بالكلاب داخل الغرف، وبالهراوات والضرب الشديد والمبرح، والغاز، فضلاً عن التجويع الممنهج، وكأنهم يحاولون كسر إرادة الفلسطينيين، وأنا شخصياً فقدت أكثر من 25 كيلو من وزنى، وبعض الأسرى فقدوا أكثر من 70 كيلو، وذلك وفق ما تم تسجيله فى كشوف سجون الاحتلال.

■ لجوء الاحتلال لإبعاد الأسرى أو رموز المقاومة إلى الخارج، هل تعتقد أنه جزء من مخطط التهجير؟

- بالطبع، هذه النقطة لا جدال فيها. منذ بدء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية وهو يسعى لإبعاد كل شخص مؤثر فى محيطه، سواء بقرية، بمدينة، أو حتى فى مخيم. حتى يتمكن من تفريغ أرض فلسطين من أهلها ويخلق فراغاً، لكنّه واهم.

■ هل يمكن أن ينجح الاحتلال فى تهجير الفلسطينيين؟

- بالتأكيد لا، على الرغم من نزوح آلاف الفلسطينيين خلال الفترة الماضية، سواء فى الضفة الغربية أو قطاع غزة، إلا أن ما لا يدركه الاحتلال أن بسبب أفعاله فإن الأجيال الجديدة أكثر تمسكاً بهذه الأرض، حتى أكثر من آبائهم وأجدادهم. ويجب أن نؤكد أن الفلسطينيين متجذرون فى أرضهم.

إسرائيل لن تنجح فى التهجير.. وأفعالها جعلت الأجيال الجديدة أكثر تمسكاً بالأرض.. ورسالتى «لا خيار سوى المقاومة مهما كلفتنا»

■ هل يمكن أن ترى الأمل رغم التضييقات فى الضفة والحرب على غزة؟

- طبعاً هناك أمل. الفلسطينى سوف يظل ثابتاً، يرفع علامة النصر، وسوف يأتى اليوم الذى نعود فيه إلى الوطن، لأن فلسطين ليست قضية الشعب الفلسطينى فقط، بل هى قضية توحد كل الأمة العربية والإسلامية.

■ كيف ترى مستقبل القضية الفلسطينية فى ظل التوافق الأمريكى - الإسرائيلى فى التعامل مع المقاومة فى ظل حكم ترامب، سواء فى غزة أو الضفة؟

- أنا مؤمن تماماً بأن القضية الفلسطينية تسير نحو الانتصار، والنصر قادم لا محالة. وأن الهجوم الشرس والعنيف من جيش الاحتلال على قطاع غزة أو الضفة الغربية، يعكس حجم الخوف الذى يشعر به. وهذا الرعب يسكن الولايات المتحدة وإسرائيل وكل قوى الظلم ضد صمود الشعب الفلسطينى. وقد بات واضحاً للعيان أن كيان الاحتلال مجرد فقاعة مصيرها الانفجار والزوال، إن عاجلاً أو آجلاً.

أما بالنسبة لأمريكا، فهى تدعم الاحتلال، إلا أنها مهزومة فهى لم تنجح فى الانتصار فى أى حروب خاضتها من بعد الحرب العالمية الثانية. فقد انهزمت فى فيتنام، وكوبا، والعراق، ولا تزال الهزائم مستمرة، ويجب أن نعرف أن الولايات المتحدة ليست دولة مبادئ، هى أشبه بشركة تجارية، موجودة فى السوق طالما هناك مصلحة، لكنها ليست دائمة.

■ هل ترى أن نقض الاحتلال لاتفاقية وقف إطلاق النار والهجوم على غزة بداية لشىء أوسع؟

- بالطبع، ما يحدث فى غزة ليس فى معزل عما يحدث فى الضفة الغربية أو الدول المجاورة، بل هو مقدمة لهجوم أشمل. إنهم لا يرغبون فى أى شراكة سواء عربية أو غيرها، بل إنهم يحاولون أن يضعوا الدول العربية ومنها مصر والأردن فى وجه العالم، وأنا متأكد أن الأمة لن تقبل بهذا، وهو ما نشاهده فى الدعم الشعبى الكبير حول العالم للقضية الفلسطينية ودعمها.

وهذه المخططات ليست وليدة اللحظة، أو بسبب أحداث طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر 2023، بل بدأت منذ تسعينات القرن الماضى، كانت هناك محاولات لفرض هيمنة إسرائيلية واقتصادية وثقافية على المنطقة، خاصة بعد اتفاقيات أوسلو. وأنا متأكد أن مصر كانت ولا تزال تقف حجر عثرة فى طريق الاحتلال الإسرائيلى. وهى لن تقبل أن تكون تابعة لكيان هش وزائل.

