شهادات حية على جريمة إسرائيل رغم مرور 55 عاما.. آلام «بحر البقر» لا يمحوها الزمان

شهادات حية على جريمة إسرائيل رغم مرور 55 عاما.. آلام «بحر البقر» لا يمحوها الزمان
تحل اليوم الذكرى الـ 55 لمجزرة «بحر البقر»، حيث قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مدرسة بحر البقر بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية في صباح الثامن من أبريل عام 1970، فقتلت طلاب العلم الصغار، واختلطت دماؤهم بكتبهم وأدواتهم، وأثاث مدرستهم في جريمة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية أودت بحياة 30 طفلاً، وإصابة 50 آخرين بجروح وإصابات بالغة وتدمير المدرسة بالكامل.
متحف شهداء بحر البقر يخلد ذكرى العدوان الغاشم
المجزرة التي ارتكبت بحق الأطفال الصغار سجلها التاريخ جريمة إنسانية لا تسقط بالتقادم، وبقيت صور الأطفال أثناء تلقي العلاج وألعاب «دميات»، قطعت رؤوسها، وسبورة وتخت مُحطمة، وكشاكيل تمزقت صفحاتها ولطخت بالدماء، تم الاحتفاظ بها داخل متحف شهداء بحر البقر، دليلا شاهدا على واحدة من أبشع جرائم الاحتلال الإسرائيلي.
أحد المصابين يروي تفاصيل المجزرة الإسرائيلية
في صباح يوم 8 أبريل 1970، كان يوما عاديا استيقظت من النوم مُبكرا، وتناولت الإفطار وقبل أن أٌغادر مٌرتديا «المريلة» الزي المدرسي، سارعت والدتي بإعطائي ساندوتش «جبنة»، مُضافا له شرائح الطماطم، ووضعته داخل حقيبتي المصنوعة من القماش.
يضيف أحمد الدميري، أحد المصابين في المجزرة الإسرائيلية آنذاك في تصريحات خاصة لـ«الوطن»: «توجهت إلى منزل صديقي أحمد عبدالعال الذي كان يبعد عن منزلنا مسافة قليلة، فقد اعتادنا للذهاب إلى المدرسة معا، كنا نضحك في الطريق ونتحدث عن حل الواجبات المدرسية، لم أعلم أن هذا سيكون الوداع الأخير، ولن أرى صديقي مجددا بعدما قتل على يد الغدر الصهيونية».
وتابع: «بدأ اليوم الدراسي عاديا ودخلنا الفصول، وأثناء جلوسي في التختة سقط قلمي الرصاص، وانحنيت لأخذه، وفي هذه الأثناء حلق الطيران الإسرائيلي على مسافة قريبة من المدرسة، وكان الصوت قريبا جدا، وخلال ثوانٍ معدودة سرعان ما تم قصف المدرسة، ولم أشعر بشيء بعد ذلك»، لافتا إلى أنه أصيب في الرأس، ودخل في غيبوبة وجرى نقله إلى المستشفى لتلقى العلاج، ليستمر في الغيبوبة لمدة شهر، ثم عاد إليه الوعي، وكانت الصدمة التي تلقاها هي علمه بوفاة صديقه أحمد عبد العال.
أحد المصابين يروى زيارة الرئيس السادات
وقال سيد عبد الرحمن، أحد المصابين في المذبحة في تصريحات خاصة لـ«الوطن»، إنه أصيب في القصف الإسرائيلي، وجرى نقله مع زملائه إلى مستشفى الحسينية، وأثناء تلقيهم العلاج زارهم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وكان نائب رئيس الجمهورية آنذاك، كما زارتهم الفنانة أم كلثوم، مٌضيفا أنه بعد تماثله للشفاء هو وزملائه تم اصطحابهم إلى نادي الجزيرة بالقاهرة لدعمهم نفسيا وترفيهيا لمساعدتهم على تجاوز آثار العدوان الذي تعرضوا له، وبعد ذلك تم تقسيمهم إلى مجموعات للسفر إلى دول أوروبية لعمل رحلات ترفيهية من جهة، ونقل ما حدث لهم للعالم من جهة أخرى، لبيان مدى بشاعة الاحتلال الإسرائيلي، لافتا إلى أنه كان من ضمن المجموعة التي سافرت إلى بلغاريا فيما توجهت مجموعات أخرى إلى ألمانيا الشرقية والاتحاد السوفيتي.
نصب تذكاري بقرية بحر البقر
قال مجدي البقري، مٌعلم بمركز الحسينية، إن المدرسة التي تعرضت للقصف أٌعيد بناءها وتطويرها مرة أخرى، وتحمل اسم شهداء بحر البقر، وتم عمل نصبا تذكاريا بقرية بحر البقر 1، يحمل أسماء الشهداء الذين راحوا ضحية لهذه المجزرة البشعة، بالإضافة إلى تخصيص متحف يضم ما تبقى من مقتنيات الطلاب وصورهم أثناء تلقي العلاج.
وأضاف أنه علم من أحد الأشخاص الذين عاصروا الواقعة، أن القصف هزت القرية بأكملها، لأن الطائرات كانت قريبة من المباني واستهدفت المدرسة بشكل مٌباشر، ولم يخلو منزل آنذاك من شهيد أو مصاب.
وضع إكليلاً من الزهور على النصب التذكاري لشهداء مدرسة بحر البقر
وكان المهندس حازم الأشموني محافظ الشرقية وضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري لشهداء مدرسة بحر البقر الابتدائية بمركز الحسينية إحياءاً لذكرى مذبحة البقر.
أوضح المحافظ أن إحياء ذكرى شهداء مذبحة بحر البقر يُعد عرفاناً بالجميل لما قدمه هؤلاء الأطفال الذين لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا في مدرستهم ينالون قسطاً من العلم والمعرفة، ليسقطوا شهداء لمذبحة بشعة قام بها العدوان الإسرائيلي وتخليداً لذكراهم الطيبة.