هكذا يقع الشباب ضحية لـ«الشابو».. خبراء يكشفون طبيعته وآثاره المدمرة

هكذا يقع الشباب ضحية لـ«الشابو».. خبراء يكشفون طبيعته وآثاره المدمرة
«الشابو» ذلك المخدر الذى حوَّل شباباً، كان يُفترض أن يمثلوا إضافة للمجتمع، إلى قوة مُدمرة لأنفسهم ومَن حولهم، وارتبط اسمه بجرائم قتل بدم بارد، قطع فيها الجناة رؤوس ضحاياهم دون أن يرمش لهم جفن، ناهيك عن جرائم بشعة أخرى قاسمها المشترك العدوان والعنف، هو أحد أنواع المخدرات المعروفة بـ«التخليقية».
والمخدرات التخليقية، حسبما تشرح الدكتورة إيناس الجعفراوى، أستاذ الكيمياء الحيوية بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، هى مخدرات ليست من أصل نباتى، ويتم تصنيعها أساساً فى المعامل، حيث تعتمد بشكل أساسى على الكيمياء.
وعن تاريخ الشابو تحديداً، تروى أستاذة الكيمياء الحيوية، أنه صُنع فى اليابان منذ زمن طويل، واستخدمه الألمان فى الحرب العالمية الثانية قبل أن يعرفوا آثاره السلبية المدمرة: «كانوا بيدوه للطيارين عشان يساعدهم على السهر، ويخلى الشخص عنيف ويقوّى قلبه، لكن لم يستمر الأمر طويلاً وسرعان ما ظهرت آثاره السلبية، إذ إن الأشخاص الذين حصلوا على هذه المواد دخلوا المستشفيات للعلاج من أمراض نفسية وصحية أُصيبوا بها».
أما عن الخريطة الزمنية لانتشار المخدرات التخليقية حديثاً فى العالم، ووصولها إلى مصر، فتقول «الجعفراوى»: «كل هذه المواد بدأت فى الظهور بشكل متنامٍ ابتداء من عام 2004 فى أوروبا، و2008 فى أمريكا، وظهرت أخيراً فى مصر عام 2011 وتم تجريمها فى 2014».
وتوضح أستاذ الكيمياء أن المخدرات التخليقية، ومنها الشابو والفودو والاستروكس، كلها تؤثر بشكل سلبى على خلايا المخ وعمله الطبيعى، كونها تحاول القيام بالوظائف الطبيعية للمخ، وبالتالى ينتج عنها آثار سلبية صحية ونفسية.
«جبريل»: الشباب يتعاطاه للحصول على تأثير أعلى و«الآيس» يجعل سلوك الإنسان عنيفاً وعدوانياً
وعن سبب لجوء البعض للمخدرات التخليقية، ومنها الشابو، تقول الدكتورة نسمة جبريل، مدرس الكيمياء الحيوية: «بيحاولوا يلاقوا حاجة ليها تأثير أعلى، بعدما يكون مخدر مثل الحشيش أصبح أقل تأثيراً بالنسبة لهم»، موضحة أن «المواد التخليقية» تنقسم إلى أكثر من نوع، منها منشط وآخر مهدئ.
تتنوع طرق تناول الشابو والمخدرات التخليقية، بحسب «جبريل»: «سواء عن طريق الاستنشاق أو البلع أو التدخين أو الحقن»، أما عن الأعراض فتتمثل فى فقدان الشهية وزيادة ضربات القلب ودرجة حرارة الجسم، فضلاً عن زيادة ضغط الدم وحروق الأصابع والشفاه، بجانب تعفن اللثة وتقرحات الجلد، وهى تأثيرات تتوقف على حسب نوع المادة وكميتها.
يختلف مُعدل ظهور التأثيرات على الإنسان فيما بين المخدرات الطبيعية والتخليقية، إذ تؤكد «جبريل» أن تأثيرات المواد التخليقية تظهر بشكل أسرع من المخدرات الطبيعية، وبالنسبة للشابو أو الآيس فإنه يجعل سلوك الإنسان عنيفاً وعدوانياً، ودائماً ما يشعر أن كل مَن حوله ضده نتيجة الهلاوس السمعية والبصرية التى يسببها.