■ كيف ترى موقف الرئيس السيسى من القضية الفلسطينية والتهجير ودور مصر منذ السابع من أكتوبر؟

- موقف الرئيس عبدالفتاح السيسى تجاه القضية الفلسطينية هو موقف وطنى وعربى مشرف، يعكس احترامه لشعبه ولأمته، وحرصه على كرامة الإنسان العربى أينما كان. رفضه القاطع لتهجير الفلسطينيين ليس مجرد موقف سياسى، بل تعبير عن التزام تاريخى وأخلاقى، فكيف لمصر أن تقبل بتهجير شعب يعيش نكبة منذ عام 1948؟

مصر كانت دوماً سنداً حقيقياً لهم، تدعم صمود الفلسطينيين على أرضهم، وتُعزز حقهم فى العودة والتحرير. هذه ليست كلمات، بل مواقف تتجسد على الأرض فى المواقف والتحركات المصرية منذ 7 أكتوبر حتى الآن.

■ رغم أنك قضيت 33 عاماً متصلة خلف قضبان الاحتلال، لكنك خرجتَ وتزوجت من السيدة إيمان نافع، التى تعرّفتَ عليها بطريقة غير مألوفة، فكيف نشأت العلاقة بينكما رغم كل القيود والعزلة؟

- «النصيب» قادر على جمع الأرواح قبل الأجساد، فعندما يرى الله روحين متوافقين، فإنه يجمع بينهما، حتى لو لم يلتقيا. فقد شاهدت زوجتى لأول مرة على شاشة التلفاز عام 1987، خلال وجودها فى الأسْر ونقلها من سجن لآخر، وطلبت من عائلتى طلبها للزواج، وبعد نحو 17 عاماً تحدثنا معاً للمرة الأولى فى 2004.

ومن 2004 لـ2011 كنت أعِد زوجتى بكلمتين فقط أننا سنجتمع معاً، والحمد لله تحقق الوعد وتزوجنا فى نوفمبر 2011. ورغم السنوات، ظلت العاطفة تكبر وتكبر.. وكان الأمل موجوداً طول الوقت.

وكان لدىّ يقين كامل وثقة بالله لم تهتز، حتى وأنا داخل السجن، كنت أرى زوجتى فى الأحلام، كنت أشعر أن الله يرسل لى إشارات أنها هى رفيقتى الأبدية. وأشعر أن قصتنا ستكون أقوى من أى فيلم، لأنها ليست من الخيال.. بل هى حقيقة.

■ ماذا فعلت خلال الفترة التى حصلت فيها على حريتك ما بين 2011 و2014؟

- كانت من أجمل فترات حياتى، عدت لكتبى ولأرضى، ولزراعتى. فأنا فى الأصل فلاح، لكن الزراعة بالنسبة لى ليست مجرد مهنة، بل أحد أنواع المقاومة، فزراعة الزيتون والورود ليست فقط لإعمار الأرض، لكنها أيضاً إعمار للروح.

■ ماذا تعنى تحديداً بأن «الزراعة مقاومة»؟

- عندما أزرع شجرة زيتون، أشعر أننى أُخلِّد وجودى على الأرض، غداً «أحفادى هيقولوا: دى الشجرة إللى زرعها جدى». نحن نحارب من أجل الأرض، ونحبها بنفس القدر الذى نقاوم فيه.

■ فى النهاية ما رسالتك للأجيال المقبلة؟

- رسالتى للأجيال الفلسطينية المقبلة، أنه لا خيار سوى المقاومة، مهما كلّفتنا، فعدونا لا يعرف إلا منطق القوة. ومصر، بقيمتها وتاريخها، يجب أن تبقى القائدة والداعمة لقضايا أمتنا. نحلم أن تعود أمتنا لوحدتها الحقيقية، وأن نكون يداً واحدة فى وجه كل استعمار.

معاناة الأسرى من التعنت الإسرائيلى

على مدار العام والنصف الماضى عانى الأسرى الفلسطينيون من تعنت الاحتلال، حيث يتعرضون للضرب المبرح، وخلال فصل الشتاء كانوا يتعمدون فتح الشبابيك على مصراعيها، وسحب كل ما يمكن أن يغطى تلك النوافذ حتى أكياس البلاستيك، ولم يمنح الأسرى سوى بعض البطاطين الرقيقة التى لا يمكن أن تغنى عن البرد. ولكن فى المقابل يجب أن نؤكد أن الأسرى الفلسطينيين مؤمنون بعدالة قضيتهم وأهدافهم أمام دولة محتلة، ونحن نتسلح بالإيمان والتوكل على الله.

الكواليس الأخيرة داخل السجون

بالنسبة لى فإن الدفعة التى خرجت فيها، تم تأجيل الإفراج عنها لمدة أسبوع، وهو ما جعلنا نعانى من الكثير من التعنيف. وصباح يوم الإفراج، كان حقد جنود الاحتلال شديداً، لذلك قاموا بضرب الأسرى بشكل وحشى، والكثيرون تعرضوا للكسور والتعذيب الوحشى، خاصة فى آخر أيام الإفراج، كانوا يحاولون قمع فرحتنا بأى وسيلة، وأنا شخصياً تعرضت لكسر 4 أضلع.


مواضيع متعلقة