محمود محيي الدين: المنطقة تواجه آثارا عميقة لحرب تجارية عالمية

محمود محيي الدين: المنطقة تواجه آثارا عميقة لحرب تجارية عالمية
كشف الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمم المتحدة لتمويل أجندة التنمية 2030، عن التداعيات العميقة التي تخلّفها الحرب التجارية العالمية الراهنة، مؤكدًا أن تأثيراتها المباشرة تطال دول الإقليم، خاصة تلك التي تعتمد على الاقتصاد التجاري والسياحة.
التجارة والاستثمار السياحي
وقال محيي الدين، خلال مداخلة عبر «سكايب» في برنامج «كلمة أخيرة» الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي على قناة ON: «الأهم في هذه المرحلة هو دراسة تأثير تلك الحرب على اقتصاديات المنطقة من خلال مؤشرات واقعية مثل التضخم والبطالة، لا سيما أن اقتصاداتنا تعتمد على التجارة والاستثمار السياحي، وهي قطاعات حساسة أمام التقلبات العالمية».
وحول ما يُعرف بـ«الفوضى الخلاقة»، قال محيي الدين: «هناك من يتحدث عن الفوضى الخلاقة، لكنني شخصيًا لا أؤمن بهذه الفكرة، فهي شائعة خاطئة، المفهوم الأصلي مأخوذ من «التدمير الخلاق» الذي طرحه أحد كبار الاقتصاديين، لكنه لا ينطبق على واقعنا السياسي أو الاقتصادي».
وأضاف أن الأزمة الحالية بدأت بفرض رسوم جمركية، تزامنًا مع سياسات تحد من حرية حركة العمالة وتقلّص الهجرة والمساعدات الإنمائية، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على الدول النامية، «على سبيل المثال، جنوب السودان تعتمد على المساعدات الدولية لتغطية نصف ميزانيتها، بعكس مصر التي تركز على المعونات الفنية وتشجيع القطاع الخاص».
كما توقّع محيي الدين مراجعات داخل المؤسسات الدولية في المستقبل القريب، موضحًا: «غياب المواقف الحاسمة من جانب العاملين في المؤسسات الدولية هذه المرة مثير للانتباه، قد يكون الصمت بدافع الخوف على المناصب أو مستقبل المؤسسات، لكن لا مفر من إجراء مراجعة شاملة وجادة في نهاية المطاف».
تذبذب السياسات الجمركية
وفيما يخص سياسات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، أشار إلى أن الحرب التجارية كانت أحد العوامل الأساسية وراء تردد الفيدرالي في اتخاذ قرارات جديدة: «رغم تلميحات رئيس الفيدرالي إلى أن الأزمة قد تكون عابرة، فإن تذبذب السياسات الجمركية جعله يتريث في قراراته».
وفيما يتعلق بتأثير هذه التغيرات على اقتصادات الشرق الأوسط، خاصة تلك المرتبطة نسبيًا باستقرار سعر الصرف وتكلفة التمويل، شدّد محيي الدين على أهمية الحذر: «البنوك المركزية وصناع القرار النقدي في المنطقة يجب أن يتحلوا بأقصى درجات التحوّط، فالتقلبات الحالية قد تؤدي إلى تذبذب في أسعار الصرف، وحتى الذهب، باعتباره ملاذًا آمنًا، لم يسلم من هذه التحركات المفاجئة».
واختتم الدكتور محمود محيي الدين حديثه بالتأكيد على أهمية وجود سياسات اقتصادية أكثر احترافية: «الفترة الحالية تتطلب تنسيقًا غير مسبوق بين السياستين المالية والنقدية في دول المنطقة، أكثر من أي وقت مضى».
وأشار إلى أن العالم يواجه فراغًا خطيرًا في النظام الدولي، نتيجة لتراجع التعاون الاقتصادي والدبلوماسي، قائلًا: «العالم يعيش اليوم دون غطاء تأميني حقيقي. السياسات الدولية، وعلى رأسها تلك التي تنتهجها الولايات المتحدة، سمّمت البيئة العالمية للتعاون. لم تعد واشنطن تقوم بدور الشرطي الدولي أو رجل الإطفاء العالمي كما اعتدنا».
وأضاف: «في حال اندلاع أزمة أو تفشي جائحة، لن نشهد نفس الاستجابة الدولية الجماعية كما في الماضي. لقد تغيّرت ملامح النظام العالمي، وهذا يترك فراغًا خطيرًا على مستوى الحوكمة الدولية».