وأكدت «جبريل» أنه يتم تصنيع هذا المخدر محلياً فى معامل صغيرة وبخامات سهلة ومتداولة فى كل مكان، وبالتالى فإن أسعاره «رخيصة»، والطلب عليه كثير. ومن ناحيته، أوضح الدكتور مجدى على، المستشار بقسم بحوث كشف الجريمة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن «الشابو» الذى يتكون من مادة «ميثامفيتامين» يُعتبر من المخدرات المنشطة التى تُنشط الجهاز العصبى بطريقة زائدة، ويظهر تأثيره بوضوح فى القلق والتوتر الشديد والشد العصبى، كما يتسبب فى زيادة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم واضطراب فى النوم ويؤدى للوفاة، وهو -ككل أنواع المخدرات- يساهم فى تدمير المجتمعات والقضاء على الأيدى العاملة، ويُعتبر مصدراً لانتشار الأمراض إذا تم استخدامه عن طريق الحقن. أما الدكتور عبدالرحمن حماد، استشارى الطب النفسى، ففسَّر انتشار مخدر الشابو مؤخراً بتغيُّر ما وصفه بـ«ثقافة التعاطى» فى السنوات الأخيرة، قائلاً: «حتى عدة سنوات مضت كانت تنتشر عندنا ثقافة تعاطى المواد المهبطة كالحشيش والترامادول والهيروين، لكن من حوالى 5 سنوات تنبأت باحتمال دخول ثقافة مواد جديدة من المخدرات وهى ثقافة المخدرات المنشطة، وأهمها الآيس أو الميث المشهور باسم الشابو، وهو ما حدث بالفعل».
«ثقافة تعاطى الشابو مختلفة تماماً»، وفق «حماد»، «ففى حين يشعر متعاطى الترامادول والهيروين بالنشوة والميل للنوم والتسقيط وعدم الإحساس بالألم وبطء التفكير والخدر، يشعر متعاطى الآيس أو الشابو بالنشاط والحيوية واليقظة وشدة الانتباه وعدم الرغبة فى النوم والاستيقاظ لأيام والرغبة الجنسية العالية والهيبرة والإحساس بالقوة المفرطة وجنون العظمة».
وعن المحافظات الأكثر استخداماً للشابو والمخدرات التخليقية، أكد «حماد» أن هذه الحالات ظهرت أغلبها فى الصعيد، وتحديداً محافظة سوهاج، وبعدها بدأ الأمر ينتشر فى المحافظات الأخرى.
وعرَّف «حماد» الشابو أو الآيس أو الميث أو الكريستال أو السبيد، قائلاً: «كلها مسميات لمخدر واحد هو الميثامفيتامين والذى يندرج تحت فئة المخدرات المصنعة أو المخلقة».
وإجابة عن سؤال «كيف يؤثر الميث على المخ؟»، قال الدكتور عبدالرحمن حماد: «إن الميث يزيد نسبة الدوبامين، والدوبامين له علاقة بحركة الجسم والدافعية ومركز المكافأة، وزيادة الدوبامين فى مركز المكافأة فى الدماغ تجعله يكرر التجربة أكثر من مرة فى تعاطى المخدر ومن ثم التعود عليه وإدمانه، ويحدث الإدمان من مرات قليلة».
وأوضح أن استخدامه يؤثر على الحكم على الأمور واتخاذ القرار، قائلاً: «بيخلى الأشخاص يعملوا سلوكيات شديدة الخطورة، كما أن استمرار التعاطى لفترة طويلة يؤدى لتغير فى إفراز الدوبامين، ويؤثر على تناسق الحركة ويسبب مرض الشلل الرعاش»، أما الخطورة الأكبر، بحسب استشارى الطب النفسى، فهى أن الجرعة الزائدة منه غير متوفر لها مضاد، وغالباً ما تؤدى إلى حدوث جلطة دماغية أو نوبة قلبية أو مشاكل جسيمة فى أجهزة الجسم مثل الكلى أو الرئتين».